الزجل المغربي.. فن يهمس بنبض الشارع
أسماء لزجالين مغاربة لمعت في تاريخ الثقافة الشعبية المغربية، زجالون ينظمون الشعر المقفى بالعامية التي تمتزج فيها كلمات أمازيغية وأخرى عربية فصيحة

سارة آيت خرصة
الرباط – الأناضول
يلتف حوله رواد المقهى الشعبي وهو ينظم قصيدته المقفاة باللغة العامية التي تحكي بلسان حالهم واقع أهل مدينة الصويرة (جنوب المغرب) وتبدل حالها.
إنه شاعر الزجل (الشعر المكتوب باللغة العامية) المغربي "عبد الرحمن الحامولي" الذي ينطق باسم هموم أهل المدينة على حد قول بعضهم لمراسل الأناضول.
يقول "الحامولي" الذي تعرفه الأوساط الثقافية المغربية بأنه "زجال بالفطرة": "توقفت عن الدراسة في المرحلة الابتدائية، وعملت عامل نظافة في إحدى المدن الصغيرة، لكنني لم أكف عن التأمل في حياة الناس وتناقضاتها (...) وفي سويعات الراحة القليلة خلال يوم العمل الطويل، كنت أجلس لأكتب، لأعبر عن حنقي وفرحي".
"الحامولي" الذي ألّف عدة دواوين زجلية، يقول لمراسل الاناضول إنه "أراد لقصائده أن تروي قصص الناس، ويعتبر أن مفرداتها العامية وحكمها تكتنز ذاكرة تراثية غنية".
وبدأ تدوين "الشعر الزجلي" والاعتناء بتراكيبه اللغوية في المدن الأندلسية وبإشراف شعرائها وزجاليها، ليقترن بفنون موسيقية أندلسية شهيرة كــ "الطرب الأندلسي" و"الملحون" و" الموشح"، وغداة هجرة أعداد كبيرة من الأندلسيين إلى المغرب بعد سقوط الحكم الإسلامي في إسبانيا أواخر القرن الثاني عشر، انتقل الزجل إلى المغرب ولينتشر بشكل واسع ويتأثر أهله بهذا الفن الشعري الجديد.
وفي تاريخ الثقافة الشعبية المغربية، لمعت أسماء عدد من الزجالين المغاربة، الذين كانوا ينظمون الشعر المقفى بالعامية المغربية -المختلفة عن باقي اللهجات المحلية العربية، حيث تمتزج فيها كلمات أمازيغية وأخرى عربية فصيحة، فيما كان يعد الشاعر الزجال الذي ينسج قصائد الزجل حكيما أو متصوفا، ينال تقدير الناس واحترامهم.
و"قد تبدو لغة الزجل بسيطة لكنها مليئة بالإشارات التي يحتاج فهمها الانتماء إلى ذات الثقافة والتراث الشعبي الذي أبدع هذه التعابير العامية...الزجل ينطق بلسان رجل الشارع البسيط وأحلامه، لكنه في نفس الوقت يوجه النقد للمجتمع والسلطة".. هكذا يقول عبد الجليل (56 سنة)، أحد رواد المقهى الذي يقيم فيه "الحامولي" أمسياته الشعرية بمدينة الصويرة.
ويضيف عبد الجليل لمراسل الأناضول أن "الزجل كلون شعري هو الأقرب إلى الناس، تنتفي فيه النخبوية التي تطبع الشعر باللغة الفصحى والذي يستغرق في استخدام المجاز والصور الشعرية التي تتطلب في أحيان كثيرة معرفة جيدة باللغة العربية وآدابها".
وأقيمت في عدد من المدن بالمغرب مقاه ثقافية يتردد عليها الزجالون والشعراء، وفيها يعرضون على روادها آخر دواوين أشعارهم وما جادت به قريحتهم الشعرية.
ففي مدينة مراكش، جنوب المغرب، وفي ساحتها الشعبية الشهيرة "جامع الفنــا " التي تتوافد عليها الفرق الموسيقية والمجموعات الاستعراضية الفلكلورية، يتحلق أهل المدينة والسياح في "الحَلقَة" حول زجالين يطربوا لأشعارهم الهزلية حينا وتلك الناقدة للأوضاع الاجتماعية والسياسية حينا آخر.
"نحن اليوم بحاجة لأن نسمع نبض الشارع وأن نخرج الثقافة من نخبويتها، فالشعر والأدب لا يحتاج لمعرفة أكاديمية حتى يتذوقه الناس (..) فالحكاية الشعبية والقصص التراثية والزجل العامي جميعها فنون تعبر عن نبض هذا الشارع وطموحاته وتواكب اللحظة التي يعيشها ".. هكذا يعلق نوفل (35 سنة) وهو شاعر بدأ مساره الأدبي حديثا واحتفى قبل أشهر بأول ديوان شعري له.
وكان نادي "القلم المغربي" قد أطلق العام الماضي مسابقة تبارى فيها عدد كبير من الزجالين المغاربة، على نظم قصيدة باللهجة بالدارجة المغربية تواكب التحولات التي شهدها المغرب خلال السنتين الأخيرة، بعد التعديل الدستوري الأخير ووصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى رئاسة الحكومة المغربية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.