archive, الدول العربية

مسؤول عراقي سابق: الفيدرالية تبعد شبح التقسيم (صورة)

حذّر مستشار الأمن القومي السابق في العراق، موفق الربيعي، من خطورة الوضع الراهن في بلاده والذي قد يقود إلى اندلاع "حرب أهلية" تنتهي بتقسيم العراق.

14.05.2013 - محدث : 14.05.2013
مسؤول عراقي سابق: الفيدرالية تبعد شبح التقسيم (صورة)

 شمال عقراوي

شمال العراق - الأناضول

حذّر مستشار الأمن القومي السابق في العراق، موفق الربيعي، من خطورة الوضع الراهن في بلاده والذي قد يقود إلى اندلاع "حرب أهلية" تنتهي بتقسيم العراق، مقترحًا اعتماد نظام الأقاليم الفيدرالية لتجنب ذلك.

وأعرب الربيعي، في حوار مطول مع مراسل "الأناضول"، عن قلقه الشديد "على الوضع العراقي، وعلى التجربة الجديدة التي أتينا بها للعراق قبل عشر سنوات (تاريخ غزو قوات التحالف، بقيادة الولايات الأمريكية، للعراق عام 2003 وإسقاط نظام صدام حسين)"، مشيرًا إلى أن بلاده "لم تمر بمرحلة كالتي تمر بها الآن.. إنها حرجة جدًا".

ويعد تحذير الربيعي الأقوى من مسؤول أمني رفيع تولى منصب مستشار الأمن القومي في العراق ابتداءً من عام 2004 ثم غادر منصبه خلال الفترة الأولى لرئاسة نوري المالكي للحكومة من 2006-2010، لكنه لا يزال في قيادة التحالف الوطني الشيعي الحاكم وعضو في البرلمان أيضًا.

وأوضح الربيعي: "طيلة العهد الملكي (انتهى عام 1958) والجمهوري، وحتى البعثي (2003 نهاية عهد الرئيس الراحل صدام حسين)، لم يجرؤ أحد على أن يتحدث عن تقسيم البلاد، الآن لا يجري الحديث عن التقسيم فقط، وإنما نرى سياسيين وكتاب يقومون بالتنظير للتقسيم علنا ويروجون له، هذا هو أسوأ ما في الوضع".

ومضى بالقول "الآن هي مرحلة مراجعة حقيقية وجذرية للعملية السياسية، لأننا إذا تركنا العملية السياسية كما هي الآن بكل اتجاهاتها سوف تقع حرب أهلية ثم تنتهي بتقسيم بشع للعراق".

وتابع: "لا يوجد تقسيم ناعم، كل التقسيم خشن ودموي، وهو ليس حلا، لأنه يخلق مشاكل، وأنا اعتبر الداعين لذلك قاصرين في فهم السياسة، لأن وجود مكونات عديدة مختلفة دينيا وقوميا ومذهبيا في بلد واحد ممكن عبر تطبيق نظام الأقاليم، وهي مطبقة في العديد من الدول".

وزاد بالقول إن "الحل هو تقسيم البلاد إلى أقاليم لأن أي اتجاه مركزي أو التمسك ببناء دولة مركزية سينتهي بالبلد إلى تقسيمه".

وعن أسباب رواج فكرة التقسيم بين السياسيين والمثقفين في العراق، قال الربيعي: "العامل الأول هو الوضع الأمني السيئ، المواطن وصل لمرحلة اليأس وهو يضغط على السياسي ويريد منه الحل، والسياسي يختار أقصر الحلول ويفكر في عزل منطقته، وذلك عدم وعي، العامل الثاني هو الضغط القادم من دول الجوار، فبعضها لا يريد عراقا موحدا وقويا بل مقسما، عندي معلومات أن دولا مجاورة تريد عراقات أو عراق أصغر من الحالي"، رافضًا الإفصاح عن تلك الدول.

وأضاف: "أنا قلق جدا لأني أرى دعوات التقسيم تأتي من أناس يتخطون مرحلة الأقاليم الفيدرالية وهي الحل لمعظم مشاكل الهوية الثقافية والصراع على المناصب والأموال".

