"بوح السجناء".. قصص سعودية مِن خلف القضبان
قصص مثيرة يعرضها الموقع الرسمي للمديرية العامة للسجون بهدف تواصل السجناء مع المجتمع لتوعيته، وإلقاء الضوء على ما يترتب عليه دخول السجن من آثار سلبية.

كوثر الخولي
القاهرة- الأناضول
"أحبك، وسأظل أحبك ما حييت، قد أكون مفرطًا وجاحدًا وخائنًا لهذه الكلمة بما تصرفت وبما سلكت من طرق، ولكن والله أحبك".
بهذه الكلمات الرومانسية يسطر (ف.ص.ل) النزيل بسجن الرياض بالمملكة العربية السعودية، رسالة إلى زوجته يشكي لها وحدته، ويبدي ندمه عما فعله حتى وصل به الحال أن أصبح حبيس القضبان.
هذه القصة وقصص أخرى مثيرة يعرضها الموقع الرسمي للمديرية العامة للسجون التابع لوزارة الداخلية، بهدف تواصل السجناء مع المجتمع لتوعيته، وإلقاء الضوء على ما يترتب عليه دخول السجن من آثار سلبية على المجتمع والأسرة والسجناء أنفسهم.
القصص المنشورة بمداد السجناء، يعتبرها القائمون على الموقع ومتخصصون في علم الاجتماع مصدرًا أساسيًا لدراسة الأسباب الاجتماعية المؤدية إلى الانحراف، وبالتالي وضع آليات لمعالجتها.
ويعرض الموقع 54 عددًا من مجلة "بوح السجناء" الإلكترونية، يضم كل عدد قصصًا لسجناء وسجينات من السعوديين والأجانب، وكل عدد يحتوي في المتوسط على 5 قصص مصاغة بالطريقة السردية أو في قالب الشعر.
ويغلب على هذه القصص الشجن، وإبداء الندم، أو الشكوى من أوضاعهم بعد السجن، وهناك قسم من هذه الإسهامات يهدف للتعليق على الأحداث الجارية، أو الظواهر الاجتماعية.
وتناجي (هـ . ب . د)، النزيلة بسجن النساء بالرياض، أمها قائلة: "ليتك يا أمي كنت حازمة معي، ليتك لم تتركيني "على حل شعري" كما يقولون، ليتك ضربتي على يديَّ بعصا من حديد، ليتك لم تتكتمي على تصرفاتي أمام أبي، ليتك لم تفرطي في دلالي".
وتستطرد قائلة: "كنت فتاة في سن الزهور، ومضت السنين ومر قطار الزواج وحتى طائرته، وأنا بعيدة عن حتى الحلم به وبتكوين عائلة، فأنا لا أستحق أن أكون أمًا ولا زوجة، بأفعالي لا أستحق إلا أن أبقى داخل هذا السجن حتى يشاء الله".
ويبدى (أ. س)، النزيل في سجن الجوف، ندمه بقوله: "عجزت عن أن أسامح نفسي عن تلك الأيام.. كنت أمشي فيها مع رفقة السوء، "اللي ودوني في ستين داهية" (ألقوا بي إلى التهلكة)، ليه أنا سويت (فعلت) اللي سويته، كنت مبسوط ومرتاح وماشي في حياتي بطريقة صحيحة، حتى جمعني الشيطان مع الشرذمة الذين صوروا لي الرجولة في الانتكاس واللامبالاة، ليتني سمعت أمي، وهي تقول انتبه لنفسك، وأنا أقول لا توصين حريص".
ومن القصص المؤثرة التي يعرضها الموقع قصة (ب.ن)، النزيلة بسجن النساء بالرياض، وهي لأم أبعدها السجن عن أطفالها، وتحكي قائلة: "ماما شوفي كتابي فيه نجمة، مدرستي اليوم وضعتها في كتابي، هذه آخر كلمة سمعتها من أطفالي، والله إني كنت أجلس مع صديقاتي أكثر من جلوسي في بيتي مع أطفالي وزوجي".
وبعد أن تسرد بعض التفاصيل المؤلمة تختتم حكايتها بقولها: "هذه حكايتي مع الواقع المرير الذي أعيشه بسبب المشي في طريق الغفلة".
وتصف هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها في مصر، هذه التجربة في عرض قصص السجناء بالمفيدة، وترى أنها تأتي في إطار العظة والعبرة الإنسانية.
وتقول لمراسلة "الأناضول" للأنباء: "هذا النوع من التجارب الحياتية به قدر عالٍ من المصداقية؛ لأن مصدرها الشخص نفسه الذي يخوض التجربة، فهو يحكي الملابسات التي أدت به إلى الانحراف بشكل أقرب للحقيقة، وإن كان يشوبها بعض التشويش نتيجة أنه يعرض نفسه في موضع المظلوم".
وتطالب "منصور" بضرورة أن يلحق هذا النوع من البوح تحليل ومراجعة نفسية واجتماعية، بهدف تدعيم الأبحاث النظرية الأكاديمية بتجارب من الواقع؛ مما يكسب التحليل العلمي مصداقية وحيوية.
وتضيف: "تعد هذه القصص مادة ثرية لوسائل الإعلام ولكتاب الدراما والسيناريو، كما تصلح أيضا أن تكون مادة غنية تستخدم في التدريب ودراسات الحالة.
وتدعو أستاذة علم الاجتماع أن تتكرر هذه التجربة في بلدان مختلفة لفائدتها الكبيرة "بشرط ألا تتم تحت الإجبار، وأن يتبعها تحليل نفسي واجتماعي لما ورد بها لاستخلاص النتائج، ومن ثم المساهمة في حل المشكلات المجتمعية المستعصية".
وإضافة إلى هذه الخدمة، تقدم المديرية العامة للسجون أنشطة ثقافية مثل القراءة، ودراسة القرآن وغيرها، ووصل عدد المستفيدين منها 68 ألفًا و307 سجناء وسجينات، بحسب الإحصاءات التي يتيحها موقع المديرية.
وهذه التجربة تضع على رأس أولوياتها؛ مواجهة الآثار السلبية للسجن، والتغلب عليها بالتعاون بين المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع الأهلية والخيرية التي تساهم في تقديم الرعاية لأسر النزلاء.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.