خبيران: مراجعة اتفاقية المياه بين سوريا والأردن ستمهد لتعاون أوسع (تقرير)
تعليقا على مراجعة اتفاقية تقاسم المياه بين سوريا والأردن المبرمة منذ 1957:

Syria
سوريا / عبد السلام فايز/ الأناضول
تعليقا على مراجعة اتفاقية تقاسم المياه بين سوريا والأردن المبرمة منذ 1957:** الخبير الأردني حسام عايش:
- مراجعة الاتفاقية تحمل مصلحة مشتركة للبلدين اللذين يعانيان من مشاكل مائية بسبب نظام الأسد المخلوع
- أعادت سد الوحدة لدوره الجامع بين البلدين، ووفرت الظروف لعودة نهر اليرموك إلى مستوياته الاعتيادية
- قد تفتح أبوابا جديدة لتفاهمات أخرى بين البلدين في عدة مجالات، لا سيما الطاقة
** الباحث السوري بالشأن الاقتصادي جلال بكار:
- مراجعة الاتفاقية ستقود إلى تحسن إقليمي في ظل وجود حكومة سورية منفتحة على الجوار
- تسعى لتحقيق العدالة، وتجاوز العقبات إبان عهد النظام المخلوع مثل حفر الآبار، والتدخلات غير القانونية
يرى خبيران عربيان أن مراجعة اتفاقية المياه بين سوريا والأردن بشأن تقاسم الثروة في حوض اليرموك المشترك، ستفتح الباب نحو "تعاون أوسع وتحسن إقليمي".
وبهدف تسليط الضوء على تلك المراجعة، استطلعت الأناضول آراء كل من الخبير الأردني حسام عايش، والباحث السوري بالشأن الاقتصادي جلال بكار.
وفي 8 يوليو/ تموز الجاري، عقدت اللجنة الفنية الأردنية السورية المشتركة في منطقة سد الوحدة على الحدود بين البلدين اجتماعها الأول، وفق وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا).
وقالت الوكالة إن الاجتماع عقد بحضور أمين عام سلطة وادي الأردن هشام الحيصة (رئيس اللجنة الأردنية للمياه)، ومعاون وزير الطاقة السوري أسامة أبو زيد (رئيس اللجنة السورية).
ونقلت عن عمر سلامة مساعد الأمين العام لشؤون الإعلام في وزارة المياه الأردنية قوله إنه جرى الاتفاق على بعض النقاط المشتركة لضمان توزيع المياه بشكل عادل في حوض اليرموك.
وأوضح سلامة، أنه تم التوافق على "تطوير حوض نهر اليرموك وتنفيذ مشاريع مشتركة بين الجانبين، ومراقبة مصادر المياه والتحكم فيها عن بعد".
و"حددا الثلاثاء المقبل (غدا)، لعقد اجتماع في دمشق لمتابعة المباحثات حول واقع السدود بما يضمن الحقوق المائية للبلدين"، وفق المصدر ذاته.
ونهر اليرموك هو أحد أكبر الروافد في الأردن، ويبلغ طوله 57 كلم، منها 47 كلم داخل الأراضي السورية، والباقي يقع في المملكة.
وينبع نهر اليرموك من بحيرة المزيريب في مدينة درعا جنوبي سوريا، ثم يتدفق ليشكل جزءا من الحدود السورية الأردنية، إذ تغذيه أيضا بعض الروافد كوادي الرقاد في الجولان السوري المحتل.
** مصلحة مشتركة
وقال الخبير الأردني إن مراجعة الاتفاقية المائية بين بلاده وسوريا تصب في المصلحة المشتركة للبلدين.
وأضاف عايش أن "سوريا تعاني من مشكلات مائية بعد تدمير البنية التحتية (إثر الحرب بعهد نظام الأسد المخلوع)، وبالتالي أثر ذلك على التزود المائي".
أما الأردن "فهو واحد من أفقر الدول مائيا في العالم، وبالتالي فإن مراجعة الاتفاقية أنقذ البلدين، لأن المياه كانت واحدة من أهم أسباب الخلاف بين الأردن والنظام السوري السابق، إلى جانب إدخال المخدرات والسلاح"، وفق الخبير الأردني.
وتعود تلك الخلافات إلى عهد النظام السوري المخلوع الذي ارتكب خروقات حيال تدفقات مياه حوض اليرموك للأردن، بموجب الاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 1957، وتم تعديلها في 1987.
تلك الخروقات تمثلت في بناء قرابة 50 سدا وخزانا على روافد نهر اليرموك، رغم أن الاتفاقية الثنائية تنص على السماح ببناء 27 سدا فقط.
كما جرى حفر نحو 10 آلاف بئر في منطقة الحوض، ما أدى إلى تراجع تدفقات المياه من نهر اليرموك إلى أقل من 50 مليون متر مكعب سنويا، وسط تقديرات أشارت إلى التوافق على ضمان تدفقات أكثر من 200 مليون متر مكعب عند توقيع الاتفاقية
الخبير الأردني أشار إلى "تحسن مستمر في تدارك هذه الملفات خلال جلسة المراجعة الأولى، لاسيما الملف المائي".
وتابع: "مراجعة الاتفاقية أعادت سد الوحدة لدوره الجامع بين البلدين، ووفرت الظروف لعودة نهر اليرموك إلى مستوياته الاعتيادية".
