وزير العدل اللبناني: تحقيقات مرفأ بيروت وصلت مراحل متقدمة
** الوزير عادل نصار قال في مقابلة مع الأناضول: توقيت صدور القرار في تحقيقات المرفأ يحدده المحقق العدلي وفقًا لاكتمال الملف

Lebanon
بيروت / وسيم سيف الدين / الأناضول
** الوزير عادل نصار قال في مقابلة مع الأناضول:- توقيت صدور القرار في تحقيقات المرفأ يحدده المحقق العدلي وفقًا لاكتمال الملف
- الدولة لا تقبل أن تبقى جريمة بحجم انفجار مرفأ بيروت دون مساءلة ومحاسبة
- لا توجد تدخلات سياسية أو ضغوط على المحقق العدلي وغير وارد أن يتوقف التحقيق
- يجب الوصول إلى قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وهو ليس خيارًا إنما واجب
نفى وزير العدل اللبناني عادل نصار، وجود "جمود قضائي" بملف انفجار مرفأ بيروت الذي وقع قبل 5 سنوات، مبينا أن التحقيقات وصلت مراحل متقدمة وأن توقيت صدور القرار يحدده قاضي التحقيق وفقًا لاكتمال الملف.
وفي مقابلة مع الأناضول تزامنا مع الذكرى الخامسة لانفجار المرفأ، شدد نصار على أن الدولة اللبنانية "لا يمكن أن تقبل بأن تبقى جريمة بهذا الحجم، دون نتيجة ومساءلة ومحاسبة".
ووقع انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020 ما أودى بحياة أكثر من 215 شخصا وإصابة نحو 6 آلاف و500 آخرين، بالإضافة إلى أضرار بقرابة 50 ألف وحدة سكنية، وقُدرت خسائره المادية بنحو 15 مليار دولار.
وآنذاك، عزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه في المرفأ الذي جرى فيه تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم دون إجراءات وقائية، كما جرى فتح تحقيق في هذا الملف.
وتوقف التحقيق بالقضية منذ ديسمبر/كانون الأول 2021 عقب أكثر من 45 دعوى ضد قاضي التحقيق طارق بيطار، قدمها سياسيون ومسؤولون مدعى عليهم بالقضية، مستغلين مادة قانونية في أصول المحاكمات تجمد عمل قاضي التحقيق في حال التشكيك بأدائه من جهة المدعى عليه.
لكن في يناير/ كانون الثاني 2023، حاول بيطار، استئناف التحقيق، حيث أخلى سبيل 5 موقوفين بالقضية، وادعى على 8 أشخاص، بينهم النائب العام التمييزي غسان عويدات، الذي أحيل للتقاعد وجرى تعيين جمال الحجار خلفا له في فبراير/ شباط 2024، فتوقفت التحقيقات مرة أخرى لبعض الوقت.
واستأنف القاضي بيطار ادعاءاته بالقضية في 16 يناير/كانون الثاني الماضي، وادعى على ثلاثة موظفين و7 ضباط في الجيش اللبناني والأمن العام والجمارك، حيث ظل الرجل قاضيا للتحقيق في القضية رغم إحالته للتقاعد من منصبه.
وفي هذا الصدد، قال وزير العدل إنه "منذ أن تسلمت الوزارة الملف (متابعة الملف مع البيطار منذ فبراير الماضي) وانطلقت التحقيقات مجددًا، وجرى استجواب العديد من الشخصيات (لم يذكرهم)".
وكشف نصار أن قضاة فرنسيين قدموا من باريس (دون ذكر التوقيت) للنظر في الملف بهدف التنسيق مع القضاء اللبناني وتبادل المعلومات، مشيرا إلى أن جميع المستجدات القضائية في الملف "تتم ملاحقتها ومتابعتها مني شخصيًا ضمن الصلاحيات المعطاة لي".
وأشار إلى أن وزارة العدل "تدعم بالكامل المحقق العدلي بالقضية، بما يدخل ضمن صلاحياتي كوزير، لأنه واجب عليّ".
الوزير شدد على أن "قضية مرفأ بيروت أولوية وسأتابعها حتى النهاية"، نافياً وجود أي تدخلات سياسية أو ضغوط على المحقق العدلي، مؤكدًا أنه "من غير الوارد أن يتوقف التحقيق".
ويواصل أهالي ضحايا الانفجار الذين خرجوا سابقا في عدة احتجاجات، تمسّكهم بـ"مسيرة العدالة والمحاسبة رافضين الاستسلام".
** حصر السلاح بيد الدولة
وفي قضية أخرى، أكد الوزير ضرورة "متابعة ملف حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية"، في إشارة إلى نزع سلاح جميع القوى المسلحة ومنها "حزب الله".
ولفت إلى أن هذا الطرح "ورد في خطاب قسم الرئيس اللبناني جوزاف عون، وفي بيان حكومة الرئيس نواف سلام (قبل أشهر)، واللذان أكدا على وجوب حصرية السلاح بيد الدولة".
