"محمد الدرة"..صرخة الموت التي لا تموت بغزة (صور)
"الولد مات.. مات الولد ": صرخة الدم هذه سالت في الثلاثين من سبتمبر/أيلول لعام 2000 لأبٍ احتمى من زخات رصاص إسرائيلي انهال آنذاك كما المطر عليه وعلى صغيره صاحب الـ"11" ربيعاً.

غزة/الأناضول/ علا عطا الله - "الولد مات.. مات الولد ": صرخة الدم هذه سالت في الثلاثين من سبتمبر/أيلول لعام 2000 لأبٍ احتمى من زخات رصاص إسرائيلي انهال آنذاك كما المطر عليه وعلى صغيره صاحب الـ"11" ربيعاً.
يومها أراد الأب لتلك النيران أن تخترق جسده، وأن يحمي صغيره من موتٍ صار أقرب لهما من حبل الوريد،غير أن "محمد الدرة" ذاك العصفور انطفأ في حضن أبيه وسقط ذبيحا، ووحدّها ظلّت صرخات والده تترجم للعالم كيف يموت الطفل الفلسطيني على الهواء مباشرة.
واليوم تخرج إسرائيل بعشرات الروايات التي تكذب رواية مقتل الطفل "محمد الدرة"، وتقول إنه لا زال حيا لم يمت، فيما تكذب تصريحات أخرى الفيديو وتقول إن الرصاص الذي أطلق عليه كان فلسطينيا.
هذه الروايات نكأت جرح جمال الدرة والد الطفل الشهيد وفتّحته على آخره، بل أعادت مشهد الوجع بكامل تفاصيله من جديد.
فتماما قبل 12 عاما خرج صوته الآن يصرخ: "الولد مات، مات الولد"، وفجأة تغيب كلماته، لتعود بعد لحظات من الصمت الحزين: "لا إنه حي، نعم محمد ما زال حيا، في قلبي، في روحي، في كل قلب حر ينبض بالإنسانية، وروحه ستبقى تلاحق قاتلها."
وكان شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية في غزة، في 30 سبتمبر/أيلول من عام 2000، قد صدم العالم بمشاهد إعدام حية للطفل محمد الدرة الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي، في شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة.
وقد وثق الشريط عملية إطلاق النار المقصودة باتجاه الطفل وأبيه، والتي انتهت بسقوط الطفل محمد قتيلا، فيما أصيب والده بجراح خطيرة.
وفي حديثه لمراسلة وكالة الأناضول قال "الدرة" :إنه ما من شيء غريب على إسرائيل، مؤكداً أنها في كل عام تختلق رواية جديدة حول ابنه :" هي تشعر بالعار الذي وصم جبينها، فشريط الفيديو رآه كل العالم، وشاهد الناس كيف تقتل إسرائيل البراءة والطفولة بدم بارد."
ولأن الفيديو يتكرر كعنوان ورمز لانتهاكات إسرائيل ضد الفلسطينيين رأى "الدرة" أن هذه الدعاية الإعلامية تتأجج من أجل طمس الحقائق، وخاصة قبيل انعقاد المحكمة الفرنسية للتداول في قضية مقتل نجله محمد والمقرر عقدها في 22 الجاري.
وبالقرب من قبر ابنه المنقوش على شاهده تاريخ صرخة الموت، أشهر "الدرة" سيف التحدي في وجه إسرائيل باستعداده لاستخراج جثة طفلة لتشريحها وإثبات هويته، وإجراء تحقيق دولي في الحادثة لكشف المزاعم الإسرائيلية .
ووصف ما وصفه بـ"الخرافات والأكاذيب" التي لا أساس لها من الصحة.
وكانت لجنة حكومية إسرائيلية تم تشكيلها لدراسة قضية مقتل الدرة قالت إن الصبي لا زال على قيد الحياة في نهاية الشريط الأصلي الذي بثته قناة "فرانس 2" الفرنسية.
وقال التقرير إن المحطة الفرنسية لم تبث الشريط كاملا حينها، كما أكد عدم وجود أي أدلة تثبت إصابة الصبي ووالده برصاص الجيش الإسرائيلي.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قرر تشكيل اللجنة قبل ثمانية أشهر للنظر في قضية الدرة، التي "أصبحت جزءا من حملة تسعى لنزع الشرعية عن إسرائيل،" بحسب موقع الإذاعة الإسرائيلية.
وبينما تتوافد كاميرات الإعلام لسؤال الوالد عن شعوره، ينطق الدرة بـ"حرام"، ويكررها أكثر من مرة، وبدمع اكتنز عيونه مضى يقول: "ابني مات، صرخاته حية، كأني أسمعه الآن وهو ينادي".
ويختصر الأب حكاية الوجع بقوله :""أبكيه اليوم كما بكيته 12 عاما".
-----
صور-أشرف أبو عمرة