وأكد الخبير على ضرورة مراجعة "جدوى السدود التي أقامها النظام السوري البائد على نهر اليرموك وروافده، والتي أثرت على حصة الأردن".
وأفاد أن "خروقات النظام السابق كلفت الأردن خسارة مائية تقدر بنحو 200 مليون متر مكعب سنويا، ما أدى إلى خسائر مادية لحقت بالمملكة أثناء بحثه عن حلول بديلة".
ولفت إلى أن مراجعة الاتفاقية سوف تغطي جزءا مهما من العجز المائي، لا سيما أن إمكانيات الأردن وصلت مرحلة الخطر بسبب انخفاض حصة الفرد من الماء إلى 60 متر مكعب بالسنة، فيما يتوقف خط الفقر المائي بالعالم عند عتبة 500 متر مكعب.
وشدد عايش على أن "انخفاض حصة الفرد من الماء في الأردن يشكل ضغطا على أوضاع المواطنين المعيشية والاقتصادية، ويحملهم أعباء هائلة".
ونوّه الخبير الأردني ببداية "تقاسم عادل ومنصف للمياه، بعد وقف عمل الآبار التي تم حفرها من الجانب السوري خارج نطاق الدولة".
وعبر السنوات الماضية، انخفض منسوب جريان نهر اليرموك جراء حفر آلاف الآبار الجوفية في حوضه، وزيادة السدود على مجاري النهر من الجانب السوري.
وعمدت الحكومة السورية الجديدة إلى ضبط الأوضاع نسبيا، فأصدرت عدة قرارات بمنع حفر الآبار غير المرخصة، وصادرت عدة آليات، وتوعدت بإجراءات حاسمة.
** وضع مائي خطير
في السياق، حذر عايش من أن "الوضع المائي بالأردن خطير، إذ لا يوجد فيه مصادر مائية، وهذا يضغط على صانع القرار السياسي والاقتصادي".
ورجح أن تفتح مراجعة الاتفاقية أبوابا جديدة لتفاهمات أخرى بين البلدين في عدة مجالات، لا سيما الطاقة التي ستخدم النمو الاقتصادي لدى الجانبين.
ودعا الخبير إلى جعل حوض اليرموك "منطقة حرة" بين البلدين، من أجل الوصول إلى تقاسم عادل للثروة المائية.
وتتراوح حصة الفرد من الماء المستهلك للأغراض المنزلية في الأردن، وفقا لتصريحات رسمية سابقة، ما بين 80 إلى 120 لترا يوميا، بينما تبلغ حصة الفرد السنوية لجميع الاستخدامات أقل من 100 متر مكعب، وهو ما يمثل أقل من 10 بالمئة من خط الفقر المائي العالمي، الذي تُقدره الأمم المتحدة بحوالي 1000 متر مكعب للفرد في السنة.
ويكشف التقرير السنوي الأخير الصادر عن وزارة المياه والري الأردنية في 2024، عن بلوغ التدفق السنوي من نهر اليرموك إلى سد الوحدة في 2023 نحو 23.73 مليون متر مكعب، ليسجل انخفاضا في 2024 إلى 14.47 مليون متر مكعب فقط.
كما بلغ مخزون السد في 2023 حوالي 3.85 مليون متر مكعب، مع تسجيل انخفاض أكبر في هذا المخزون خلال 2024.
** تحسن إقليمي
بدوره، اعتبر بكار مراجعة الاتفاقية "دليلاً على أن الحكومة السورية تتجاوب مع دول الجوار كمصدر أمان ومنصة لوضع حلول للمشاكل التي ورثها شعبنا عن نظام الأسد".
وفي معرض وصفه لأهداف الاتفاقية، قال الخبير السوري إنها "تسعى لتحقيق العدالة، وتجاوز العقبات إبان عهد النظام المخلوع مثل حفر الآبار، والتدخلات غير القانونية".
ورجح الخبير أن تسهم مراجعة الاتفاقية في تحسين التعاون بين سوريا والأردن، وتحقيق مستقبل واعد في المنطقة.
وأشار إلى أن المراجعة "قد تفتح الباب أمام تحسن إقليمي في المنطقة، في ظل وجود حكومة سورية منفتحة على علاقات جيدة مع دول الجوار، ومعنية بحل كافة القضايا العالقة بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".
والثلاثاء، قالت وزارة الإعلام السورية، إن الجانبين اتفقا على إعداد دراسة لتقييم اتفاقية 1987 حول استثمار مياه النهر بين البلدين، بما يتماشى مع المستجدات المناخية.
وفي 20 مايو/ أيار الماضي، وقع وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني، ونظيره الأردني أيمن الصفدي بدمشق، مذكرة تفاهم بشأن إنشاء وتفعيل مجلس التنسيق الأعلى، والذي اتفق البلدان على تأسيسه في أبريل/ نيسان الماضي.
وتناول الجانبان حينها، اتفاقية المياه "بما يراعي الحقوق المائية العادلة لكلا البلدين، إضافة إلى تفعيل عمل اللجان المشتركة بين الجانبين"، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".
ويرتبط الأردن مع جارته الشمالية سوريا بحدود طولها 375 كلم، ما جعل المملكة من بين الدول الأكثر تأثرا بالحرب التي شنها نظام بشار الأسد على السوريين (2011- 2024).
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.