"مسألة فلسطين".. موسوعة لفهم موازين القوى في العالم

كوثر الخولي

القاهرة - الأناضول

المتصفح لموسوعة "مسألة فلسطين" للمؤرخ الفرنسي هنري لورانس يجد بها ما يشبه المرآة التاريخية للأحداث والمواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية بما يعكس موازين القوى في العالم عبر التاريخ.

والموسوعة أيضًا ليست مجرد سرد تاريخي للقضية الفلسطينية الحديثة، بل هي وصف توثيقي دقيق لمختلف مراحل تطور الصراع على فلسطين، ومواقف القوى العالمية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي.

وقبل يومين احتفل معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ44 المنعقد حاليًا بالعاصمة المصرية بصدور الكتاب السابع باللغة العربية من موسوعة "مسألة فلسطين" عن المركز القومي للترجمة بمصر، والذي قام بترجمته بشير السباعي، حيث عقدت ندوة على هامش المعرض لمناقشة الكتاب شارك فيها المترجم وعدد من المفكرين والنقاد العرب من بينهم المفكر الفلسطيني عبد القادر ياسين.

وهنري لورانس هو مؤرخ فرنسي متخصص في التاريخ الحديث والمعاصر للعالم العربي، وله العديد من المؤلفات التي ركزت على مختلف أشكال اندماج المنطقة العربية في العالم الحديث، الذي هيمنت عليه الرأسمالية الغربية.

وعمل هنري لورانس أستاذًا للتاريخ بجامعة السوربون الفرنسية، ثم بالمعهد القومي للغات والحضارات الشرقية بباريس، وتولى بعد ذلك إدارة مركز دراسات وبحوث الشرق الأوسط المعاصر ببيروت، وكان إلى وقت غير بعيد مشرفًا بالمعهد القومي للبحث العلمي بباريس، وهو الآن أستاذ التاريخ المعاصر للعالم العربي بالكوليج دوفرانس (مؤسسة فرنسية تختص بالبحث العلمي والتعليم العالي).

وقال مترجم الموسوعة بشير السباعي إن الموسوعة تتضمن وثائق تنشر لأول مرة، حيث سمحت الحكومة الفرنسية لـ"لورانس" بالاطلاع على أرشيفات ووثائق تاريخية من الأرشيف الحكومي للأحداث التي وقعت في الفترة من عام 1799 وحتى اللحظة الحاضرة لتكوين رؤية تاريخية موضوعية عن كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية خلال هذه الفترة الزمنية.

وعن الفترة الزمنية التي تعالجها الموسوعة في مجلداتها السبع أضاف: "تتناول الموسوعة الفترة الزمنية منذ حملة نابليون بونابرت على بلاد الشام في عام 1799 إلى اللحظة الحاضرة".

وحول الإشكالية التي يعرضها الكتاب أوضح السباعي خلال احتفالية معرض الكتاب بالموسوعة: "هذا الكتاب بمثابة مرآة تاريخية لفهم الوقائع والأحداث حيث يتناول تطور مواقف دول العالم من القضية الفلسطينية بما يسمح للقارئ بمعرفة موازين القوى في العالم على مر التاريخ وكيفية تغيرت وتبدلت تلك الموازين".

وأشار إلى أن "المؤلف حاول من خلال مؤلفه الموسوعي، فهم الأسباب الكامنة وراء تحول الغرب الرأسمالي إلى التنكر لمبادئ التنوير وحقوق الإنسان والشعوب في تعامله مع العالم العربي".

وأضاف أن موسوعة "مسألة فلسطين" لا يمكن النظر إليها إلا عبر ارتباطها بأحداث العالم المعاصر، وعلاقتها بتطور المجتمعات الأوربية والعربية.

من جانبه قال الناقد والأكاديمي المصري سيد البحراوي الذي حضر احتفالية المعرض بموسوعة "مسألة فلسطين": "لقد قدمت هذه الموسوعة إلي معلومات جديدة لم أكن ملماً بها في إطار الصراع العربي الإسرائيلي".

ولفت الناشط السياسي المصري أحمد بهاء الدين شعبان إلى أن "الموسوعة تقدم تسجيلاً توثيقيًا دقيقًا لمختلف مراحل تطور الصراع على فلسطين منذ أواخر القرن الثامن عشر إلى الآن، ومثل هذا التسجيل التوثيقي لا نجده في أي عمل آخر بأي لغة".

وأشار خلال حضوره احتفالية المعرض إلى أن لوارنس اعتمد على وفرة من الوثائق التي لم يسبق الاعتماد عليها، كما أن المؤلف قام بتركيب نقدي لمعظم الأدبيات الصادرة حول الموضوع، وهو مجهود لم يسبقه إليه أحد من المؤرخين من قبل.

بينما اعتبر المفكر الفلسطيني عبد القادر ياسين أن "هذه الموسوعة محاولة تكوين صورة موضوعية عما حدث بالفعل، معتمدًا في طرحه على تمسكه بمبادئ حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وهي مبادئ يعترف لورانس بأن الغرب الإمبريالي قد خانها في تعامله مع "المسألة اليهودية" في الغرب، كما في تعامله مع "مسألة فلسطين" في الشرق.

وأوضح أن المؤلف "يسلط الضوء على دور مختلف الدول العظمى، وبينها فرنسا، في دعم المشروع الصهيوني".