ديما.. طفلة بغزة أفقدتها إسرائيل بصرها وحركتها وأحلامها (تقرير)
السيدة الفلسطينية إسراء أشكوكاني، والدة ديما: نزحنا من غزة إلى مخيم النصيرات، وأثناء وجودنا بالمنزل استهدفتنا مسيرة إسرائيلية
Gazze
غزة/ محمد ماجد / الأناضول
** السيدة الفلسطينية إسراء أشكوكاني، والدة ديما:- نزحنا من غزة إلى مخيم النصيرات، وأثناء وجودنا بالمنزل استهدفتنا مسيرة إسرائيلية
- ديما لا ترى ولا تمشي ولا تأكل وحدها، كانت روح البيت لكنها اليوم لا تتحرك
** الدكتور عبد الرحمن نصار، استشاري جراحة الأعصاب:
- الطفلة ديما أصيبت إصابة مباشرة في الرأس أدت إلى تلف واسع بأنسجة الدماغ وفقدان شبه كامل للبصر
- ما زالت تحتاج إلى علاج متقدم لا يتوفر في غزة بسبب تدهور المنظومة الصحية جراء القصف الإسرائيلي
** الطفلة الفلسطينية ديما أشكوكاني:
- أتمنى أن أعود للرسم، وأن أتعالج خارج قطاع غزة
- أريد أن أرجع كما كنت قبل الحرب، ألهو وأرسم وأذهب إلى المدرسة
لم تعد الطفلة الفلسطينية ديما أشكوكاني (16 عامًا) قادرة على تحريك أطرافها أو الإمساك بألوانها التي اعتادت أن ترسم بها أحلامها، بعدما فقدت بصرها وأصيبت بشلل نصفي إثر قصف إسرائيلي استهدف المنزل الذي لجأت إليه مع عائلتها وسط قطاع غزة.
كانت ديما، بحسب والدتها، "روح البيت" تحب اللعب والرسم، وتتفوّق في دراستها، قبل أن يحيلها الاستهداف الإسرائيلي بطائرة مسيّرة إلى حياة من الألم والعجز.
واليوم، ترقد على سرير في "مستشفى شهداء الأقصى" بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، غير قادرة على الحركة أو الكلام إلا بصوت واهن مليء بالأمل بأن "تعود إلى ما كانت عليه يومًا".
وتعمد الجيش الإسرائيلي خلال الإبادة الجماعية التي ارتكبها على مدار عامين استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية، وأخرج معظمها عن الخدمة، ما عرض حياة المرضى والجرحى للخطر، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
** جسد صغير يحمل آثارا كبيرة
بحرقة وألم تروي والدة ديما، إسراء أشكوكاني، لمراسل الأناضول المعاناة التي تعرضت لها الأسرة جراء الهجمات الإسرائيلية، قائلة: "نزحنا من مدينة غزة إلى مخيم النصيرات، وخلال وجودنا في المنزل استهدفتنا طائرة انتحارية إسرائيلية. أصبت أنا وبناتي الثلاث، وكانت ديما الأكثر تضررًا".
وأضافت: "استقرت شظايا في دماغها وتسببت بنزيف داخلي، ثم دخلت في غيبوبة. وبعد إفاقتها، تبيّن أنها تعاني من شلل نصفي في الجهة اليسرى وفقدان للبصر وصعوبة في النطق والبلع".
وتابعت الأم بصوت يغلبه الحزن: "ديما لا ترى، ولا تمشي، ولا تأكل وحدها. كانت طالبة متفوقة وموهوبة في الرسم، لكنها حُرمت من كل ذلك".
وتناشد إسراء العالم العمل على إخراج طفلتها من غزة لتلقي العلاج، مؤكدة أن "ديما كانت تنشر الفرح في البيت، لكنها اليوم لا تتحرك ولا تبتسم".
** وضع صحي مأساوي
ويقول الطبيب عبد الرحمن نصار، استشاري جراحة الأعصاب إن الطفلة أصيبت إصابة مباشرة في الرأس جراء قصف إسرائيلي، ما أدى إلى تلف واسع في أنسجة الدماغ.
وأوضح أن "الفحوصات كشفت عن وجود شظيتين مستقرتين في الجزء الأيسر من الدماغ، تسببتا في ضعف شديد بالطرف الأيمن وفقدان شبه كامل للبصر، إضافة إلى حروق والتهابات متكررة".
وأشار إلى أن ديما ما زالت تحتاج إلى علاج متقدم لا يتوفر في غزة بسبب تدهور المنظومة الصحية، التي شُلّت بفعل القصف الإسرائيلي المتكرر على المستشفيات والمراكز الطبية.
** كارثة إنسانية في غزة
وتُظهر بيانات الأمم المتحدة أن الوضع الصحي في القطاع بلغ مستويات كارثية. وذكرت متحدثة منظمة "اليونيسف" تيس إنغرام، في وقت سابق، أن أكثر من مليون طفل في غزة بحاجة ماسة إلى الماء والغذاء، وأن نحو 650 ألف طفل ينتظرون العودة إلى مدارسهم، فيما ينام الآلاف جائعين كل ليلة رغم سريان وقف إطلاق النار.
وفي تقرير صادر في 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قالت "اليونيسف" إن 64 ألف طفل في غزة فقدوا أو أُصيبوا خلال العامين الماضيين، بينهم ألف رضيع على الأقل، مشيرة إلى أن كثيرين منهم يعانون إعاقات دائمة.
كما أكدت اللجنة الأممية المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في بيان صدر في سبتمبر/أيلول الماضي أن أكثر من 21 ألف طفل في غزة أصبحوا من ذوي الإعاقات بسبب الحرب.
** أمل ضعيف وسط الركام
ورغم الألم الذي يثقل جسدها الصغير، تقول ديما بصوت بالكاد يُسمع: "أتمنى أن أعود للرسم، وأن أتعالج خارج غزة".
وبصوت يملؤه الألم والإرهاق، تتحدث الطفلة ديما بأمل العودة إلى ما كانت عليه قبل إصابتها، من لهو ولعب ورسم.
كما تتمنى أن تنقل للعلاج خارج غزة، في ظل انهيار المنظومة الصحية جراء الإبادة.
وكانت ديما أوضحت في مقابلة سابقة مع الأناضول، أن آلاف الأطفال ما زالوا ينامون جياعا، فيما يعاني آخرون في المستشفيات من أمراض يمكن علاجها، لكن نقص الأطباء والأدوية يجعلهم يتألمون دون علاج.
ومنذ 10 أكتوبر الماضي، توصلت تل أبيب وحركة "حماس" لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تخرقه إسرائيل يوميا ما أسفر عن مئات القتلى والجرحى.
ولمدة سنتين ارتكبت إسرائيل، بدعم أمريكي، إبادة جماعية بقطاع غزة، خلّفت 68 ألفا و875 قتيلا فلسطينيا، و170 ألفا و679 جريحا، معظمهم أطفال ونساء.
كما تسببت الإبادة في دمار طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في غزة، مع تكلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.
لكنّ الحرب، كما تقول والدة ديما: "لم تنتهِ داخلنا بعد، لأن الألم ما زال يعيش معنا في كل بيت، وفي عيون أطفال فقدوا أحلامهم كما فقدت ديما بصرها".
