الدول العربية, التقارير, فلسطين, إسرائيل

ضم وتهويد.. إسرائيل تسابق الزمن لابتلاع "سبسطية" الأثرية بالضفة (تقرير)

**رئيس بلدية سبسطية محمد عازم للأناضول:ما يحدث في الموقع الأثري تطور خطير وعدوان

Qais Omar Darwesh Omar  | 22.05.2025 - محدث : 22.05.2025
ضم وتهويد.. إسرائيل تسابق الزمن لابتلاع "سبسطية" الأثرية بالضفة (تقرير)

Ramallah

نابلس/ قيس أبو سمرة/ الأناضول

**رئيس بلدية سبسطية محمد عازم للأناضول:
- ما يحدث في الموقع الأثري تطور خطير وعدوان
- السلطات الإسرائيلية باشرت بالعمل على تنفيذ ما يسمى حديقة السامرة في قلب الموقع الأثري
- إسرائيل تسابق الزمن للسيطرة على الموقع مستغلة الانشغال الدولي بالحروب لفرض سيادتها على الموروث الثقافي والأثري الفلسطيني
**مدير مكتب وزارة السياحة والآثار الفلسطينية ضرغام فارس للأناضول:
- ما يحدث في الموقع الأثري ليس تطوير بل ضم وتهويد
- إسرائيل تحول الموقع الأثري إلى ثكنة عسكرية وحديقة استيطانية في تغيير للطابع التاريخي

تسابق إسرائيل الزمن للسيطرة على موقع "سبسطية" الأثري أحد أبرز المعالم التاريخية في الضفة الغربية المحتلة، عبر مشروع استيطاني لإنشاء حديقة تحمل اسم "السامرة"، في خطوة يرى الفلسطينيون أنها تهدف "لضم الموقع وتهويده".

وأكد مسؤولان فلسطينيان، في لقاءين منفصلين للأناضول، أن السلطات الإسرائيلية بدأت فعليا بتنفيذ مخطط استيطاني لضم وتهويد موقع "سبسطية" الأثري شمالي الضفة.

يأتي ذلك بعد نحو أكثر من أسبوع من اقتحام وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية عيديت سيلمان، إلى جانب وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، ورئيس مجلس المستوطنات في شمال الضفة يوسي داغان في 12مايو/ أيار الجاري، للموقع الأثري وإعلانهم إطلاق "عملية إنشاء متنزه السامرة".

ويعود تاريخ المنطقة الأثرية في بلدة سبسطية، بحسب معطيات وزارة السياحة الفلسطينية إلى العصر البرونزي (3200 قبل الميلاد).

ورصد مراسل الأناضول وجود فرق إسرائيلية في الموقع الأثري تعمل بحماية مشددة من الجيش الإسرائيلي، فيما أكد مسؤول فلسطيني بدء أعمال حفريات وتنقيب في المكان.

هذا المشروع الاستيطاني يستهدف، وفق تصريح لرئيس بلدية سبسطية محمد عازم عام 2023، نحو ألف دونم أي قرابة 80 بالمئة من مساحة الموقع.

وأشار في حديث للأناضول آنذاك إلى أن إنشاء الحديقة سيتضمن إجراء "حفريات ونبش قبور وشق طرق وإقامة شبكات كهرباء وإحاطة الموقع بأسلاك شائكة وإقامة بوابة ونقطة أمنية إسرائيلية".

بلدة سبسطية تقع على الطريق الرئيسي بين مدينتي نابلس وجنين على هضبة وسط سلسلة جبلية، حيث تبلغ مساحتها حوالي 4777 دونما وفق معلومات رسمية نقلها معهد الأبحاث التطبيقية "أريج"، في دليل "بلدة سبسطية" الذي أصدره عام 2014.

وبحسب الدليل، فإن السلطات الإسرائيلية سبق أن صادرت 8 دونمات من البلدة لصالح بناء مستوطنة "شافي شمرون" فيما شهدت توسعا خلال السنوات اللاحقة.

وتنتشر في سبسطية آثار عربية وكنعانية ورومانية وبيزنطية وفينيقية وإسلامية.

** تطور خطير

رئيس بلدية سبسطية محمد عازم وصف في حديث مع الأناضول، ما يحدث في الموقع الأثري بـ "التطور الخطير والعدوان".

وقال: "باشرت السلطات الإسرائيلية بالعمل على تنفيذ ما يسمى حديقة السامرة، والتي تقع على أرض في قلب الموقع الأثري، وهو مخالفة للقانون الدولي ومرفوض".

وأكد على أن السلطات الإسرائيلية تعمل على تنظيف الموقع من الأعشاب، فيما بدأت بأعمال "تنقيب وحفريات".

وأوضح أن إسرائيل "تسابق الزمن للسيطرة على الموقع مستغلة الانشغال الدولي بالحروب لفرض سيادتها وسيطرتها على الموروث الثقافي والأثري الفلسطيني".

وأشار عازم إلى أن الشعب الفلسطيني حافظ على هذا الموقع على مر العصور، لافتا إلى أنه يعد من أهم المواقع التاريخية بالضفة.

وعن سبسطية الأثرية، قال المسؤول الفلسطيني إنها "تضم مواقع تاريخية عديدة أهمها المقبرة الرومانية، وضريح النبي يحيى ومسجده، وكاتدرائية يوحنا المعمدان، وقصر الكايد، وساحة البازيليكا، والقصر الملكي، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، والمسرح، وشارع الأعمدة، والملعب".

