الدول العربية, التقارير, فلسطين, إسرائيل

غزة.. إسرائيل تصعد مراحل الإبادة وتقصف المباني السكنية العالية (تقرير)

الأناضول ترصد شهادات مؤلمة لسكان "برج مشتهى" متعدد الطوابق الذي دمرته غارات إسرائيلية متتالية غرب مدينة غزة.

Hosni Nedim  | 05.09.2025 - محدث : 05.09.2025
غزة.. إسرائيل تصعد مراحل الإبادة وتقصف المباني السكنية العالية (تقرير)

Istanbul

غزة / الأناضول

بدأت إسرائيل، الجمعة، مرحلة جديدة في إبادة قطاع غزة بقصف وتدمير المباني العالية بمدينة غزة التي تؤوي أعدادا كبيرة من النازحين، بعد ساعات من إعلان وزير الدفاع يسرائيل كاتس فتح ما وصفها بـ"أبواب الجحيم".

الجيش الإسرائيلي قصف "برج مشتهي"، وهو مبنى متعدد الطوابق غرب مدينة غزة يؤوي مئات الفلسطينيين ويقع بمنطقة تضم عشرات آلاف النازحين الفلسطينيين.

ولم يمهل الجيش العائلات المقيمة داخل المبنى سوى أقل من ساعة واحدة لإخلائه قبل قصفه مرتين بسلسلة غارات شنتها المقاتلات الحربية أدت إلى تدميره بالكامل.

وبذلك يكون الجيش الإسرائيلي قد بدأ مرحلة جديدة من الحرب تزامنًا مع انطلاق عمليته البرية الهادفة لاحتلال غزة وتهجير أكثر من مليون فلسطيني بين ساكن ونازح بالمدينة إلى جنوب القطاع.

وفي 8 أغسطس/ آب الماضي أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة طرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لاحتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، تبدأ بتهجير فلسطينيي مدينة غزة نحو الجنوب، يتبعها تطويق المدينة، ومن ثم تنفيذ عمليات توغل إضافية في مراكز التجمعات السكنية، وفق هيئة البث العبرية الرسمية.

ومنذ بدء الإبادة الإسرائيلية في غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قصف الجيش الإسرائيلي المبنى نفسه 4 مرات ما أدى لتدمير عدة شقق سكنية فيه، وفق مراسل الأناضول.

ويعد المبنى واحداً من المباني القليلة المتبقية في مدينة غزة، قبل أن ينال منه القصف الأخير، حاله كحال معظم مباني القطاع التي طالتها الغارات الإسرائيلية.

ورصدت الأناضول شهادات مؤلمة من سكان المبنى الذين فقدوا منازلهم ومأواهم بعد العدوان الإسرائيلي.

وقالت الفلسطينية عائشة محمود للأناضول إن الجيش الإسرائيلي لم يملهم طويلا قبل قصف المبنى.

وأضافت: "حاولت أن أحمل معي وأفراد أسرتي ما تمكنا من حمله من ملابس وغذاء، لكن لم يكن أمامنا وقت طويل، تركنا أرواحنا وكل شيء جميل خلفنا".

وعائشة محمود كانت تسكن مع أسرتها المكونة من 6 أفراد في إحدى شقق المبنى، لكنها ما إن تلقت أمر الإخلاء حتى سارعت لمغادرة المكان بالكامل خشية على حياتها.

وقالت: "نعلم جيداً بطش الاحتلال، فعندما يهدد بقصف مبنى سكني لا بد من مغادرته فوراً وتركه مباشرة".

والخميس، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، إن إسرائيل منذ أكتوبر 2023 دمرت 88 بالمئة من البنى التحتية في قطاع غزة بما يشمل المنازل، وأنه لم يعد لمعظم النازحين الفلسطينيين أماكن يعيشون فيها إلا المدارس وبعض مباني الجامعات.

أما المواطن عبادة سيف الدين، فلم يعد له مكان يأوي إليه سوى خيمة لا تقيه وعائلته حر النهار أو برد الليل.

وقال للأناضول: "صرفت كل مالي من أجل تجهيز شقتي قبل سنوات، الآن بعد تدمير المبنى بالكامل ليس لدي خيار آخر سوى اللجوء إلى خيمة لا تقينا حر النهار ولا برد الليل".

وعائلة سيف الدين مكونة من 9 أفراد بينهم زوجته وأبنائه السبعة، أحدهم أصيب بنيران الجيش الإسرائيلي.

وتساءل بصوت متعب: "ما الذي فعلناه حتى يهدم الجيش الإسرائيلي منازلنا أمام أعيننا؟ نحن مواطنون مدنيون لا ذنب لنا فيما يجري."

أما نضال أبو علي، فقد لجأ مع أسرته المكونة من 7 أفراد إلى إحدى الشقق المدمرة في المبنى، بعدما دمّر الجيش الإسرائيلي منزل العائلة في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، وأجبر سكانها بالكامل على الإخلاء إلى غرب غزة.

وقال أبو علي للأناضول وقد غلب الشحوب على وجهه بعد قصف المبنى: "لجأت وعائلتي إلى هذا البرج بحثا عن الأمان ولحماية أطفالي من الحرب، لكن الجيش الإسرائيلي لم يترك مكانا آمنا في قطاع غزة. كل مكان مستهدف وكل شخص أيضًا مستهدف".

لكن أبو علي بدا مصرًا على البقاء في مدينة غزة، رغم إعلان الجيش الإسرائيلي تصعيد عملياته العسكرية البرية والجوية.

وقال: "إسرائيل تريد منا ترك مدينة غزة والنزوح إلى جنوب القطاع، لكننا باقون فيها بقدر ما نستطيع".

وفي وقت سابق الجمعة، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي بأن "أبواب الجحيم تفتح على غزة الآن، وتم تسليم أول إشعار بإخلاء مبنى شاهق في مدينة غزة قبل الهجوم".

ومتوعدا بالتصعيد، قال: "عندما يُفتح الباب لن يُغلق، وسيزداد نشاط الجيش الإسرائيلي حتى تقبل حماس بشروط إسرائيل لإنهاء الحرب (الإبادة الإسرائيلية في غزة)، وعلى رأسها إطلاق سراح جميع الرهائن، ونزع سلاحهم، وإلا فسيتم القضاء عليهم".

تصريحات كاتس تأتي رغم أن حماس وافقت في 18 أغسطس/ آب المنصرم، على مقترح للوسطاء بشأن صفقة جزئية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، إلا أن إسرائيل لم ترد على الوسطاء، رغم تطابق بنوده مع مقترح أمريكي سابق وافقت عليه تل أبيب.

والأربعاء، جددت "حماس" استعدادها لإبرام صفقة شاملة لإطلاق الأسرى الإسرائيليين جميعا، مقابل أسرى فلسطينيين، وإنهاء الحرب على غزة، والانسحاب من القطاع، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض ذلك أيضا في بيان لمكتبه.

وزعم متحدث الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في تدوينة على شركة منصة "إكس" الأمريكية، باستخدام المبنى من قبل حماس لما أسماه "أغراض عسكرية"

لكن إدارة المبنى نفت ذلك، وقالت إن المبنى الذي تعرض لقصف العام الماضي، يخضع لرقابة صارمة ولا يسمح بدخوله إلا للمدنيين النازحين فقط.

وأكدت في بيان، خلوه من أي كاميرات أو تجهيزات أمنية، وأن جميع طوابقه مفتوحة ومكشوفة ولا تحتوي على أي مشاهد أو أسلحة خفيفة أو ثقيلة.

وطالبت المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان التنديد "بهذا الاستهداف الهمجي للمدنيين الأبرياء"، وأعلنت عزمها ملاحقة الحكومة الإسرائيلية في جميع المحافل القانونية والدولية للمطالبة بتعويضات مالية، "ومحاسبة كل من أصدر وشارك في تنفيذ هذه الجريمة النكراء".

ومنذ 700 يوم، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

وقصفت إسرائيل خلال حرب الإبادة على غزة عشرات آلاف المباني في القطاع بما فيها مدينة غزة ما أدى ما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات آلاف الفلسطينيين.

وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 64 ألفا و300 قتيلا، و162 ألفا و5 جرحى من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 376 فلسطينيا، بينهم 134 طفلا.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.