المعارض التونسي حمّة الهمامي: نسعى لجبهة واسعة تسترد الديمقراطية (مقابلة)
الأمين العام لحزب العمال حمّة الهمامي بعد أيام من صدور الأحكام في "قضية التآمر": طبيعي أن أذهب إلى محاكمة قضية التآمر لأن فيها أصدقاء وأناسا اختلف معهم لكن أريد الصراع معهم وهم أحرار وبأسلحة فكرية فقط.. اختلافنا لا يعني أن أصطف وراء الفاشية

Tunisia
تونس / عادل الثابتي / الأناضول
** الأمين العام لحزب العمال حمّة الهمامي بعد أيام من صدور الأحكام في "قضية التآمر":- طبيعي أن أذهب إلى محاكمة قضية التآمر لأن فيها أصدقاء وأناسا اختلف معهم لكن أريد الصراع معهم وهم أحرار وبأسلحة فكرية فقط.. اختلافنا لا يعني أن أصطف وراء الفاشية
- اليوم هناك شعور بالخطر أكثر ونحن في حزب العمال سعداء بأن الوعي يتعمق بمخاطر الاستبداد.. مع سيطرة اللوبيات والقوى الأجنبية نفسها فتحنا الباب أمام الشعبوية الفاشية
- نحن بحاجة إلى جبهة ديمقراطية تقدمية واسعة وهذا يتطلب نمو الحركة الشعبية وتقييم كيف وصلنا إلى هذه الحالة حتى لا نعيد أخطاء الماضي
- نريد إسقاط هذه المنظومة ولكن ليس بالجيش ولا بالخارج.. ولا بد من تغيير عميق للدولة فمؤسسات الجيش والأمن والقضاء لم يتم إصلاحها
تتصاعد تساؤلات في تونس عن الخيارات المتاحة أمام المعارضة، بعد أن أصدرت محكمة قبل أيام أحكاما أولية بالسجن في القضية المعروفة بـ"التآمر ضد أمن الدولة".
ففي 19 أبريل/ نيسان الجاري، أصدرت محكمة مختصة بنظر قضايا الإرهاب أحكاما بالسجن تراوح بين 4 سنوات و66 سنة بحق 40 متهما في القضية المثيرة للجدل.
وبين المدانين الأمين العام السابق لحزب "التكتل الديمقراطي" خيام التركي، والقيادي بحزب "حركة النهضة" نور الدين البحيري، والأمين العام لـ"الحزب الجمهوري" عصام الشابي.
بعد صدور الأحكام وحتى خلال جلسات المحاكمة، برزت المعارضة وكأنها "موحدة" في مواجهة ما تعتبره انتهاكا واسعا للحريات، وذلك عبر التضامن مع المتهمين.
ومن خارج جبهة الخلاص الوطني المعارضة والأحزاب التي لها متهمون في القضية، برز الأمين العام لحزب العمال (يساري ماركسي) حمّة الهمامي باعتباره أهم الشخصيات الحاضرة بجلسات المحاكمة تضامنا مع المتهمين.
الهمامي قال في مقابلة مع الأناضول: "اليوم هناك شعور بالخطر أكثر، ونحن في حزب العمال سعداء بأن الوعي يتعمق بمخاطر الاستبداد".
وفي أكثر من مناسبة، شدد الرئيس التونسي قيس سعيد على أن الحريات في بلاده، وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير، مضمونة بالدستور.
الهمامي أضاف: "طبيعي أن أذهب الى محاكمة قضية التآمر، لي هناك أصدقاء، عندي أناس اختلف معهم، مثل (القيادي السابق بحركة النهضة والناشط السياسي) عبد الحميد الجلاصي".
وتابع: وكذلك "غازي الشواشي (الوزير الأسبق والأمين العام لحزب التيار الديمقراطي السابق) وجوهر بن مبارك (القيادي بجبهة الخلاص الوطني)".
واستدرك: "لكن أريد الصراع معهم وهم أحرار، وثانيا أن يكون صراعا بأسلحة فكرية فقط".
وتابع: "عبير موسي (رئيسة الحزب الدستوري الحر) أختلف معها، ولا يمكن أن التقي معها اليوم ولا غدا، لكن أريد الصراع معها بأسلحة فكرية فقط، أي الصراع في إطار نظام ديمقراطي، لأنه إذا قبلت بظلم غيرك، فانتظر دورك".