ورحب نصار بخطاب الرئيس عون في عيد الجيش قبل أيام، معتبرًا أنه "يتضمن توجهًا واضحًا بأن وجود سلاح خارج الدولة اللبنانية يجب أن ينتهي، ولم يعد قابلًا للنقاش".
والخميس، ألقى عون، خطابا وصف بأنه "غير مسبوق"، دعا فيه إلى سحب سلاح جميع القوى المسلحة، بمن فيها "حزب الله"، وتسليمه إلى الجيش، في خطوة تعكس تحوّلاً في الخطاب الرسمي وسط ضغوط إقليمية ودولية متزايدة.
وفي هذا السياق، شدد نصار على أنه "يجب الوصول إلى قرار حصر السلاح بيد الدولة، وهو ليس خيارًا، إنما هو واجب".
وحول آلية التنفيذ، قال: "لا أستطيع أن أستبق جلسة مجلس الوزراء المقررة الثلاثاء (مخصصة للقضية)، إنما هذا الموضوع يجب أن يتم الانتهاء منه، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية في أقرب وقت ممكن".
ورفض الوزير التعليق مباشرة على موقف "حزب الله" الرافض لتسليم سلاحه، لكنه شدد على أنه "من غير المقبول بعد الآن أن يوجد فريق آخر موازٍ للدولة أو يضارب عليها".
وأضاف: "إما أن نكون جميعنا متكافلين ومتضامنين لبناء الدولة، أو يكون هناك طرف خارج الدولة ويواجهها".
ووسط ضغوط إقليمية ودولية متزايدة تتواصل الاتصالات السياسية في لبنان للوصول إلى توافق حول آلية تنفيذ محتملة لقضية نزع السلاح، خصوصًا مع إعلان "حزب الله" رفضه طرح ملف سلاحه قبل وقف الاعتداءات الإسرائيلية وإعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة جنوبًا.
وفي هذا الصدد، زار المبعوث الأمريكي توماس باراك لبنان لمدة 4 أيام، في يوليو/تموز، وتسلم خلال الزيارة ردا رسميا من الرئيس عون على مقترح واشنطن المتعلق بسلاح "حزب الله" وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان.
هذه التطورات السياسية تأتي مع استمرار التصعيد جنوباً، حيث تواصل إسرائيل خرق اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ومنذ بدء عدوان إسرائيل على لبنان في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ثم تحوّله إلى حرب شاملة في سبتمبر/أيلول 2024، قُتل أكثر من 4 آلاف شخص وأُصيب نحو 17 ألفاً، ورغم اتفاق التهدئة سجلت بيروت أكثر من 3 آلاف خرق إسرائيلي، ما أسفر عن سقوط 262 قتيلاً و563 جريحاً، ورغم تنفيذ انسحاب جزئي، لا تزال إسرائيل تحتل 5 تلال لبنانية، ما يزيد من التوتر على الحدود الجنوبية.
** التعاون القضائي مع سوريا
وفيما يتعلق بالتعاون القضائي مع سوريا، أوضح وزير العدل أن هناك اتفاقية قائمة بين البلدين "تعني فقط بإمكانية الاسترداد (الأشخاص الصادر ضدهم أحكاما قضائية)، ولا تعني بعملية محاكمة أو ملاحقة المواطن الموجود بالدولة المعنية"، دون تفاصيل أكثر.
وأكد نصار انفتاح وزارة العدل على دراسة ملفات المحكومين، مشيرًا إلى أنه "عندما يوضع إطار قانوني، يمكن استكمال تنفيذ الحكم في وطن المحكوم عليه، إذا ما تم التوصل إلى اتفاق مع السلطات السورية".
وأعرب الوزير عن استعداده التام للتواصل مع دمشق، قائلاً: "لديّ كل الرغبة لنقاش هذا الملف"، داعيا نظيره السوري (مظهر الويس) إلى زيارة لبنان "لتكون خطوة إلى الأمام في هذا الموضوع".
ومؤخرا، نقل "تلفزيون سوريا" عن مصادر مطلعة قولها، إن هناك تساؤلات بشأن مصير أكثر من ألفي موقوف سوري غالبيتهم دون محاكمات داخل السجون اللبنانية منذ بدء الثورة السورية في مارس/ آذار 2011، وسط غياب رؤية تنفيذية تُنهي ملفهم، فيما يقول لبنان إنهم موقوفون على ذمة قضايا، دون ذكر عددهم.
وفي أبريل/ نيسان الماضي التقى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، الرئيس السوري أحمد الشرع، بدمشق، في زيارة هي الأولى لمسؤول لبناني منذ تولي الأخير منصبه، وبحث معه قضايا عدة من بينها الموقوفين السوريين في لبنان.
ومنذ الإطاحة في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بعد 24 عاما في الحكم، تبذل الإدارة السورية الجديدة بقيادة الشرع الذي تولى مهام منصبه في 29 يناير/ كانون الثاني 2025، جهودا مكثفة لإنهاء الملفات العالقة، منها الموقوفون السوريون بلبنان.