"الفاشر".. مفتاح السيطرة على إقليم دارفور السوداني (إطار)
- كانت الفاشر قبل انسحاب الجيش آخر معاقله في ولايات دارفور الخمس وأكبر مدن الإقليم وأعرقها
Sudan
عادل عبد الرحيم/ الأناضول
- كانت الفاشر قبل انسحاب الجيش آخر معاقله في ولايات دارفور الخمس وأكبر مدن الإقليم وأعرقها- شمال دارفور الولاية التي تقع فيها الفاشر تحتل أكثر من نصف مساحة إقليم دارفور
- يجعل موقع الفاشر المتميز الوصول إليها ممكنا من مدن شمال السودان لإيصال المساعدات القادمة من ميناء بورتسودان على البحر الأحمر
- تحتضن عشرات مخيمات النازحين التي أُقيمت منذ اندلاع الحرب في دارفور عام 2003 والحرب الجارية منذ 2023
بعد اشتباكات ضارية مع قوات "الدعم السريع"، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، مساء الاثنين، مغادرة الجيش مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور غربي البلاد، لما تعرضت له المدينة من "تدمير وقتل ممنهج للمدنيين".
والفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بل ومركز إقليم دارفور برمته، وتاريخيا كانت آخر عاصمة لسلطنة الفور في عهد آخر سلاطينها علي دينار (سقطت في 1916).
وكانت المدينة آخر معاقل الجيش السوداني في ولايات دارفور الخمس، التي استولت قوات "الدعم السريع" على عواصمها خلال عام من الحرب، وهي: "الجنينة (غرب دارفور) ونيالا (جنوب دارفور) والضعين (شرق دارفور) وزالنجي (وسط دارفور)".
وظلت "الدعم السريع" تفرض حصارا خانقا على الفاشر الاستراتيجية منذ مايو/ أيار 2024، بينما يسعى الجيش السوداني لكسر الحصار عنها، إذ تُعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
وفي خطاب متلفز بثه التلفزيون الرسمي، قال البرهان الاثنين، إن القيادة العسكرية قررت مغادرة مدينة الفاشر بهدف تجنيب المواطنين والمدينة مزيدا من "التدمير والقتل الممنهج" لقوات الدعم السريع.
وأوضح أن القيادة العسكرية في الفاشر "رأوا أن يغادروا، ووافقناهم، على أن يغادروا المدينة إلى مكان آمن حتى يجنبوا بقية المواطنين وبقية المدينة الدمار".
وعن استعادة الفاشر، قال البرهان: "نستطيع أن نقلب الطاولة في كل مرة، ونستطيع أن نعيد كل أرض دنسها هؤلاء الخونة إلى حضن الوطن"، على حد وصفه.
ولم تعلق "الدعم السريع" فورا على ما جاء في خطاب البرهان، لكنها قالت بوقت سابق الاثنين، إن قواتها "لازالت تنشط وتنظف مدينة الفاشر، والقضاء على آخر جيوب العدو (الجيش والمقاومة الشعبية) أثناء محاولاتهم الفرار من المدينة".
** هجمات "الدعم السريع"
وقبل ساعات، قالت "الدعم السريع"، في بيان، إن قواتها "لازالت تنشط وتنظف مدينة الفاشر، والقضاء على آخر جيوب العدو (الجيش والمقاومة الشعبية) أثناء محاولاتهم الفرار من المدينة".
والاثنين، قالت "تنسيقية لجان مقاومة الفاشر" بولاية شمال دارفور غربي السودان، إن المدنيين في المدينة يواجهون ظروفا قاسية من دون طعام، جراء استمرار المعارك بين الجيش و"قوات الدعم السريع" لليوم الثالث.
وعن الوضع الراهن بالسودان، قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الاثنين في بيان، إنه يتلقى تقارير متعددة ومقلقة تفيد بأن "قوات الدعم السريع" تنفذ فظائع، بما فيها عمليات إعدام بإجراءات موجزة (القتل خارج الأطر القانونية)، بعد سيطرتها على أجزاء واسعة من مدينة الفاشر، ومدينة بارا بولاية شمال كردفان (جنوب) خلال الأيام الأخيرة.
وأضاف البيان: "أظهرت مقاطع مصورة متعددة ومقلقة تلقاها مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عشرات الرجال العزل يتعرضون لإطلاق نار أو ملقين قتلى (بالفاشر)، محاطين بمقاتلي قوات الدعم السريع الذين يتهمونهم بأنهم مقاتلون تابعون للقوات المسلحة السودانية".
وأشار إلى تقارير تفيد باحتجاز مئات الأشخاص أثناء محاولتهم الفرار (من الفاشر)، بينهم صحفي.
** أهمية المدينة
في الآونة الأخيرة، كثفت قوات "الدعم السريع" من هجماتها على المدينة من عدة محاور بعد أكثر من عام من حصارها، إلا أن قوات الجيش أعلنت حتى السبت، نجاحها بمساندة القوات المشتركة للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام والمقاومة الشعبية، في التصدي للهجوم والدفاع عن المدينة.