وتقول المعارضة ومنظمات حقوقية إن قضية "التآمر ضد أمن الدولة" ذات "طابع سياسي"، و"تُستخدم لتصفية الخصوم السياسيين وتكميم الأصوات المنتقدة للرئيس سعيد، وخاصة الرافضين لإجراءاته الاستثنائية".
بينما رددت السلطات التونسية في مناسبات عدة أن جميع الموقوفين في البلاد يُحاكمون بتهم جنائية تتعلق بأمن الدولة، مثل "التآمر على أمن الدولة" أو "الفساد"، ونفت وجود محتجزين لأسباب سياسية.
** جبهة واسعة
وعما إذا كان الوضع الراهن يستدعي قيام جبهة موحدة لاسترداد الديمقراطية كما يرى معارضون، قال الهمامي: "إذا قلت إننا في حاجة إلى جبهة واسعة أقول لك نعم".
وأردف: "نحن في حاجة إلى جبهة ديمقراطية تقدمية واسعة ليست للسياسيين فقط، فحقوق النساء مضروبة و(كذلك) حقوق الشباب والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمثقفين والمبدعين".
واستدرك: "لكن هذا يتطلب نمو الحركة الشعبية وتقييم كيف وصلنا إلى هذه الحالة، حتى لا نعيد أخطاء الماضي، لأن السياسة برنامج ورؤية".
واستطرد: "هناك مسألة لا بد أن نأخذها بجدية، وهي خوف الناس من العودة إلى الماضي، مَن حكم في العشرية الماضية (2011-2021)؟ حكمت (أحزاب) النهضة ونداء تونس وتحيا تونس، أليس هؤلاء مطالبين بتقديم جرد حساب؟ الشعب يريد أن يسمع هؤلاء".
وأضاف: "هناك تساؤلات لدى الناس كيف لا نعود إلى ما قبل 2011 (حين أطاحت الثورة بالرئيس زين العابدين بن علي) وإلى قبل العشرية، هذا يتم بنقد ذاتي وهناك نقاش داخل المجتمع لا بد أن يُطرح بشكل واضح".
واعتبر أن "تأجيل ذلك غير مقبول، لأننا نريد أن نعرف إلى أين يريد هؤلاء الذهاب، النهضة والنداء وغيرهم الى أين هم ذاهبون؟ وكيف ينظرون للماضي؟ حتى لا نعيش الأوضاع نفسها".
ومن أجل ذلك "نتحدث عن أقطاب معارضة، ليس لكي تتناحر فيما بينها، كل له رؤيته، بل لأن هناك هدفا رئيسيا للكل، وهو كسب الشعب"، وفق السياسي التونسي.
وتابع: "الحد الأدنى الذي يجب أن يكون هو ما بيّنه حزب العمال بالتنديد بالطريقة التي أوقف بها (نور الدين) البحيري (القيادي بحركة النهضة) أو (راشد) الغنوشي (رئيس النهضة) أو الشواشي أو موسي".
وزاد: "هناك حد أدنى لا يتنازل عنه حزب العمال، ولكن عندما ندافع عن دولة القانون والمحاكمة العادلة وحرية الرأي، لا يعني أننا أصبحنا على نفس الموقف مع حركة النهضة أو الدستوري الحر أو حتى مع أصدقائنا في الحركة الديمقراطية".
وأوضح الهمامي: "نختلف لكن اختلافنا لا يعني أن أصطف وراء الفاشية"، في إشارة منه إلى منظومة 25 يوليو/ تموز 2021، بقيادة الرئيس سعيد.
وفي ذلك اليوم، بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية شملت حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلابا على الدستور وترسيخا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بزين العابدين بن علي (1987-2012).
فيما يقول سعيد إن إجراءاته هي "تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم"، مشددا على عدم المساس بالحريات.
** قطب يساري تقدمي
الهمامي قال: "لا نطرح تحالفات أوسع، نعتقد أن هناك أقطابا متشكلة".
