وقفة تحت الأرض لمقاومة التحرّش في مترو القاهرة
فتيات يروين تجاربهن عبر صفحة لرصد التجاوزات على موقع "فيس بوك"

كوثر الخولي
القاهرة- الأناضول
نظّم نشطاء مصريون وقفة بإحدى محطات مترو الأنفاق لرفض "الانتهاكات" ضد النساء داخل عربات المترو التي قالوا إنها تزايدت مؤخرًا على نحو ملحوظ.
وتخصص إدارة مترو الأنفاق عربتين للسيدات حتى التاسعة مساءً تصبح عربة واحدة خلال الليل، غير أن كثيرًا من الرجال لم يعد يلتزم بذلك لا سيما بعد تراجع الرقابة الأمنية منذ الثورة، وهو ما يتسبب في نشوب مشاجرات يومية بينهم وبين النساء مستقلات العربة.
وتأتي الوقفة، التي شهدتها محطة "أنور السادات" بميدان التحرير أمس الأربعاء، في إطار مبادرة لرصد كافة الانتهاكات بالمترو ونشرها على موقع "فيس بوك"، بداية من غياب الأمن والسماح للباعة الجائلين بالدخول للمترو مرورا بخرق قوانين أبواب الصعود والخروج حتى اقتحام الرجال لعربات السيدات وصولاً إلى التحرش الجنسي بهنّ، بحسب الداعين للوقفة.
وكانت دراسة أجراها "المركز المصري لحقوق المرأة" العام 2010 قد كشفت أن 83 % من النساء المصريات، و98 % من الأجنبيات تعرضن للتحرش بطرق مختلفة مثل "اللمس"، و"الكلام" أو الملاحقة وغيرها، فيما شككت جهات أخرى في تلك النسبة واعتبرت أنها "مبالغ فيها".
وقالت غدير أحمد، مؤسسة المبادرة وإحدى الداعيات للوقفة، لوكالة "الأناضول" للأنباء: "الوقفة وجدت صدى طيبا عند الناس، رغم حدوث مشادات بيننا وبعض المارة إلا أن تضامن الناس معنا - وخاصة الشباب - كان له أكبر الأثر في نجاح الوقفة".
ودعت الجميع إلى اتخاذ مواقف إيجابية تجاه أي سلوك خاطئ باعتبار ذلك أولى الخطوات نحو التغيير، مشيرة إلى أن المبادرة ستنظم وقفة أسبوعية في إحدى محطات مترو الأنفاق للتوعية.
"إطلاق هذه المبادرة جاء بعد تزايد الانتهاكات التي تعرضت لها النساء والفتيات أثناء استقلال عربات المترو المخصصة لهن، سواء باقتحام باعة جائلين من الرجال للترويج لبضاعتهم، أو دخول الرجال لهذه العربات عنوة والتبجح لو طلب منهم الخروج، بالإضافة إلى حالات التحرش الجنسي المنتشرة في المترو" بحسب غدير.
وعبر صفحة المبادرة على موقع "فيس بوك" والتي حملت عنوان "الصفحة الرسمية لرصد انتهاكات مترو الأنفاق" روت بعض الفتيات تجاربهن فقالت نهى صبري غبريال: "لم أعد أستقل عربات المترو المختلطة نظرا للمضايقات التي يمكن أن أتعرض لها، وفي أحد الأيام توجهت إلى عربة السيدات وجدت داخلها 7 رجال".
نهى توجهت إلى أحدهم وقالت له بهدوء: "هذه عربة السيدات، يجب أن تغادرها في المحطة القادمة"، فرفض وحدثت مشادة مع السيدات بالعربة، وفجأة قام أحد الرجال بصفع فتاة على وجهها لمجرد أنها طالبته بالنزول وفرّ مسرعًا بمجرد الوصول للمحطة.
ورغم أن نهى لم تخف حزنها على ما جرى للفتاة إلا أنها أبدت سعادتها بالإيجابية التي وجدت عليها الفتيات بالعربة حتى أنهن تمسكن بتحرير محضر ضد الشاب في محاولة للحصول على حق الفتاة.
وبأسلوب أدبي تحكي "وفاء البدري" قصتها مع مترو الأنفاق بقولها: ركبت المترو واخترت عربة النساء لأنها الأكثر راحة في وقت متأخر نسبيا، وفوجئت بأن العربة تمتلئ بالرجال، والغريب أن الرجال جالسون علي الكراسي بينما النساء يقفن وإحداهن أو اثنتان تحملان أطفالاً رضع".
وأضافت: لأنني قد خضت معارك عدة من قبل بغية إخلاء عربة السيدات من الرجال، وباءت بالفشل فقد قررت ألا أتدخل هذه المرة في المعركة، وفي المحطة التالية ركبت فتيات يبدو عليهن "الجرأة" وكان أول ما فعلنه أن طلبن من الرجال في المترو مغادرة العربة في المحطة القادمة.
وما كان من الشباب إلا أن ارتفع صوتهم بـ "السباب" ورأيتني بحسي المتحمس، والحديث لايزال لوفاء، أتضامن مع الفتاة التي أثارت الأمر وأقول للشاب لن تستطيع أن تفعل شيئا معها فكلنا نوافق على ما تقول وإذا برجل يتعدى عمره الـ45 ينظر إلينا غاضبا ويصفنا بصفات "بذيئة" لمجرد أننا طالبنا بحقوقنا.
ويشهد المجتمع المصري عددًا من المبادرات المجتمعية المناهضة للانتهاكات الجنسية ضد النساء، وأحدث تلك المبادرات مشروع "خريطة التحرش الجنسي" HarassMap.org" الذي أطلقه عدد من المتطوعين، وفاز المشروع بجائزة "البوبز" الدولية لعام 2012 التي تمنحها إذاعة "دويتش فيلا" الألمانية لأفضل موقع إلكتروني يستخدم التكنولوجيا في خدمة القضايا الاجتماعية على مستوى العالم.
كخ /أخ/حم
|