من طوابير الخبز لطوابير الاستفتاء بمصر: كفى انقساما
اختار قطاع من المصريين، من أصحاب الدخول البسيطة، تجاهل عملية الاستفتاء على مشروع الدستور، حيث لا يتوقعوا تأثير له على أوضاعهم المعيشية

كوثر الخولي
القاهرة - الأناضول
في إحدى الحارات الضيقة التي تبعد أمتارا قليلة عن إحدى لجان الاستفتاء على دستور مصر الجديد بمنطقة السيدة زينب وهي إحدى المناطق الشعبية بالقاهرة، يقف مصريون أمام مخبز لبيع الخبز المُدعم، غير مبالين بما تشتعل به الساحة السياسة من انقسام حول "نعم"، و"لا".
ورفضوا هؤلاء المصطفون في طابور الخبز أن يكون إحجامهم عن التصويت هو من قبيل السلبية، مؤكدين أن حصولهم على رغيف الخبز أهم مليون مرة، من دستور يتصارع عليه ساسة، تناسوا وسط انقساماتهم الاحتياجات الأساسية للفقراء، بحسب قولهم.
وتبلغ نسبة الفقر بين المصريين 25.2% وفقاً لإحصائية أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.
تقول أم فاطمة، وهي تجمع أرغفة الخبز الساخنة وتضعها في الكيس المخصص لذلك: "العيشة صعبة، والأطفال ينتظرون الإفطار، وزوجي يخرج من الفجر لكي يرجع في نهاية اليوم بجنيهات قليلة لا تكفي احتياجاتنا، وإذا مرض يوماً لن نجد من يعتني بنا، وكل ما نريده من المسئولين الاهتمام بالفقراء وتوفير حاجاتهم".
وبيديه المرتعشتين يمسك "عم سيد" بقطعة نقود معدنية من فئة الجنيه (16 سنت تقريبا)، محاولا الصمود في الطابور الطويل حتى يصل إلى بائع الخبز للحصول على الأرغفة العشرين التي تنتظرهم أسرته، ولم تسترح ملامحه المتعبة إلى بعد أن أمسكهم في يديه، وعن الاستفتاء يتساءل: "هل سيقدم رأيي أو يؤخر من شيء؟ لا أعتقد ذلك".
ويتابع: "الحقيقة أنا خائف أن أختار خطأ، فعندما أشاهد التلفزيون وأرى فلان يتصارع مع فلان ..ارتبك ولا أعرف أي القرارات صحيح، أنا لست مع الإخوان ولست ضدهم، ولكن أرى أن الحال لم يتحسن ومعاناتنا تزداد يوما بعد يوم".
"عفاف"، شابة في العشرينات من عمرها، لم تكمل تعليمها، تعمل عاملة في إحدى المعامل الطبية القريبة، تقول عن سبب إحجامها عن المشاركة في الاستفتاء: "أنا لست سلبية، ولكني مرتبكة، وحال البلد صعبة"، مؤكدة أنها شاركت في الانتخابات الرئاسية ومن قبلها الانتخابات البرلمانية، غير أن هذه المرة "الأمر مختلف".
وأوضحت أنه في المرتين السابقتين "كنت أشعر بالفرح وأنا أشارك وأشعر أن صوتي له قيمة، أما المرة هذه فهناك صراعات كبيرة في البلد تجعلني مترددة في المشاركة".
ويفسر مصطفى ربيع، الباحث في مركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، هذا الإحجام عن المشاركة في الاقتراع على الدستور الجديد لدى قطاع من المصريين بقوله: "الفقر في مصر هو فقر متعدد الأبعاد، فهو لا يعني مجرد الافتقار إلى الدخل، وإنما يعني أيضا إلى الافتقار إلى الأساسيات الأخرى، مثل أن يكون المرء جزءا من المجتمع، وأن يكون لديه القدرة على مساءلة المؤسسات".
وأضاف لمراسلة "الأناضول": "لذلك كان رد فعل بعض هؤلاء الفقراء هو الاحجام عن المشاركة لأن اللهاث وراء توفير ما يسد جوعهم هو بالنسبة لهم أهم وأكثر تأثيرا".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.