وأضاف أن هناك "القطب الدستوري التجمعي والقطب حول النهضة وجبهة الخلاص وقطب الشعبوية تمسك الحكم. والغائب هو القطب اليساري الديمقراطي التقدمي وحزب العمال يعمل عليه".
وأكمل: "هذا الانفلات الفاشي الذي يطبق القرار الذي يراه ويوجّه التهمة التي يراها ولا حاجة له للتعذيب لأن كل شيء بيده من قضاء وأمن وإدارة، وأنه الحاكم بأمره، هذا لن يقبله حزب العمال مطلقا".
واعتبر أن موقفه "نابع من قناعة عميقة بأننا نريد بناء دولة قانون، ليس مجرد شعار حتى لا نعيش أنا ولا أنت ولا أطفالنا الخوف والاغتراب".
ومضى بالقول: "عليه لا نقبل الظلم ضد أي كان، وليس لأنك خصمي السياسي أو النقابي أو الإعلامي أشمت بك".
** استرداد الديمقراطية
"الذي سيسترد الديمقراطية هو الحركة الشعبية وليس النخب، ابن علي سقط عندما أخذ الشعب الأمر بيده"، وفق الهمامي.
وأضاف: "نعتقد أن استرداد المكاسب الديمقراطية وتطويرها نحو نظام ديمقراطي ونظام عدالة اجتماعية وتغيير القاعدة الطبقية والخيارات الاقتصادية وتحقيق سيادة الشعب على الدولة وعلى الثروات، سيقوم به الشعب".
وتابع: "نريد إسقاط هذه المنظومة، ولكن ليس بالجيش ولا بالخارج، لأن الجيش إذا أتى لن يذهب، والخارج إذا أتى لن يغادر".
ولذلك "نحن بالعمل في وسط الشعب حول برنامج نسميه برنامج الديمقراطية الشعبية يكون إطارا لتحرير البلاد من الهيمنة الاستعمارية الجديدة عبر الديون"، وفق الهمامي
** الديمقراطية المتعفنة
وبخصوص أسباب فشل تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس، قال الهمامي: "جربنا الديمقراطية الليبيرالية ولكن التونسيين يقولون ماذا صنعنا بالحرية؟".
واستطرد: "المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بقيت، وحتى الحرية أُفسِدت عبر أموال الفاسدين الذين تكيّفوا مع الوضع ووضعوا أيديهم على البلاد عبر التحكم في الإعلام والبرلمان وشبكات التواصل الاجتماعي".
وتابع: "لذلك منذ 2014 تحدثت عن الديمقراطية المتعفنة في تونس، وهذه لا يمكن أن تؤدي إلا إلى ما وصلنا إليه الآن، لأن الشعب لم يصله شيء، ومن جيبه فارغ لا يمكن أن تقول له أنت حرّ".
"لا بد أن ننظر إلى المستقبل، ليس فقط استرداد الحريات، هذا لا بد منه، لكن في إطار تصور وبرنامج عام للتغيير في تونس، لنأخذ الدرس من ثورة 2010/ 2011 وبقيت منها الحرية التي فقدناها الآن"، بحسب الهمامي.
وزاد: جرى "تغيير شكل السلطة من دكتاتورية إلى ديمقراطية ليبرالية، ولكن مع سيطرة نفس اللوبيات ونفس حتى القوى الأجنبية السابقة في عهد ابن علي، فتحنا الباب أمام الشعبوية الفاشية، وبالتالي العودة بنا إلى مربع الاستبداد".
وأوضح أن "هذا يعني أنه مستقبلا لا بد من تغيير عميق للدولة، المؤسسات الصلبة للدولة لم تُصلح، المؤسسة العسكرية هل أُصلحت؟ وكذلك الأمن والقضاء، لم يتم إصلاح أي شيء".
وأردف: "حركة النهضة ونداء تونس أخذوا الدولة وتركوا الأمور كما هي، لذلك لا بد من تغيير سياسي عميق وتغيير اقتصادي واجتماعي عميق".
و"بعبارة أخرى (لا بد من) سيادة الشعب على الدولة، وسيادة الشعب على الثروات، لبناء تونس يجد فيها الجميع حظه وكرامته، ولا بد من تصور كامل وشامل وليس فقط استعادة الحريات"، كما ختم الهمامي.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.