كوثر الخولي
القاهرة- الأناضول:
إذا كان الواقع المصري يموج حاليًا بزخم سياسي ملحوظ على خلفية رغبة متزايدة في التغيير والتجديد خصوصًا من فئة الشباب، فإن هذا الزخم له أيضا بعده الاجتماعي، أملاً في"مصر جديدة" كما يتمناها كثيرٌ من المصريين بعد ثورة يناير.
حركة "عوانس من أجل التغيير" نموذج للفكر الجديد الذي تشهده مصر هذه الأيام..الحركة تسعى إلى تغيير النظرة السلبية الموجهة إلى كل عانس والتى تجعلها أمام أمرين: إما الزواج بأى شخص للتخلص من هذا اللقب الجاثم على أنفاسها أو الثبات على موقفها في انتظار الشخص المناسب لها ولتتحمل وقتها كل اللعنات التى سيقذفها المجتمع بها، بحسب صفحة الحركة الرسمية على فيسبوك.
ويعتبر خبراء أن مثل هذه المبادرات الشبابية استطاعت أن تحرك الماء الراكد فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية المسكوت عنها وتطرحها على المستوى الإعلامي في شكل أعمال درامية وكتب تتبناها كبريات دور النشر.
يذكر أن دار نشر مصرية كبرى (دار الشروق)، تبنت كتابات مدونة شابة على مواقع التواصل الاجتماعي هي د. غادة عبد العال وقامت بإصدار تدويناتها في كتاب، وأنتجته في عمل درامي شهير بعنوان "عاوزة أتجوز" وهو نفس اسم مدونتها، التي تناقش هموم ومشكلات الفتاة المصرية التي تأخرت في سن الزواج.
وتقول ولاء الشملول" أستاذة جامعية، وإحدى مؤسسات الحركة لـ"وكالة الأناضول للأنباء": "لا يقتصر الحراك الذي تعيشه مصر على السياسة فقط، لكن تمتد المراجعاتإلى كل شئ، السياسة بقدرالمجتمع".
وتؤكد أن حركة "عوانس من أجل التغيير" تجسّد هذا الجديد الذي يحدث في مصر، لكن هذه المرة على مستوى المجتمع.
وعن أهم الأهداف التي تسعى الحركة لتحقيقها، توضح قائلة: "تغييرالمفاهيم المتعلقة بمعايرة الفتاة التي تأخر زواجها، وتوفير المساندة النفسية لها عن طريق تعويدها على كيفية التغلب على الشعور بالوحدة، وتجاوز الإحباطات التي قد تنتابها بين الحين والآخر".
وتشير إلى أن الحركة تقدم الدعم النفسي للفتيات غير المتزوجات واللاتي يتعرضن لضغط الأهل المستمر عليهن للقبول بأي رجل يتقدم للزواج، بحيث يحرصن على إعطاء أولوية كبرى لحقهن في اختيار شريك حياتهن بحرية تامة، وعدم القبول بأي عريس هربًا من لقب "عانس"، على اعتبار أنها هي التي سوف تخوض تجربة الزواج، وهي وحدها التي تتحمل تبعاتها سواء بالسلب أو بالإيجاب.
وعن كيفية تحقيق أهداف الحركة تقول "الشملول": من خلال عقد الندوات، وجلسات الفضفضة للفتيات مع الأطباء النفسيين لتروي كل واحدة منهن معاناتها، مع تقديم نماذج ناجحة استطاعت أن تتكيف مع وضعها".
وحول مدى إمكانية أن تغيّر الحركة من مفاهيم خاصة بالعانس في المجتمع والمدى الزمني اللازم لذلك، ترى الشملول أن"التغيير يمكن أن يأتي على المدى البعيد، فلا يمكن وضع جدول زمني للتغييرات الاجتماعية".
وتعليقًا على نشاط هذه الحركة وهل سيتقبلها المجتمع، تقول سمر عبده الخبيرةوالمستشارة الاجتماعية: "أرى أن هذه التحركات الاجتماعية الشعبية في غاية الأهمية؛ لأنها تعبّر بصدق عن احتياجات الشباب وترصد معاناتهم بدقة"، مؤكدة أن درجة تقبل المجتمع لهذا المبادرات تكون عالية جداً؛ لأنها تخرج من الشباب أنفسهم وليست محددة سلفاً من جهات رسمية أو خارجية، لهذا فيكون تقبلها أكبر.
وتضيف: أتمنى أن يشهد الواقع المصري مزيدًا من المبادرات المشابهة التي تتعامل مع مشكلات المجتمع الأخرى مثل التفكك الأسري والزواج العرفي ..وغيرها، حتى نصنع معا "مصر جديدة" تليق بالمصريين.
يذكر أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء قد أصدر دراسةإحصائية في عام 2010 تؤكد أن هناك اتجاهًا عامًا للتأخر في سن الزواج في المجتمع المصري بمقدار سنة ونصف، في الفترة من 1992 إلى عام 2008.
وتشير الدراسة إلى أنه بلغ عدد السكان الذين لم يسبق لهم الزواج في عمر 35 سنة فأكثر، 491 ألف نسمة بما يشكل حوالي 2.2% من إجمالي السكان في هذه الفئة العمرية.
وتعد مصاريف الزواج من أهم الأمور التي يمكن أن تشكّل عقبة في سبيل استكمال الزواج أو تأخيره في رأي الشباب، يليها تدبير الشقة، ثم عدم وجود فرصة عمل مناسبة.
-----------------------
ك خ/حم
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.