وبلغ عدد هجمات الدعم السريع، على المدينة حوالي 267 هجوما، تمكنت قوات الجيش من صدها، بحسب الفرقة السادسة مشاة للجيش بالفاشر.
والفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور وأعرقها وتكمن أهميتها في موقعها الجغرافي الاستراتيجي، إذ تحدها تشاد غربا وليبيا شمالا، ما يجعل السيطرة عليها هدفا حيويا للطرفين، كما تعد مفتاح السيطرة على الإقليم الواقع غرب السودان.
ويوجد بالفاشر مطار رئيسي يستقبل المساعدات الإنسانية المحلية والدولية، كما تقع بمحاذاته قاعدة جوية للجيش السوداني.
وولاية شمال دارفور، التي تضم الفاشر، أكبر ولايات إقليم دارفور الخمس، وتحتل أكثر من نصف مساحة الإقليم، بمساحة تبلغ 290 ألف كيلومتر مربع.
ويجعل موقعها المتميز الوصول إليها ممكنا من مدن شمال السودان لإيصال المساعدات القادمة من ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، كما تحتضن عشرات مخيمات النازحين التي أُقيمت منذ اندلاع الحرب في دارفور عام 2003، إلى جانب موجات نزوح جديدة منذ حرب أبريل/نيسان 2023.
** نزوح مستمر
وفي وقت سابق الاثنين، أفادت منظمة الهجرة الدولية بأن التقديرات الميدانية تشير إلى نزوح أكثر من 26 ألف شخص من مدينة الفاشر خلال 48 ساعة بسبب الاشتباكات الدائرة.
ولفتت إلى أن هذه الأرقام أولية وقابلة للتغيير نظرًا لاستمرار انعدام الأمن وتسارع وتيرة النزوح.
كذلك كشفت مؤسسة أهلية بالسودان، الاثنين، وصول 1117 نازحا جديدا من مدينة الفاشر إلى منطقة طويلة بولاية شمال دارفور غربي البلاد، جراء تصاعد وتيرة العنف وانعدام الأمن.
وبهذا يرتفع إجمالي عدد الأسر الواصلة إلى طويلة، خلال الفترة الممتدة بين 18 و27 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إلى 831 أسرة تضم 3038 شخصا، حسب بيان المؤسسة الأهلية.
** كارثة إنسانية
تزايدت التحذيرات الدولية مؤخرا من خطورة الأوضاع الإنسانية في الفاشر، التي ترزح تحت حصار خانق منذ نحو عام ونصف.
وتترافق هذه التحذيرات مع نداءات متكررة تدعو إلى تدخل عاجل وتقديم المساعدات الإنسانية، في ظل تفشي الجوع ونقص الغذاء وانتشار الأمراض بين سكان المدينة والنازحين فيها.
وتعاني آلاف الأسر في المدينة المحاصرة من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، في ظل انعدام انقطاع الإمداد نتيجة للحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية من قبل الدعم السريع، ما يجعل حياة المدنيين، وخاصة الأطفال وكبار السن، تحت خطر المجاعة والأوبئة.
والخميس الماضي، قالت 4 وكالات تابعة للأمم المتحدة "الهجرة الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة لحماية الطفولة و برنامج الأغذية العالمي ومفوضية اللاجئين إن هناك 260 ألف مدني محاصرين في الفاشر بينهم 130 ألف طفل يعانون من نقص الغذاء وانعدام الخدمات الصحية.
ويعتمد جزء كبير من النازحين والسكان في الفاشر على المطابخ الجماعية (التكايا) حيث تقدم الوجبات لهم من خلال ناشطين بدعم من منظمات مدنية والخيرين من الناس.
وأدى نقص الغذاء إلى أن يلجأ كثيرون لأكل مخلفات زيت الفول والسمسم، التي عادة ما يستخدمها السكان كعلف للحيوانات، وفق مراسل الأناضول.
** اتهامات "المرتزقة الأجانب"
وتتهم الحكومة السودانية، قوات الدعم السريع، بالاستعانة بمرتزقة من عدة دول من دول الجوار بالإضافة إلى مقاتلين من كولومبيا في هجومها على الفاشر، دون تعليق من الأخيرة.
والخميس، قال الجيش، في بيان، إن قوات الدعم السريع استعانت في هجومها الأخير على الفاشر بعدد من المرتزقة القادمين من "كولومبيا وتشاد وجنوب السودان وإفريقيا الوسطى".
ولم يصدر تعقيب فوري من تلك الدول المذكورة بشأن ما أورده بيان الجيش السوداني.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023، قُتل نحو 20 ألف شخص وتشرد أكثر من 15 مليونا بين نازح ولاجئ، وفقاً لتقارير أممية ومحلية، في حين قدّرت دراسة أعدّتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألف شخص.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