ووفق موقع "موسوعة القرى الفلسطينية"، فإن بلدة سبسطية تعد بمثابة "متحف أثري" إذ أن أكثر ما يميزها وجود "سور يلف المنطقة الأثرية من كافة الاتجاهات".

ولفت عازم إلى أن إسرائيل تعتزم "سرقة أهم موقع تراثي" يزوره فلسطينيون وسياح أجانب، مشيرا إلى أن ذلك سيتسبب أيضا بفقدان عشرات الفلسطينيين لمصدر رزقهم الذي يعتمد على السياحة في سبسطية.

ووفق إحصاءات رسمية، يسكن في البلدة الواقعة شمالي مدينة نابلس نحو 3500 فلسطيني، من بينهم عائلة واحدة مسيحية.

وحسب مؤرخين، فإن بلدة سبسطية خضعت لحكم الآشوريين ثم الفرس، ومن ثم الرومانيين حيث حكمها الملك هيرودس عام 30 قبل الميلاد، وهو من أطلق عليها اسم "سبسطي" أي "المبجلة" وغالبية المباني الحاضرة تعود إلى عهده.

وأصبحت سبسطية في العهد البيزنطي مركزاً دينياً لوجود قبر يوحنا المعمدان (النبي يحيى بن زكريا عليه السلام).

ويعتقد أن جسد النبي يحيى عليه السلام، يوجد في ضريح قرب مسجد قديم وسط البلدة، بينما دفن رأسه في العاصمة السورية دمشق.

**ضم بحجة التطوير

بدوره، قال مدير مكتب وزارة السياحة والآثار الفلسطينية ضرغام فارس، إن "ما يحدث في سبسطية هو انعكاس لعدة قرارات اتخذها الاحتلال وهناك تسارع في تلك الإجراءات للسيطرة على المواقع الأثرية الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو".

وأضاف فارس، في حديث للأناضول، أن "الحكومة الإسرائيلية خصصت عام 2023 مبلغا بقيمة 29 مليون شكيل إسرائيلي (نحو 8 ملايين دولار) لتطوير الموقع الأثري سبسطية عنوة، وفي حقيقة الأمر هو ليس تطوير بل ضم وتهويد".

وذكر أن القرار يشمل فصل الموقع الأثري في منطقة (ج) عن البلدة، ويهدف للاستيلاء على 1300متر مربع لإقامة ثكنة عسكرية.

وقال بهذا الصدد: "إسرائيل تحول المنطقة من موقع أثري إلى ثكنة عسكرية وحديقة استيطانية في تغيير للطابع التاريخي".

ووفق دليل بلدة "سبسطية"، فإن 2702 دونما منها تقع ضمن المناطق المصنفة (ب)، و2074 دونما تقع ضمن المناطق المصنفة (ج)، ودونمين فقط ضمن المناطق المصنفة (أ).

وصنفت اتفاقية "أوسلو 2" لعام 1995 أراضي الضفة ثلاث مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 61 بالمئة من مساحة الضفة الغربية.

وبين المسؤول الفلسطيني أن إسرائيل قررت عام 2024 ضم كافة المواقع الأثرية في الضفة الغربية ضمن مساعيها لمنع إقامة دولة فلسطينية.

وفي يوليو/ تموز 2024، أقرت الهيئة العامة للكنيست بأغلبية أصوات الائتلاف ونواب من المعارضة، وبدعم الحكومة، مشروع قانون يقضي بسريان صلاحيات سلطة الآثار الإسرائيلية على الآثار في جميع مناطق الضفة الغربية المحتلة، وفق المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار).

ووفق المركز فإن مشروع القانون الذي بادر إليه النائب عميت هليفي من كتلة الليكود، "لم يحدد أي مناطق في الضفة الغربية"، معتبرا إياه "أحد قوانين الضم الزاحف".

وقال فارس إن فلسطين تعمل ضمن 3 مسارات لمواجهة "التغول الإسرائيلي" على المواقع الأثرية، أولها المسار السياسي، حيث تعمل على توثيق الانتهاكات الإسرائيلية ورفعها إلى الجهات الدولية بما فيها منظمة الأمم المتحدة للتراث (يونسكو).

أما المسار الثاني فيعمل ضمن حشد المواطنين لزيارة والتواجد في الموقع الأثري المهدد للتأكيد على فلسطينيته، وثالثا عبر المسار العلمي حيث تقديم المواد والدراسات التي من شأنها تفنيد الرواية الإسرائيلية، وفق قوله.

وأشار إلى أن "إتمام المتنزه الاستيطاني سيحرم الفلسطينيين من الوصول إلى الموقع الأثري، وسيصبح بحاجة إلى تذاكر أو تصاريح للدخول إليه، أي أننا سنكون أمام خيار دعم اقتصاد الاحتلال الذي يصادر أرضك وتاريخك"، بحسب تعبيره.

وتحث إسرائيل خطاها للسيطرة على موقع سبسطية الأثري في وقت يصعد فيه الجيش ومستوطنيه اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية بقطاع غزة، ما أدى إلى مقتل 969 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد عن 17 ألف شخص، وفق معطيات فلسطينية.

وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.