تركيا, السياسة, اقتصاد, شرق المتوسط

"إيست ميد".. لعبة سياسية بلا جدوى اقتصادية تستهدف إقصاء تركيا (خبيران)

قلل خبيران من أهمية توقيع إسرائيل واليونان وقبرص الرومية، الخميس الماضي، اتفاقًا لمد خط أنابيب شرق المتوسط "إيست ميد"، لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا عبر خط بحري يمتد مارًا بقبرص الرومية وجزيرة كريت واليونان.

07.01.2020 - محدث : 21.09.2020
"إيست ميد".. لعبة سياسية بلا جدوى اقتصادية تستهدف إقصاء تركيا (خبيران)

Lefkoşa

لفكوشا/ محمد إقبال أرسلان/ الأناضول

إسرائيل واليونان وقبرص الرومية وقعت اتفاقًا لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا عبر خط أنابيب بحري بطول 1900 كيلومترا
البروفيسور "أتا أتون": المشروع يمثل محاولة لتهميش تركيا والقبارصة الأتراك وهو غير منطقي سواءً من ناحية إمكانية تنفيذه أو جودة الغاز
البروفيسور "سرتاتش حامي باش ارن": الخط طويل جدًا وسيمر بمياه عميقة للغاية وأرضية متحركة ما يجعل تنفيذه صعبًا.. والاستثمار سيفوق العائد 

قلل خبيران من أهمية توقيع إسرائيل واليونان وقبرص الرومية، الخميس الماضي، اتفاقًا لمد خط أنابيب شرق المتوسط "إيست ميد"، لنقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا عبر خط بحري يمتد مارًا بقبرص الرومية وجزيرة كريت واليونان.

أحد الخبيرين قال للأناضول، إن الخط طويل جدًا (1900 كم)، وسيمر عبر مياه عميقة للغاية، وأرضية عمق البحر متحركة جدًا، ما يجعل تنفيذه صعبًا، فضلًا عن أن الاستثمار سيفوق العائد، في ظل انخفاض أسعار الغاز في الأسواق العالمية؛ بسبب الغاز الصخري الأمريكي.

فيما رأى الخبير الآخر أن المشروع مجرد "لعبة سياسية" تستهدف تهميش تركيا وقبرص التركية، وأنه غير منطقي، سواءً من ناحية وجود الغاز أو إمكانية تنفيذه؛ بسبب تضاريس قاع البحر.

** قرار سياسي بحث

البروفيسور "أتا أتون"، عميد كلية الهندسة بجامعة العلم في قبرص التركية، قال إن المشروع خطوة مشتركة اتخذتها إسرائيل واليونان وإدارة قبرص الرومية لتهميش تركيا والقبارصة الأتراك.

وأوضح "أتون" الخبير بالسياسية الدولية، أن المشروع يهدف إلى نقل الغاز الطبيعي من شرق المتوسط إلى أوروبا، عبر خط أنابيب يمتد 1900 كم، في حين أن المسافة بين منطقة ليفياثان في إسرائيل ومدينة مرسين التركية تبلغ 120 كم في بعض الأماكن، وتتقلص إلى 80 كم في أماكن أخرى.

وأضاف أنه كان من الممكن مد خط أنابيب أقصر بكثير، وبكل سهولة، إلى تركيا عبر مرسين، لكن من الواضح جدًا أن المشروع هو "قرار سياسي بحت".

وذكر أنه يوجد فرق شاسع بين مد خط أنابيب بطول 1900 كم تحت البحر ومد 120 كم فقط، علاوة على أن تضاريس قاع البحر قد تجعل من إمكانية مد هذا الخط من عدمه موضع خلاف.

ولفت "أتون" إلى أن اليونان وإدارة قبرص الرومية تقولان للعالم بهذا الاتفاق، إن الدولة المعترف بها هي "قبرص الرومية"، وتحذران الدول من إقامة أية علاقات سياسية أو تجارية مع "قبرص التركية".

وأردف: "من الواضح للجميع أن إدارة جنوب قبرص الرومية واليونان تنتهكان كافة الأعراف والقوانين الدولية عندما يتعلق الأمر بمصالحهما".

واستطرد: "وتقيمان علاقات مع الحكومة الموالية للواء (الليبي المتقاعد) الانقلابي، خليفة حفتر، بدلاً من حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها من الأمم المتحدة".

وشدد "أتون" على أن خط الأنابيب، الذي سيمتد من إسرائيل إلى قبرص الرومية ثم إلى اليونان، لا يمكنه أن يؤثر مطلقًا على مذكرة التفاهم بين تركيا وليبيا.

ووقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية فائز السراج، في 27 نوفمبر/تشرين ثانٍ 2019، مذكرتي تفاهم تتعلق الأولى بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي، والثانية بالتعاون الأمني والعسكري.

** دولة قائدة بالمنطقة

ورجح "أتون" أن إسرائيل واليونان وإدارة جنوب قبرص الرومية ستمارس حيلًا عديدة وتخرق القوانين الدولية، لحث الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الضغط على تركيا للقبول بمشروع "إيست ميد".

وأضاف أن "تركيا لن تقبل بالتهديدات ولديها القوة التي تجعلها قادرة على تنفيذ إرادتها في هذا الشأن".

وأضاف أن تطوير تركيا لتكنولوجيا التسليح الخاصة بها، واتخاذها خطوات ومبادرات مهمة في قطاع الصناعة، بجانب تماسك واستقرار اقتصادها، خلال السنوات العشر الأخيرة، يظهر أنها دولة قائدة بالمنطقة، بينما اليونان وقبرص الرومية ليس لهما ثقل سياسي".

وتابع أن القبارصة الروم يعتزمون استخدام حقهم في التصويت بالأمم المتحدة ومحاولة توجيه الاتحاد الأوروبي لتحقيق مطالبهم، لكن الدول العاقلة في الاتحاد لن تنخدع بهذه اللعبة السياسية، كما أن هذه الدول اعترفت بأنها ارتكبت خطأ كبيرًا عندما ضمت قبرص الرومية إلى الاتحاد، عام 2004.

وأشار "أتون" إلى أن الاتحاد الأوروبي تعهد بدعم وتمويل المشروع، لكنه مشروع غير منطقي، سواءً من ناحية إمكانية تنفيذه أو جودة الغاز.

وشدد على أن المشروع هو لعبة سياسية لإقصاء تركيا، ولن يكون له أي عائد مادي، وكل هذه الأموال ستذهب هباءً.

واستطرد: "لا أعتقد أصلًا أنه سيتم تنفيذ المشروع.. القبارصة الروم سيرغبون باستخدامه كورقة ضغط ضد القبارصة الأتراك، في حال تم الجلوس إلى طاولة المفاوضات".

وزاد بأن القبارصة الروم قد يعرضون على القبارصة الأتراك توحيد شطري الجزيرة، وتمثيلهم بأقلية في الحكومة مقابل نسبة من الغاز الطبيعي، ووجهة النظر هذه تسيطر على نيكوس أناستاسياديس، زعيم القبارصة الروم، لكن القبارصة الأتراك لن ينخدعوا بهذه اللعبة مطلقًا.

** استثمار يفوق العائد

من جهته، قال البروفيسور "سرتاتش حامي باش ارن"، للأناضول، إنه تم توقيع مشروعات عديدة من قبل مثل مشروع "إيست ميد"، ولا توجد أية احتمالية لتنفيذه؛ لصعوبة التنفيذ والتكلفة الباهظة.

وأضاف "باش ارن" الذي يعمل رئيسا لقسم القانون الدولي بكلية العلوم السياسية في جامعة أنقرة، أن "خط سير المشروع طويل جدًا، وسيمر عبر مياه عميقة للغاية، والأرضية التي سيمر من خلالها في عمق البحر متحركة جدًا، ما يجعل المشروع صعب التنفيذ".

وتابع: "رغم أن مصادر أوروبية تقول إن تكلفة المشروع تتراوح بين 10 و 12 مليار دولار، إلا أن خبراء متخصصين أفادوا بأن التكلفة لن تقل عن 20 مليار دولار".

وأردف: "حجم الاستثمار في المشروع سيفوق بكثير العائد منه.. أسعار الغاز انخفضت في الأسواق العالمية؛ بسبب الغاز الصخري الأمريكي، ولذلك فإن أسعار الغاز الذي سيمر عبر المشروع ستكون مرتفعة مقارنة بأسعار السوق العالمية".

وختم بأن "تركيا قريبة جدًا من الناحية الجغرافية للمنطقة الإسرائيلية التي سيخرج منها الغاز، وتصديره عبر تركيا هو أفضل الطرق وأنسبها اقتصاديًا".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.