دولي, الدول العربية, التقارير, فلسطين, إسرائيل, قطاع غزة

دون رادع.. الأمم المتحدة بدائرة الاستهداف الإسرائيلي (إضاءة)

ـ عدد الموظفين الأمميين الذي قتلتهم إسرائيل في غزة خلال شهر واحد يعادل عدد قتلى قوات حفظ السلام في عام كامل ـ إسرائيل طالبت غوتيريش بالاستقالة ومندوبها هاجم مديرة يونيسف والممثلة الأممية لشؤون المرأة بسبب أطفال غزة

Mustapha Dalaa  | 27.11.2023 - محدث : 27.11.2023
دون رادع.. الأمم المتحدة بدائرة الاستهداف الإسرائيلي (إضاءة)

Istanbul

إسطنبول / الأناضول

لم يسبق للأمم المتحدة وهيئاتها وموظفيها أن تعرضت لإهانات وقتل وتدمير كتلك التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضدها في قطاع غزة، دون أن تتمكن حتى من الدفاع عن نفسها أو فرض عقوبات على المعتدي عبر آلياتها المختلفة وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي.

تبدو الأمم المتحدة عاجزة عن الدفاع عن نفسها بصوت قوي، ناهيك عن الدفاع عن الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى مقراتها في قطاع غزة للاحتماء بها ومع ذلك طال الجميع قصف إسرائيلي تجاوز كل الخطوط الحمراء، في ظل حماية أمريكية من أي عقوبات دولية قد يفرضها مجلس الأمن.

والمؤسف أيضا، أن الهجمات الإسرائيلية على الأمم المتحدة وهيئاتها يتزامن مع "تخلي الوكالة الأممية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن مقراتها شمال قطاع غزة"، وفق شهادة رئيس "جمعية البركة الجزائرية للعمل الخيري والإنساني" أحمد إبراهيمي، التي يوجد مقرها في مدينة غزة.

يقول إبراهيمي، في حديث لجريدة "الخبر" الجزائرية، بعد تعرض مقر جمعيته لقصف إسرائيلي في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، إن "البركة، بقيت وحدها تعمل شمال غزة، لأن الأونروا تخلّت عن مراكزها، والشمال محاصر من كل الاتجاهات".

أكبر عدد من القتلى

108 موظفين أمميين قتلوا في غزة خلال 48 يوما من الحرب الإسرائيلية على القطاع، والتي بدأت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو رقم غير مسبوق، على الأقل منذ مطلع القرن الواحد والعشرين.

ووفق الأمم المتحدة، فإنه "منذ أوائل عام 2000، تجاوز عدد القتلى في كل عام من قوات حفظ السلام 100 حالة في السنة".

لكن في غزة، التي لا يوجد فيها أي بعثة أممية أو قوات لحفظ السلام، باستثناء وكالة الأونروا، قتل خلال شهر واحد ما يعادل ما يقتل سنويا من قوات حفظ السلام الأممي.

في 10 نوفمبر، كتب مفوض الأونروا، فيليب لازاريني، تغريدة ورد فيها: "أكثر من 100 موظف تابعين للوكالة، أكد الزملاء مقتلهم في شهر واحد".

وهو ما يؤكد أنها مأساة غير مسبوقة للأمم المتحدة في القرن الجاري من حيث عدد القتلى في الحروب.

المنظمة الأممية خسرت حياة 102 من موظفيها في زلزال هايتي عام 2010، وكانت تلك "أكبر خسارة تتلقاها المنظمة دفعة واحدة في تاريخها"، وفق بيان أممي.

ومع ذلك فإن إجمالي قتلى موظفي الأمم المتحدة في غزة يفوق عدد ضحاياها في زلزال هايتي.

ورغم حجم المأساة إلا أن صوت الأمم المتحدة كان خافتا وضعيفا في إدانة الجاني، بل لم تجرؤ على تشكيل لجان تحقيق، على الأقل مثلما طلبت عندما فجر مقرها في الجزائر عام 2007، على يد جماعة إرهابية.

مجلس الأمن الدولي يحق له قانونا أن يطلب من المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، فتح تحقيق بمقتل الموظفين الأمميين بغزة، ولكنه لم يفعل، فالفيتو الأمريكي يقف حاجزا أمام أي تحرك أممي بهذا الخصوص.

الشيء الوحيد الذي فعلته الأمم المتحدة إزاء مقتل موظفيها (أغلبهم أو كلهم فلسطينيون)، دعوة أمينها العام أنطونيو غوتيريش، "جميع الموظفين إلى التزام الصمت لمدة دقيقة في الساعة 9:30 (بالتوقيت المحلي لكل مركز عمل أممي) من يوم 13 نوفمبر، حدادا وتكريما لأكثر من 100 فرد من زملائنا وزميلاتنا الذين قتلوا في النزاع بغزة".

كما تم تنكيس "علم الأمم المتحدة إلى نصف السارية، في جميع مكاتب الأمانة العامة للأمم المتحدة في ذلك اليوم، تدليلا على احترام هذه المناسبة المهيبة"، وإقامة "حفل تأبين في المقر الرئيس لأونروا في العاصمة الأردنية عمان".

إسرائيل تهين الأمم المتحدة

لم تكتف إسرائيل بقصف المقرات الأممية في غزة وقتل موظفيها، ولكن تجرأت على الطلب من غوتيريش بتقديم استقالته عقب تصريحه أمام مجلس الأمن بأن "هجوم حماس (على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر) لم يأت من فراغ"، بعد أن أشار إلى أن "الشعب الفلسطيني خضع على مدى 56 عاما للاحتلال الخانق".

وحينها دعا سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، غوتيريش إلى "الاستقالة"، واتهمه بإبداء تفهمه "للقتل" في إشارة إلى هجوم "حماس"، لكن الأمين العام الأممي أعرب عن صدمته حيال تحريف تصريحاته.

غوتيريش الذي وصف غزة بأنها أصبحت "مقبرة للأطفال"، لم يكن الوحيد الذي تعرض لهجمات المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة.

إذ تلقت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" كاثرين راسل، وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون المرأة سيما سامي باخوس، هجوما عنيفا من إردان، في اجتماع لمجلس الأمن، لكن هذه المرة تصدى له المندوب الصيني، الذي ترأس الجلسة.

المندوب الإسرائيلي قال حينها إن "يونيسف لا تهتم حقا بأطفال غزة، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة لا تهتم حقا بالنساء في غزة. وإلا لما كنتم صامتين طوال الأعوام الستة عشر الماضية عندما حكمت حماس غزة بقبضة محكمة. أيها المديرة التنفيذية راسل، أين كانت مؤسستك طوال هذه الفترة؟".

وتمادى أكثر في التهجم على مسؤولة يونيسيف، قبل أن يقاطعه المندوب الصيني، قائلا: "أود أن أذكّر، أنه يمكنك التعبير عن وجهات نظر مختلفة في بيانك، ولكن اظهر الاحترام للمتحدثين المدعوين إلى هذا الاجتماع، هذه قاعدة يجب على الجميع احترامها".

وهذه الحوادث تعكس كيف أصبح ممثلو الأمم المتحدة وموظفوها هدفا للهجمات الإسرائيلية العسكرية والدبلوماسية، دون أدنى رادع أو حتى احترام لمكانتها ودورها في حفظ السلام العالمي، وحماية الطفولة والمرأة والفئات الهشة في العالم.

وإعادة إصلاح المنظومة الأممية، وفق شعار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، "العالم أكبر من خمسة" أصبح ضرورة ملحة، إذ لا يمكن لهيئة عالمية أن تبقى تتفرج على عمليات قتل مفتوحة تقترب من "الإبادة الجماعية" دون أن تطلب "وقف إطلاق نار دائم"، لمجرد أن دولة أو أكثر تملك حق الفيتو توفر الغطاء القانوني لإسرائيل.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın