archive, archive, الدول العربية

عمرو بن العاص.. "تاج الجوامع" في حماية "تسامح" المصريين (صور)

يدرك قاطنو منطقة جامع عمرو بن العاص بالقاهرة القديمة أن المبنى الذي يعيشون في رحابه ليس مجرد بناء أثري، وزخارف عتيقة، بقدر ما هو "تاج الجوامع".

25.05.2013 - محدث : 25.05.2013
عمرو بن العاص.. "تاج الجوامع" في حماية "تسامح" المصريين (صور)

القاهرة / الأناضول / كوثر الخولي - يدرك قاطنو منطقة جامع عمرو بن العاص بالقاهرة القديمة أن المبنى الذي يعيشون في رحابه ليس مجرد بناء أثري، وزخارف عتيقة، بقدر ما هو "تاج الجوامع" لكونه أول وأقدم مسجد في مصر وإفريقيا، وشاهداً على 14 قرناً من تاريخ الإسلام.

ولهذا وفروا له الحماية الشعبية في ظل أقصى حالات الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد في أعقاب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني التي اندلعت عام 2011، وتعرضت فيها كثير من المساجد الأثرية للنهب والسرقة.

وتعرضت مساجد أثرية لمحاولات سرقة وتخريب في الآونة الأخيرة دفعت كلاً من وزارتي الأوقاف والآثار لوضع خطة مشتركة لتأمين المساجد، باستخدام شركات خاصة لحراستها، بتكلفة 30 مليون جنيه (حوالي 4 ملايين ونصف المليون دولار)، وذلك بعد الزيادة الملحوظة في جرائم السطو.

ويقع جامع عمرو بن العاص في منطقة الفسطاط، أول عاصمة لمصر الإسلامية، ويجاوره أماكن أثرية للعبادة اليهودية والمسيحية، فيما أطلق عليه سياحياً بمجمع الأديان.

"هذه الطبيعة الجغرافية أكسبت أهالي المنطقة صفات التسامح وقبول التنوع، كان لها أكبر الأثر على حماية الجامع التاريخي من السرقة والتخريب"، بحسب وصف أحد الأثريين المسؤولين عن المنطقة.

ويقول للأناضول الأثري محمد المحجوب، مدير عام مناطق مصر القديمة والفسطاط، إن جامع عمرو بن العاص والموجود في قلب القاهرة واجه الانفلات الأمني والسرقات المتكررة التي تتعرض لها مساجد مختلفة في أنحاء مصر بفضل الحماية الشعبية من جانب الأهالي، وسمة التسامح التي تغلب على قاطني هذه المنطقة التاريخية والتي تحوي معبدًا وكنيسة وجامعًا (المعبد اليهودي، والكنيسة المعلقة، وجامع عمرو بن العاص)".

ويعتبر جامع عمرو بن العاص أقدم مسجد في مصر وإفريقيا، بناه عمرو بن العاص عام 641 ميلادية عند فتح مصر في العام نفسه، وكان يعتبره مركزًا للحكم ونواة للدعوة للدين الإسلامي في مصر التي كان معظم سكانها يعتنقون الديانة المسيحية.

ويشير المحجوب لمراسلة الأناضول إلى أن جامع عمرو بن العاص، عندما بناه الأخير عام 20 من الهجرة، بنيت حوله مدينة الفسطاط، ولأنه أول الجوامع التي بنيت في البلاد فقد تم إطلاق عدد من الأسماء عليه بينها (الجامع العتيق، جامع الفتح، تاج الجوامع).

ويلفت "المحجوب" إلى أن مساحة الجامع كانت تبلغ وقت بنائه 50 ذراعًا، وعرضه 30 ذراعًا (الذراع حوالي 50 سم)، واتسع تدريجيًا حتى أصبح حاليًا 13 ألف متر مربع، وله ستة أبواب؛ بابان أمام دار عمرو التي جاورت المسجد، وآخران في الجهة البحرية ومثلهما في الجهة الغربية، وشيدت أعمدته عند بنائه من جذوع النخيل والسقف من الجريد وكسيت الأرض بالحصاء.