واستدرك قائلا: "لا أعتقد أن الظرف الدولي والإقليمي يسمحان بتقسيم العراق، لكن مجرد التنظير للموضوع يحوله إلى أحد الخيارات المطروحة وهو خطر".

وأشار الربيعي إلى أنه كان من بين من دعوا إلى تطبيق الفيدرالية في العراق منذ عام 1991، "لكن عارض ذلك شيوخ القبائل الشيعة والسنة ورجال الدين الشيعة والسنة، وسياسيون لأنها كانت نوعا من الفكر المتقدم".

وتابع: "كما نادينا بعد 2003 مباشرة إلى أقاليم فيدرالية في جنوب العراق وغربه وفي أكثر من مكان، لكن السكان هبوا معارضين بسبب قصور في الفهم، أما الآن فكل الشيعة مع الفيدرالية، والكثير من السنة مع الفيدرالية، وبرأيي وبدلا من الذهاب إلى تقسيم البلد الذي عمره آلاف السنوات ليجربوا الفيدرالية وينظرون ماذا فعلت لكردستان (إقليم شمال العراق)، .. تنعم بالأمن والأمان، دع الناس تذهب إلى تلك التجربة المحلية، أهل البصرة والنجف (جنوبي العراق) يريدون تغيير الواقع".

وردًا على سؤال حول أسباب عدم تطبيق الفيدرالية في البلاد مادامت تلقى القبول وسط الشيعة والسنة، قال "الذي يمنع هو بعض السياسيين في بغداد تخدمهم الدولة المركزية وهي تتطابق مع طريقة تفكيرهم، هذا خطر شديد على العراق، الاستغراق في المركزية هو السبب الرئيسي لتقسيم العراق".

وأضاف: "مع الأسف قسمُ من السياسيين في بغداد طريقة تفكيرهم مركزية يعتقدون أن الفيدرالية تضعف الدولة العراقية، على هذا الأساس يرونها ضعفا يقود إلى التقسيم وهذا جهل سياسي، مشكلتهم أنهم يعملون في أحزاب عقائدية والحزب العقائدي لا يرى الحق إلا معه، والآخرين على الباطل ..الكثير ممن هم في السلطة، همهم السلطة وليس لديهم اهتمام آخر".

وأكد أن "المحافظات العراقية لا تريد أن تُحكم من بغداد، بل تريد أن تحكم نفسها بنفسها مع بقائها مرتبطة بالعراق سياسيًا، وسبب ذلك هو الخصوصية الموجودة لكل منطقة في العراق، حتى الثقافة المحلية تختلف من منطقة إلى أخرى".

وأعرب عن اعتقاده أن "العراقيين في طريقهم لينضجوا سياسيًّا ويتجهون للفيدرالية، ولو نظرت إلى نتائج الانتخابات الأخيرة لعرفت أنهم في طريقهم للنضج حيث لم يعودوا ينخدعون بالشعارات الطائفية".

وأظهرت نتائج انتخابات مجالس المحافظين التي جرت الشهر الماضي أن ائتلاف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تصدّر ولكنه أخفق في الحصول على أغلبية في أي منطقة مما يعني أنه سيحتاج إلى تحالفات للاحتفاظ بالمناصب الرفيعة في المحافظات.

وتحدث مستشار الأمن القومي السابق في العراق بمرارة عن العملية السياسية القائمة حاليا في بلاده والتي "يقودها الشيعة ولكن على خطى نظام صدام حسين (1979- 2003)"، على حد قوله.

ومضى قائلا: "عارضنا وقمنا بالثورة على نظام حسين لثلاثة أسباب، لأن حزب البعث (الحاكم حينها) كان حزبا ديكتاتوريا، وطائفيا ومذهبيا معادٍيًا للشيعة، وعنصريا معاديا للأكراد والتركمان والمسيحيينوالآن نتهم نحن الشيعة بالاستفراد بالسلطة والدكتاتورية، نتهم بتلك التهم الثلاث، بالدكتاتورية، والطائفية ضد السنة والعنصرية ضد الكرد".

وأضاف "كان صدام يتهم الأكراد بكونهم انفصاليين وعملاء، نحن الآن نقول عنهم نفس الشيء نتهمهم بذات التهم وكأن التاريخ يعيد نفسه".

ورأى الربيعي أن "الوضع العراقي في أسوأ حالاته بسبب تسييس الدين وإقحام الدين في السياسة، هذا قائم لدى الشيعة والسنة وهو ما أدى إلى استقواء المذهبية والطائفية (...) العراق يجب أن يتمسك بثلاثة أشياء أساسية هي الهوية الوطنية لمواطنيه مع احتفاظ كل شخص بهويته القومية أو المذهبية أو الدينية، يبقى العربي عربيًا والكردي كرديًا والتركماني تركمانيًّا كذلك المسيحي لديه هوية خاصة".

ودعا إلى ضرورة "الابتعاد عن خلط الدين بالسياسة والاتجاه نحو الدولة المدنية، واتباع الوسطية، جربنا في العراق التطرف المذهبي.. قاد إلى الاقتتال المذهبي في فترة 2006 -2007، وسبق أن جرب العراق العنصرية في عهد صدام وكانت نتيجته المذابح ضد الأكراد وقصف حلبجة (عام 1988 وراح ضحيته قرابة 7 آلاف شخص) والتطهير العرقي، فهل يجوز تجربتها من جديد؟!"

وأكد الربيعي: "لدينا عقد اجتماعي وهو الدستور علينا التمسك به بكل مساوئه وجعله المرجعية الوحيدة لنا؛ لأن أية مرجعية أخرى غير صالحة".

ورأى المستشار السابق للأمن القومي في العراق أن السياسيين العراقيين الذين تولوا السلطة بعد الغزو الأمريكي في 2003، "تمكنوا من بناء سلطة القوة ولم يبنوا دولة المؤسسات".

وتابع: "حققنا في السنوات العشر الماضية سلطة في العراق، وهي تشبه دور الشرطي المطلوب منه فرض القانون وفق مقولة العصا لمن عصى، فيما لم نتمكن من بناء دولة مؤسسات، رجل الدولة يختلف عن رجل السلطة، رجل الدولة الجميع سواسيه لديه سواء كانوا عربا أم كردا أم تركمانا، أما الطرق التي تعاملنا بها مع المواطنين فهي أسلوب رجل السلطة وليس الدولة ليس كأب مع أبنائه أو مؤسسات الدولة مع مواطنيها".

وطالب الربيعي الحكومة العراقية بتلبية مطالب المتظاهرين وإجراء عملية مصالحة وطنية حقيقية وإلغاء بعض القوانين بهدف تحقيق الاستقرار في البلاد.

وأكد أن العراق بحاجة إلى "تحقيق مجموعة من الإصلاحات لتحقيق المصالحة الوطنية من أجل إخراج (تنظيم) القاعدة والميلشيات من بين الشيعة والسنة، وعدم توفير الغطاء لها، هذا ضمن الإصلاح في العملية السياسية".

ويشهد العراق تظاهرات حاشدة للعرب السنة منذ قرابة الأربعة شهور ضد حكومة المالكي في محافظات الأنبار ونينوى (غرب) ونينوى (شمال) وصلاح الدين (وسط) وديالي (شرق) وبعض مناطق بغداد، بمشاركة علماء الدين وشيوخ العشائر وبعض المسؤولين المحليين، للمطالبة بإلغاء قانون المساءلة والعدالة وبند في قانون مكافحة الإرهاب وإقرار قانون العفو العام وإطلاق سراح السجينات والمعتقلين الذي يعتبرونهم أبرياء وتغيير مسار الحكومة، التي يتهمونها بتنبني سياسات طائفية ضد العرب السنة، وهو ما ينفيه المالكي، الذي بدوره يتهم المحتجين بإثارة الفتنة الطائفية.

وتفاقمت الاضطرابات التي اكتست ثوب الطائفية يوم 23 أبريل/ نيسان الماضي، حين اقتحمت قوات من الجيش العراقي ساحة اعتصام قضاء الحويجة جنوب غربي محافظة كركوك؛ بدعوى وجود مسلحين داخل الساحة، مما أسفر عن سقوط 50 قتيلا و110 جرحى بين المعتصمين، وهو ما فجّر غضبا واسعا تطور إلى اشتباكات بين مسلحين وقوات الأمن في عدة محافظات؛ مما أدى إلى مقتل عشرات آخرين؛ وأثار مخاوف متجددة من نشوب حرب طائفية في العراق.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın