
Gazze
غزة / الأناضول
تواصل إسرائيل توسيع نطاق تهديداتها لمدينة غزة عبر تكثيف القصف الجوي والمدفعي والتلويح بعمليات تدمير واسعة واجتياح بري وشيك، في خطوة يرى فلسطينيون بالمدينة أنها محاولة لإجبارهم على النزوح والتوجه إلى جنوب القطاع.
هذه التهديدات أطلقها الجيش الإسرائيلي عبر اتصالات أجراها بشكل مباشر مع فلسطينيين يعيشون في المدينة، أو من خلال بيانات نشرها على منصاته المختلفة أو منشورات أسقطها عبر الجو.
وفي أحدث تهديداته، ألقى الجيش الإسرائيلي منشورات ورقية على مدينة غزة قال فيها: "إذا وجدت هذا المنشور، فأنت في منطقة قتال خطيرة، يجب عليك الإخلاء عبر شارع الرشيد، حتى سيرا على الأقدام جنوبا من وادي غزة".
فيما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أثناء مثوله أمام المحكمة المركزية في تل أبيب للرد على تهم فساد موجهة ضده، عن بدء الجيش "عملية مكثفة" على مدينة غزة.
ووفق شهود عيان، فإن وتيرة الهجوم الذي شنه الجيش الإسرائيلي على المدينة خلال الأيام القليلة الماضية، لم تختلف جوهريا عن الهجوم الذي بدأ الجيش بشنه منذ 11 أغسطس/ آب الماضي؛ حينما بدأ عمليته الجوية ضمن مساعيه لإعادة احتلال المدينة.
فعمليات القصف المركز والمكثف، ونسف وتدمير الأحياء السكنية الواسعة ما زالت متواصلة منذ بدء العملية مع الأخذ بعين الاعتبار توسيع رقعة هذه العمليات.
ومساء الاثنين عاش الفلسطينيون بمدينة غزة ليلة دامية قُتل خلالها 35 شخصًا، وأصيب وفُقد آخرون، وسط قصف جوي ومدفعي مكثف، وتفجير روبوتات مفخخة لنسف منازل ومبانٍ سكنية شمال غرب المدينة.
وكان اللافت في الهجوم، أن الجيش استهدف عدة منازل متلاصقة مكتظة بالمدنيين والنازحين غالبيتهم من النساء والأطفال، دون إنذار مسبق بالإخلاء.
وعلى مدى الأيام الماضية، انتهج الجيش الإسرائيلي سياسة لإجبار الفلسطينيين على إخلاء الأحياء السكنية بمدينة غزة وتوجيههم نحو جنوب القطاع.
هذه السياسة ارتكزت على إجراء اتصالات بعدد من الفلسطينيين الذين يقطنون في حي سكني واحد وإنذارهم بالإخلاء الفوري تمهيدا لقصف المباني التي يعيشون فيها، دون تحديد مبنى بعينه.
وتسببت تلك الاتصالات بإرباك وذعر للفلسطينيين الذين يعيشون في ذات الحي، حيث أُجبروا تحت سيف التهديد على تركه بشكل فوري دون معرفة ما هو الهدف بالتحديد.
إلى جانب ذلك، فقد استخدم الجيش الإسرائيلي تكتيك الرسائل المسجلة التي تبثها مسيراته عبر مكبرات صوت، وتطالب الفلسطينيين بالإخلاء.
هذه الأدوات هدف منها الجيش، وفق مراقبين، بث الذعر في نفوس الفلسطينيين لإجبارهم على ترك أماكنهم والنزوح إلى الجنوب.
لكن الفلسطينيين، الذين يدركون أن المناطق الجنوبية تتعرض هي الأخرى لقصف إسرائيلي مكثف ومجازر دموية، ينزحون من منطقة لأخرى داخل حدود مدينة غزة رافضين التوجه إلى الجنوب.
وشارك الإعلام العبري في بث رسائل لإجبار الفلسطينيين على النزوح إلى الجنوب، حيث كان ينشر بين الفينة والأخرى أنباء تفيد ببدء عمليات مكثفة واجتياح بري للمدينة.
لكن صحيفة "هآرتس" اليسارية نقلت عن مصادر عسكرية أن "هيئة الأركان الإسرائيلية قلقة إزاء بطء نزوح سكان مدينة غزة".
هذه الأنباء ترافقت مع تكثيف تحليق الطائرات الحربية والمروحية في أجواء مدينة غزة على مستويات منخفضة وإطلاق النيران عشوائيا صوب المنازل، لبث الرعب في نفوس الفلسطينيين ودفعهم للنزوح.
وفي ضوء ما يروج له الجيش، فقد زعم متحدثه أفيخاي أدرعي في بيان أن "أكثر من 40 بالمئة من الفلسطينيين الذين يقطنون مدينة غزة غادروها.
إلا أن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سبق وأكد وجود أكثر من مليون فلسطيني في المدينة.
ورغم القصف المكثف، يرفض غالبية الفلسطينيين بغزة النزوح إلى منطقة الجنوب لافتقارها لأدنى مقومات الحياة، فيما عاد عدد كبير من الذين نزحوا إلى الجنوب إلى مدينة غزة.
ووفق بيان سابق للمكتب الحكومي بغزة، فإن إسرائيل حشرت أكثر من 800 ألف فلسطيني في منطقة المواصي بمدينتي رفح وخان يونس، حيث يفتقرون لأسباب العيش.
وخلال الأسابيع الماضية، كثف الجيش الإسرائيلي من استهدافه للأبراج والعمارات السكنية في غزة في سياسة يقول مسؤولون فلسطينيون إنها تهدف لإجبار الناس على النزوح من المدينة إلى جنوب القطاع.
وجاء ذلك عقب إقرار الحكومة الإسرائيلية في 8 أغسطس/آب الماضي، خطة طرحها رئيسها بنيامين نتنياهو لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجيا، بدءا بمدينة غزة.
فيما بدأ الجيش الإسرائيلي في 11 أغسطس، الهجوم على المدينة بدءا بحي الزيتون (جنوب شرق)، وتخلل الهجوم نسف منازل باستخدام روبوتات مفخخة، وقصف مدفعي، وإطلاق نار عشوائي، وتهجير قسري.
وعلى مدى الأسابيع اللاحقة، انتقل الجيش في عملياته الجوية الموسعة وسياسة تدمير الأحياء السكنية إلى حي الصبرة جنوبا، ومن ثم أحياء شمال المدينة ولاحقا غربها.
ومنذ ذلك الوقت وحتى مساء السبت، دمر الجيش الإسرائيلي بشكل كامل أو بليغ أكثر من 3600 بناية وبرج في مدينة غزة، فيما دمر نحو 13 ألف خيمة تؤوي نازحين، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة 64 ألفا و905 قتلى و164 ألفا و926 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة قتلت 425 فلسطينيا بينهم 145 طفلا.