ويشير إلى أن عمرو بن العاص اختار موقع الجامع لأنه كان يطل على الضفة الشرقية لنهر النيل، ولكن أخذ مجرى النيل ينتقل تدريجيًا نحو الغرب حتى صار يبعد الآن عن الجامع بنحو 500 متر.

ويمتاز المسجد بشكله الحالي ببساطة التصميم والتخطيط؛ فهو عبارة عن صحن مكشوف تحيطه 4 أروقة أكبرها رواق القبلة بأعمدته الرخامية مختلفة الطرازات والتي مازالت بعض ألواحها الخشبية تحمل زخارف بيزنطية.

وبحسب الأرشيف التاريخي لوزارة الأوقاف، الجهة المشرفة على الجامع مع وزارة الآثار، فإن الجامع يعد ثالث مسجد بُنى في الإسلام وأول مسجد في مصر وإفريقيا، والأثر الوحيد الباقي من مدينة الفسطاط، ويمثل منارة حضارية تحمل تاريخ مصر الإسلامي عبر القرون.

وتميز المسجد بكونه مدرسة يتخرج فيها العلماء والثوار، ورمزًا لرد المظالم ونصرة الضعفاء.

وأصبح هذا الجامع مركز إشعاع حضاري أرسى في مصر قواعد وأصول علوم الدين واللغة العربية، ومنه انطلقت القيم والمبادئ الإسلامية إلى إفريقيا.

وظل لسنوات عديدة المسجد الجامع الوحيد في مصر حتى بنى الفضل بن الصالح العباسي جامع العسكر عام 750م.

ويمثل جامع عمرو بن العاص أقدم الطرز المعمارية لبناء المساجد وأهمها وهو طراز الجامع الذى يتألف من صحن مربع أو مستطيل تحيط به أروقة أربعة، أعمقها رواق القبلة.

وكانت تعقد به حلقات دروس ووعظ للسيدات، وتصدرتها في الدولة الفاطمية "أخ الخير الحجازية"، وتشكلت فيه محكمة لفض المنازعات، حيث ينعقد مجلس للقضاء، إلى جانب مجالس العلم، وقد خطب به وأمَّ المصلين فيه العديد من أصحاب النبي محمد خاتم الأنبياء.

ومن هنا لم يكن جامع عمرو مركزًا للشعائر الدينية فقط، بل كان مدرسة دينية وعلمية تناقش فيه كل أمور المسلمين الدينية والسياسية والحربية والاجتماعية، وعلى مر العصور ازداد اهتمام حكام مصر بهذا الجامع فقاموا بتوسعته وإضافة المنابر والمحاريب له.

ومن أشهر الأئمة الذين ألقوا فيه الدروس الإمام الشافعي الذي كان قدم إلى مصر وألقى في المسجد دروسه في الفقه وعرف المكان الذى كان يلقى فيه هذه الدروس باسم "زاوية الإمام الشافعي".

وصار يحرص على التدريس فيه بعد ذلك كبار الفقهاء والعلماء، حيث بلغت حلقات الدروس في الجامع 33 حلقة ومنها 15 حلقة للشافعية و15 للمالكية و3 حلقات للحنيفية، وزادت هذه الحلقات بعد ذلك حتى بلغت 110 حلقات في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري.

وحديثاً يحرص المصريون في شهر رمضان من كل عام على الصلاة في المسجد التاريخي، حيث يبلغ عدد المصلين في ليلة السابع والعشرين من رمضان، وفق بعض التقديرات الرسمية، إلى نصف مليون مصلٍّ.

ومن أشهر الدعاة الذين يأمون الناس للصلاة في رمضان المقرئ المصري المعروف بعذوبة صوته، الشيخ محمد جبريل.

ولبى الداعية السعودي الشيخ محمد العريفي في يناير/ كانون الثاني الماضي دعوة الأزهر الشريف في إلقاء عدد من المحاضرات في مصر، وقام يوم الجمعة 11 يناير/ كانون الثاني الماضي بإلقاء خطبة الجمعة في جامع عمرو بن العاص تحت عنوان "عن فضائل مصر" والتي ألهبت مشاعر المصلين حينها.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın