archive, الدول العربية

في رفح الغزية.. قرية "سويدية" صارت "منفية" (فيديو)

كانت المحطة الأولى للسكان الفلسطينيين الذين لجأوا إليها بعد نكبة 1948م

11.02.2013 - محدث : 11.02.2013
في رفح الغزية.. قرية "سويدية" صارت "منفية" (فيديو)

هناء صلاح

تصوير: مصطفى حسونة

فيديو: متين كايا

رفح (قطاع غزة) - الأناضول

جنوباً عند آخر نقطة على الساحل الغزي تتراقص أشجار النخيل المنعزلة، كأنها ترحب بشوق بالغ بالقادمين من شمال القطاع.

وهناك تتربع القرية السويدية عند آخر 50 متراً من الحدود الجنوبية لقطاع غزة، وعلى مساحة تقارب 25 دونماً (الدونم ألف متر مربع)، قرب الحدود المصرية الفاصلة، حيث تتناثر أبراج المراقبة الخاصة بحرس الحدود المصريين.

للوهلة الأولى، ظننا أننا سنزور قرية متطورة وجميلة، كيف لا؟ و"السويد" هي من أنشأتها، وظلت القرية تحمل اسمها وفاءً وعرفاناً.

لكننا لم نجد سوى مكان بائس، يكره سكانه اسمه، ويفضلون عنه اسم "القرية المنفية".

كانت هذه المنطقة المحطة الأولى للسكان الفلسطينيين الذين لجئوا إليها بعد نكبة 1948م، حينما تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من ديارهم، لكن القرية تأسست فعلياً في العام 1965م، كهِبَة قدمها الشعب السويدي والقوات السويسرية في قوة الطوارئ الدولية كما كتب على النصب التذكاري.

كان يفترض حسب المنحة السويدية أن يتم بناء مدينة سكنية بمواصفات عالية هناك، بيد أن تلك المساكن لا تختلف عن حال مخيمات اللاجئين الفلسطينيين البائسة، بحسب قاطنيها.

يشتكي سكان القرية التي يقطنها قرابة ألف شخص، أوضاعاً إنسانية واقتصاديةً قاسية منذ تأسيسها، لكن معاناتها اشتدت مع الحصار المفروض على القطاع منذ العام 2007.

وبحسب ما قاله السكان لمراسل الاناضول فإن تلك القرية تتلقى معظم خدماتها الصحية والتعليمية بشكل رئيسي من خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"- في قطاع غزة.

ويمتهن معظم سكان القرية الصيد من شاطئها، الممنوع فيه الصيد، فالزوارق الحربية الإسرائيلية، تحظر الصيد كون الشاطئ "حدودي" بين القطاع ومصر، وتلاحق صيادي القرية، وتعتقلهم، وتدمر قواربهم وتتلف شباكهم، على حد قول الصيادين.

وعلى عكس حال صيادي مدينة غزة الذين مُنحوا ولو جزءاً بسيطاً من الأميال البحرية بعد وقف إطلاق النار الذي وقعته الفصائل الفلسطينية مع إسرائيل في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، فإن الحرب لم تمنح صيادي تلك المنطقة إلا مزيداً من الخنق.

ويحاول الصيادون الصيد في الشواطئ المصرية، لكن القوات البحرية المصرية تمنعهم كذلك.

وبعد فشل محاولاتهم في البحث عن مصادر رزق بديلة، أصبح معظم شباب القرية ورجالها عاطلين عن العمل، أو يعملون بضعة أيام في الشهر في أراضي زراعية بأجرة تقارب ثمانية دولارات يوميا.

وتعاني القرية من بعدها عن مركز محافظة رفح الفلسطينية، حيث لا تصلها المواصلات العامة، مما يضطر أطفالها الذهاب الى مدارسهم في الصباح الباكر مشياً على الأقدام عبر الطرق الوعرة، لمسافة تتراوح بين3-7 كيلو متر.

كما تشكو القرية من ساعات انقطاع الكهرباء الطويلة، والتي تزيد من معاناة سكانها.

وتتحدث "ختام" و"شيماء" و"ضحى" المثقلات بالتعب في طريق عودتهن من المدرسة الى القرية عن أزمة الكهرباء، وكيف تؤثر على دراستهن.

تقول ختام  "ناهيك عن ساعات القطع المستمر والطويل، فإن التيار الكهربي لدى عودته لا يكفي لإضاءة جيدة تساعد على الدراسة لشدة ضعفه".

وخلال شهر الشتاء، تشتد مشاكل القرية، حيث تغرق بيوتها الهشة وشوارعها بالمياه، لافتقارها لشبكات الصرف الصحي أو الطرق المعبدة.

ويقول المسن، علي أبو عودة  الذي بدا غاضباً خلال حوارنا معه "لا نستطيع الخروج إلى الشارع في الشتاء".

وما يزيد سخط السكان أن شاطئ القرية يعد مكباً للصرف الصحي القادم من مدينة رفح، ويقول محمد حسونة لمراسل الأناضول "مدينة رفح لها شبكات صرف صحي و تصب في بحر قريتنا، التي تخلو من شبكات الصرف الصحي".

ويضيف: "ما ذنب أطفالنا الذين يصابون بالأمراض عند سباحتهم في هذا الشاطئ الملوث؟ ونحن لا نقدر على دفع تكاليف علاجهم".

ويكشف سكان القرية النقاب عن أن خدمة "الهاتف" وصلت للقرية لأول مرة في تاريخها خلال شهر يناير/ كانون ثاني الماضي فقط.

أما عن مشاكل الماء، "فحدث ولا حرج"-حسب على أبو عودة- الذي يستطرد "إنه مثل القطرة الحارقة للعين من شدة ملوحته".

ويضطر سكان القرية لشراء مياه الشرب بواسطة سيارات متنقلة.

ويشتكي مواطنو القرية من عدم اهتمام الجهات الحكومية والأهلية بأوضاعهم، حيث يذكرون أن آخر المساعدات التي وصلتهم كانت في نوفمبر/ تشرين ثان 2012 وهي عبارة عن طرود غذائية.

ويقول أبو عودة: "نحتاج بشكل أساسي إلى فرص عمل لتوفير حياة كريمة لأطفالنا".

ورغم كل تلك المعاناة يصر السكان على البقاء في تلك القرية، التي لا يجدون مكاناً آخر للجوء اليه سواها.

يضيف أبو عودة: "صمدنا زمن الاحتلال الاسرائيلي الذي أقام مستوطناته بجوارنا وكانت محنة لا توصف من قسوتها، ولم نكن نعرف الكهرباء في تلك الفترة، حيث اشترينا مولدات كهربائية قديمة كي نوفر الطاقة لعائلاتنا.. وسنبقى صامدين الآن أيضًا".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın