
Netherlands
لاهاي/ الأناضول
- يؤكد خبراء أن هولندا دخلت مرحلة تحوّل ليس فقط في موقفها من فلسطين، بل في توازناتها السياسية بشكل عام
**نصر الدين طيبي، الباحث في العلوم السياسية ومؤلف كتاب "أوروبا تنتخب":
- هذه الاستقالات تُظهر تزايد الضغط الشعبي تدريجياً على الطبقة السياسية في هولندا
- الحزب الديمقراطي المسيحي تحول في الأشهر الأخيرة من داعم مطلق لإسرائيل إلى مؤيد لفرض عقوبات عليها والاعتراف بفلسطين
- هولندا قد تتحول من أحد أكبر حلفاء إسرائيل في أوروبا إلى أحد أبرز منتقديها خاصة إذا قاد تحالف "حزب العمال" و"اليسار الأخضر" الحكومة القادمة
كشفت استقالات وزراء جدد من حزب "العقد الاجتماعي الجديد" (NSC) في هولندا، عقب استقالة وزير الخارجية كاسبار فيلدكامب بسبب رفض طلبه فرض عقوبات على إسرائيل من قبل شركاء الائتلاف الحكومي، عمق الانقسامات في الساحة السياسية الهولندية بشأن قضية غزة.
وأدى رفض حزبي "الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" (VVD) و"حركة المواطنين المزارعين" (BBB)، اتخاذ إجراءات صارمة ضد إسرائيل، إلى تفجّر أزمة حكومية ساهمت في تسريع وتيرة الانقسام السياسي الهولندي بشأن القضية الفلسطينية.
وبعد استقالة وزراء حزب العقد الاجتماعي الجديد، أصبحت الحكومة المؤقتة تمثل فقط ما نسبته 21 بالمئة من مقاعد البرلمان.
ويؤكد خبراء أن هولندا دخلت مرحلة تحوّل ليس فقط في موقفها من فلسطين، بل في توازناتها السياسية بشكل عام.
وفي حديث للأناضول، قال نصر الدين طيبي، الباحث في العلوم السياسية ومؤلف كتاب "أوروبا تنتخب"، إن هذه الاستقالات تُظهر تزايد الضغط الشعبي تدريجياً على الطبقة السياسية في هولندا.
وأضاف طيبي المتخصص في الانتخابات الأوروبية، أن "استطلاعات الرأي، التي أُجريت حتى قبل 7 أكتوبر عام 2023، تُظهر أن غالبية الشعب الهولندي تُطالب باتخاذ إجراءات وعقوبات صارمة ضد إسرائيل، لكن الأغلبية السياسية في البرلمان لا تزال مُؤيدة بشدة لإسرائيل".
- تغيّر في مواقف بعض الأحزاب
وأشار طيبي إلى أن الحزب الديمقراطي المسيحي (CDA) قد تحول في الأشهر الأخيرة من داعم مطلق لإسرائيل إلى مؤيد لفرض عقوبات عليها والاعتراف بفلسطين.
وتابع: "شهدنا هذا الأسبوع تحرك مجلس الأمن القومي في نفس اتجاه الحزب الديمقراطي المسيحي، لكن حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية وحزب حركة المواطنين المزارعين لا يزالان مؤيدين لإسرائيل بشدة، ويمنعان اتخاذ موقف أكثر صرامة ضدها وفرض عقوبات عليها".
وأوضح أن مبررات استمرار دعم هذين الحزبين لإسرائيل قد تغيرت، مضيفاً: "لم يعودا يبرران مساندتهما لإسرائيل بذريعة امتلاك تل أبيب حق الدفاع عن نفسها كما في السابق، بل يكتفيان بالقول إن هولندا لا يمكنها أن تفعل الكثير، وتأثيرها محدود في المنطقة".
وتحدث طيبي عن تأثير مركز المعلومات والتوثيق حول إسرائيل (CIDI)، الذي يعد أقوى جماعة ضغط داعمة لإسرائيل في هولندا، مشيراً إلى أن أحزاب "VVD" و"BBB" و"NSC" و"CDA" وحتى حزب العمال (PvdA)، تربطها علاقات وثيقة بهذا المركز.
واستطرد: "أحياناً يقوم بعض النواب باقتباسات حرفية من وثائق مركز المعلومات والتوثيق حول إسرائيل في خطاباتهم داخل البرلمان، ما يدل على تأثير هذا اللوبي على السياسة الهولندية".
ويرى طيبي أن هذا الفوضى قد تعود بالنفع على أحزاب مثل CDA و"اليسار الأخضر" (GL) و"حزب العمال" (PvdA) التي خاضت الانتخابات الأخيرة بتحالف مشترك.
وفيما يتعلق بإمكانية تشكيل حكومة بدون حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية، قال طيبي: "يقترب ائتلاف يضم حزب العمال وحزب المسيحيين الديمقراطيين وحزباً يسارياً صغيراً، ببطء من تحقيق الأغلبية في استطلاعات الرأي. وإذا فاز هذا الائتلاف بالأغلبية، فقد تحدث تغييرات جوهرية في العديد من مجالات السياسة، بما في ذلك سياسة خارجية مؤيدة للفلسطينيين".
- "هولندا قد تتحول إلى أحد أبرز منتقدي إسرائيل"
وأشار طيبي إلى أن هولندا قد تتحول من أحد أكبر حلفاء إسرائيل في أوروبا إلى أحد أبرز منتقديها، خاصة إذا قاد تحالف "حزب العمال" و"اليسار الأخضر" الحكومة القادمة.
وقيّم طيبي الأزمة الناجمة عن عرقلة فرض عقوبات على إسرائيل على أنها مؤشر على دخول هولندا في دوامة من عدم الاستقرار السياسي.
وتابع: "هذه الأزمة تزيد من تآكل مصداقية الأحزاب اليمينية. الحكومات اليمينية الثلاث التي حكمت هولندا في هذا القرن، بما في ذلك الحكومة الحالية بقيادة رئيس الوزراء ديك شوف، تُعتبر الأكثر فوضوية على الإطلاق".
وصرح طيبي أن هذه الفوضى قد تُفيد أحزاباً مثل الحزب المسيحي الديمقراطي واليسار الأخضر وحزب العمال، قبل الانتخابات العامة المبكرة المقرر إجراؤها في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وكان وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب استقال من منصبه في الحكومة الهولندية المؤقتة يوم 22 أغسطس/ آب الجاري، احتجاجاً على رفض شركاء الائتلاف فرض عقوبات على إسرائيل.
وسبق أن دعا فيلدكامب في اجتماعات البرلمان الهولندي، إلى فرض مزيد من التدابير والعقوبات على إسرائيل.
إلا أن أحزابا أخرى في الحكومة الائتلافية الهولندية، مثل حزبي الشعب من أجل الحرية والديمقراطية، وحركة المواطنين المزارعين، صرحت بأنه لم تُطرح عليها خطوة فيلدكامب بشأن اتحاذ تدابير إضافية ضد إسرائيل.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفا و686 قتيلا، و157 ألفا و951 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 300 فلسطيني، بينهم 117 طفلا.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.