الدول العربية, التقارير, تونس

تونس.. ناشط مؤيد للرئيس يؤكد ضرورة الفصل بين السلطات (مقابلة)

فوزي الدعاس الناشط بمجموعة "التفكير والعمل" المؤيدة للرئيس سعيد: اتفقنا على اعتماد الديمقراطية الأفقية المباشرة وأتينا بتصور جديد هو الانتخابات على الأفراد في أضيق الدوائر لتفرز مجالس محلية ثم جهوية

28.06.2022 - محدث : 28.06.2022
تونس.. ناشط مؤيد للرئيس يؤكد ضرورة الفصل بين السلطات (مقابلة) Print

Tunisia

تونس / عادل الثابتي / الأناضول

** فوزي الدعاس الناشط بمجموعة "التفكير والعمل" المؤيدة للرئيس سعيد:

ـ اتفقنا على اعتماد الديمقراطية الأفقية المباشرة وأتينا بتصور جديد هو الانتخابات على الأفراد في أضيق الدوائر لتفرز مجالس محلية ثم جهوية
ـ الرئاسة تتعامل مع الأجسام الوسيطة (أحزاب ونقابات) في الحوار (الوطني).. وهذه التنظيمات تعيش تآكلا من الداخل وعليها تجديد نفسها
ـ البلاد في أزمة.. من حق اتحاد الشغل ممارسة الإضراب ونرجو ألا تتخذ الإضرابات صبغة سياسية وأن تكون ذات سقف نقابي حقيقي
ـ الأهم من أن يكون نظام الحكم رئاسيا أو برلمانيا هو أن نذهب في خيار ديمقراطي فعلي يكون فيه توازن بين السلطات حتى لا تطغى سلطة على أخرى

أعرب فوزي الدعاس الناشط بمجموعة "التفكير والعمل" المؤيدة للرئيس التونسي قيس سعيد، عن أمله معالجة الأزمة السياسية في البلاد بعد الانتخابات البرلمانية المبكرة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وأكد ضرورة اعتماد نظام حكم ديمقراطي يضمن التوازن بين السلطات، وألا تطغى سلطة على أخرى.

ومنذ 25 يوليو/ تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة حين بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.

كما قرر إجراء استفتاء شعبي على دستور جديد للبلاد في 25 يوليو المقبل، وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر القادم.

وتقول قوى تونسية إن هذه الإجراءات "انقلاب على الدستور"، بينما ترى فيها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، أما سعيد فاعتبر أنها "تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم"، وشدد على "عدم المساس بالحريات والحقوق".

وقال الدعاس، في مقابلة مع الأناضول، إن عمله في مشروع الرئيس سعيد بدأ ضمن "مجموعة التفكير والعمل" التي تأسست حوله منذ اعتصام "القصبة 2" أمام مقر الحكومة بالعاصمة (فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2011) المنادي بإسقاط النظام.

وفي 14 يناير/ كانون الثاني 2011، أطاحت احتجاجات شعبية بنظام حكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).

وأوضح الدعاس أن "الفكرة انطلقت مع بداية حلمنا الثوري في 2011، كنا نتقاسم فكرة واحدة وهي أننا دخلنا عصرا جديدا صبغته ثورة تكنولوجية كبيرة جدا غيرت كثيرا من المفاهيم والمعطيات".

وأضاف أن "ما حدث في تونس هو أن التحركات صارت خارج الأطر الكلاسيكية للتنظيمات الموجودة".

واستدرك: "دون نكران أن هذه التنظيمات انخرطت في الحركة الاحتجاجية، ولكن لم تكن على رأس التحركات إنما التحقت بالحركة الاحتجاجية التي كان يقودها الشباب في معظمها سواء من داخل تنظيمات معينة أو من خارج التنظيمات دون الانضباط الكلي لمفهوم التنظيم والهيكلة العادية والكلاسيكية".

واعتبر الدعاس أنه "منذ 14 يناير 2011 بدأت المناورة بين النظام السياسي القائم والجماهير الشعبية الموجودة في الشارع، حيث تمّ اعتماد دستور 1959 لسد الشغور على رأس السلطة التنفيذية وتشكيل حكومة وحدة وطنية".

وتابع أن "هذا خيار ذهبت فيه مجمل الأطراف السياسية وبعض المناضلين القدامى شاركوا في هذه الحكومة، إلا أن الحدث الآخر الأهم كان من الشبيبة التي جاءت من الدواخل (للاعتصام في القصبة) في كسر لمركزية القرار والسلطة".

وأردف: "وكان الانطلاق من (منطقة) منزل بوزيان (في ولاية سيدي بوزيد- وسط)، حيث قررت مجموعة صغيرة من الشباب القدوم إلى العاصمة مشيا على الأقدام رفضا لهذه المناورة السياسية التي اعتبروها عملية سطو على ثورتهم التي لم تكتمل".

وشدد على أن "المسألة لا تتعلق بإسقاط رأس النظام، بل بإسقاط كل النظام بجل خياراته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".

واعتبر أن "هذا الحدث حرك الجهات الأخرى ونجحت الشبيبة في إعادة تنظيم اعتصام القصبة 2 وفرض مجموعة من الخيارات".

** الديمقراطية الأفقية

وقال الدعاس إنه "خلال اعتصام القصبة 2 تشكلت مجموعة التفكير والعمل، والتقيت الأستاذ قيس سعيد في الاعتصام وبقية المجموعة رضا شهاب المكي وسنية الشربطي وكمال الفقيه (والي تونس حاليا) لفهم الواقع الجديد وما يطرحه".

وتابع: "طرحنا سؤال: أي شكل تنظيم وأي ديمقراطية نريد (؟).. وفي الحملة الانتخابية الرئاسية عام 2019 انطلقنا في تشخيص المسار الذي عشناه من 2011 إلى 2019 وكلّ المطبات والأخطاء التقديرية التي سقطت فيها الطبقة السياسية".

وفي انتخابات 2019 فاز سعيد، وهو أستاذ للقانون الدستوري، بفترة رئاسية لخمس سنوات في خطوة مفاجئة داخليا وخارجيا لعدم انتمائه إلى أي حزب سياسي.

واستطرد الدعاس: "وركزنا بالأساس على أسئلة ملحة لم نكن نحن فقط من يطرحها بل كل الطبقة السياسية، وهي النظام السياسي (شبه البرلماني) الذي وقع اختياره في 2014 والذي فشل في تحقيق استقرار على مستوى السلطة وتوزيعها ومضامينها".

وأضاف: "في مجموعتنا (التفكير والعمل) قلنا إن الديمقراطية التمثيلية تشهد أزمات حتى في أعتى الديمقراطيات، وإذا كنا أبناء لحظتنا فلا يمكن إلا أن نتعلم من التجارب السابقة".

وأوضح: "طرحنا هنا سؤال: لماذا لا نذهب في تبني شكل ديمقراطي يعتمد المسألة الأفقية أكثر (؟).. وهذا استخلصناه من أن الشعب التونسي قدم بعض الصور من التنظيم في 2011 (لجان حماية الأحياء والمؤسسات) ما يدل على قابليته للذهاب في خيار الديمقراطية المباشرة أكثر".

وبشأن الانتخابات، قال الدعاس: "عندما تحدثنا عن النظام الانتخابي الذي سنذهب فيه، خاصة وأنه في الديمقراطية يتم التعبير عبر الانتخابات التمثيلية، طرحنا للنقاش فكرة الانتخابات على الأفراد في أضيق الدوائر".

واستطرد: "وأن الانتخابات تصير على مستوى محلي وجهوي في قراءة للمجالس التي كانت تتشكل عبر الانتخابات والمشاركة (الشعبية) وهي مجالس محلية وجهوية".

وبيّن أن "المجالس كانت موجودة في النظام السابق، لكن أتينا بتصور جديد هو الانتخابات على الأفراد في أضيق الدوائر، فتفرز مجالس محلية ثم جهوية وهذه المجالس تقرب بشكل كبير دائرة الفعل السياسي من المواطن وتحد من المركزية".

وحول أن هذا الأمر هو النظام القاعدي كما يُتداوَل في الساحة التونسية لفهم ما يطرحه الرئيس سعيد، قال الدعاس إنها "رؤية وتصور للسلطة التشريعية أن تكون ممثلة تمثيلا فعليا وحقيقيا وذا عمق شعبي يساعدها حتى على الرقابة الفعلية والمشاركة في إدارة الشأن العام".

وأضاف: "لا يكون المواطن هنا رقما انتخابيا تتم دعوته كل خمس سنوات، ويكون التصعيد من الأسفل إلى الأعلى عبر رؤية للمجالس التي تكون منتخبة من أبناء الجهة (المنطقة) وتفرز مجالسها الجهوية وسلطتها التشريعية، وهنا نكون قد قرّبنا السلطة التشريعية من المواطن وشرّكته".

** الأجسام الوسيطة

وقال الدعاس إن "المترشحين يستطيعون أن يكونوا في تنظيمات سياسية ويمكن أن يكونوا في أحزاب ويمكن أن تكون قائمات حزبية.. لم نشترط في المترشحين ألا يكونوا أبناء أحزاب، الشرط هو الانتخاب على الأفراد".

وأردف: "اليوم هذه الأجسام الوسيطة (أحزاب ونقابات) يمكن أن يتطور دورها أو يتغير أو أن العقل البشري يعطينا أشكالا جديدة لها".

وتتهم أحزاب الرئيس سعيد بإقصائها من العملية السياسية والسعي إلى الهيمنة على السلطات كلها، وهو ما تنفيه الرئاسة.

ونفى الدعاس أن يكون الرئيس سعيد معاديا للأجسام الوسيطة بقوله إن "الممارسة بينت أن مؤسسة رئاسة الجمهورية تتعامل مع الأجسام الوسيطة في الحوار، هناك أحزاب شاركت ومنظمات مثل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان".

وتابع: "أردنا فقط فهم وضعنا الجديد بما في ذلك هذه التنظيمات التي بان جليا أنها تعيش تآكلا من الداخل وعليها تجديد نفسها وليس نحن من سيقول ستُلغى أو أُلغيت تماما".

** إضراب نقابي

وبخصوص الاحتجاجات النقابية على تدهور القدرة الشرائية واستفحال الأزمة الاقتصادية في البلاد، قال الدعاس إن "هناك برنامجا مرحليا للإصلاح طرحته الحكومة".

وفي 16 يونيو/ حزيران الجاري، نفذ الاتحاد العام للشغل (أكبر منظمة نقابية) إضرابا عاما في القطاع العام والمؤسسات العمومية، للمطالبة بوقف تدهور القدرة الشرائية للعمال.

ولفت الدعاس إلى أن "الطرف النقابي (اتحاد الشغل) يتحدث عن اتفاقات صارت مع حكومة (هشام) المشيشي (أقالها سعيد في 25 يوليو 2021) وقبلها".

وتابع: "وهنا لي لوم للقيادة النقابية: لنمر بهذه المرحلة الانتقالية وتكون شريكا فعليا في عملية الإنقاذ.. واتحاد الشغل بارك خطوة 25 يوليو (2021) وذهب معها".

وأردف: "من حقه (اتحاد الشغل) اليوم خوض شكله النضالي عبر الإضراب، ونرجو ألا تتخذ الإضرابات صبغة سياسية وأن تكون ذات سقف نقابي فعلي حقيقي".

واستدرك: "لكن أنا اعتبر أن البلاد بالفعل في وضع أزمة تستدعي أن يمد الجميع يده لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".

** عصا موسى

وأكد الدعاس أنه "لا أحد له عصا موسى لتغيير الوضع 180 درجة في يوم وليلة، خاصة مع الوضع الاقتصادي المأزوم.. هذه المسألة تأخذ حيزا زمنيا".

وأضاف: "لي أمل كبير بعد انتخابات 17 ديسمبر (المقبل) أن نذهب في معالجة الأزمة السياسية ومعها الخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي تجيب على تطلعات شعبنا والتي يؤكد عليها الرئيس دائما".

وتابع: "فالرئيس في لقائه بممثلي الصندوق (صندوق النقد الدولي) يؤكد أنه حتى وإن صارت إصلاحات (مقابل الحصول على حزمة إنقاذ مالي) يجب مراعاة الجانب الاجتماعي".

وأردف: "ما أؤكد عليه في علاقة معرفتي بالأستاذ الرئيس قيس سعيد أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يتنازل عن المسألة الوطنية ولا عن الخيارات السيادية".

** فصل بين السلطات

وبشأن ما يتردد عن اختيار النظام الرئاسي بدلا عن النظام شبه البرلماني الذي أرساه دستور 2014، قال الدعاس إن "الاختيار في دستور 2014 أوصلنا إلى عدة أزمات في علاقة بالاستقرار الحكومي.. في عشر سنوات كل 9 أشهر لنا رئيس حكومة بما لا يضمن ديمومة العمل".

واعتبر أن "الأهم من أن يكون نظاما رئاسيا أو برلمانيا هو أن نذهب في خيار ديمقراطي فعلي يكون فيه الفصل بين السلطات واضحا، والأهم هو التوازن بين السلطات حتى لا تطغى سلطة على أخرى".

وختم الدعاس بالتشديد على أنه "لا مجال للتراجع عن المكتسبات في مجال حقوق الإنسان والحرية التي افتككناها بدم أبنائنا في 2011، والشعب تشبع بمفهوم الحرية ولا يمكن أن يتنازل عنها بأي شكل من الأشكال".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.