archive, الدول العربية

"الرايات السوداء".. من خراسان إلى جاردن سيتي

بدأ ظهورها في مصر في كافة الاحتجاجات بعد ثورة 25 يناير بدءًا من "جمعة قندهار" وحتى أحداث السفارة الأمريكية.

13.09.2012 - محدث : 13.09.2012
"الرايات السوداء".. من خراسان إلى جاردن سيتي

علي عبدالعال

 الأناضول

البعض يسميها "راية القاعدة" أو "راية بن لادن"، وهناك آخرون يطلقون عليها "راية التوحيد"، أو "راية الجهاد"، فيما اعتبرها قسم ثالث "راية الدولة الإسلامية" بالرغم من أن كثيرًا من المسلمين لا يعرفونها..

إنها الراية السوداء المختومة بلفظ الشهادة "لا إله إلا الله.. محمد رسول الله"، والتي لوحظ ظهورها منذ نجاح ثورة الـ 25 من يناير 2011 في إسقاط نظام حكم مبارك في مصر، وحتى الاحتجاجات المشتعلة حاليًا في محيط السفارة الأمريكية بحي "جاردن سيتي" في قلب العاصمة المصرية القاهرة؛ تنديدًا بالفيلم "المسيء" للنبي صلى الله عليه وسلم.

 وتدور تساؤلات عدة حول طبيعة انتماء وأفكار مَنْ يرفعون هذه الراية التي أجمعت المصادر التاريخية أنها أشهر رايات النبي في غزواته.. هل هم سلفيون؟، أم جهاديون؟، أم يحملون فكر القاعدة؟، أم أنهم ليسوا أكثر من متباركين براية النبي؟ أم غير ذلك؟

 كان أول ظهور لها بعد ثورة 25 يناير في المليونية الشهيرة التي نظّمها الإسلاميون صيف العام الماضي 2011؛ احتجاجًا على ما عرف وقتها بـ"المبادئ فوق الدستورية"، الأمر الذي دفع وسائل إعلام بإطلاق اسم "جمعة قندهار" على هذا اليوم، في إشارة إلى المدينة الأفغانية الشهيرة التي كانت أحد أشهر معاقل حركة طالبان.

 ظهرت الرايات السوداء بعد ذلك مرات عديدة، خلال وقفات واحتجاجات، لكن ظهورها لم يكن ملفتًا لوسائل الإعلام بنفس القدر إلا في أحداث ميدان العباسية بالقاهرة في مايو/أيار الماضي التي بدأت كاعتصام سلمي لأنصار المرشح الإسلامي الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل تعبيرا عن رفضهم لاستبعاده من الانتخابات الرئاسية من قبل اللجنة المشرفة على الانتخابات وانتهت باشتباكات دامية مع قوات من الجيش والشرطة العسكرية.

 وقالت وسائل الإعلام آنذاك إن ظهور الرايات جاء بالتزامن مع زيارة محمد الظواهري، شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لمعتصمي العباسية، معتقدة أنه المسؤول عن هذا الظهور، وهو ما نفاه الظواهري، موضحًا أنه ذهب للتضامن فقط.

 ولم ينقطع ظهور الرايات السوداء عن أي فعالية إسلامية بعد ذلك، مظاهرة أو وقفة احتجاجية أو حتى مؤتمر إسلامي يحضره عدد من الشيوخ والدعاة.

 لكن الحدث الأبرز جاء حينما توجهت هذه الرايات وبكثافة إلى مبنى السفارة الأمريكية وسط القاهرة؛ احتجاجا على الفيلم المسيء إلى النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، الذي أخرجه وأنتجه، سام باسيل، إسرائيلي-أميركي، ينحدر من جنوب كاليفورنيا.

 وتركز المشهد أكثر على الراية السوداء حينما اعتلى العشرات من المتظاهرين أسوار السفارة وقام بعضهم بإسقاط العلم الأمريكي ليرفعوا مكانه الراية الشهيرة.

بعض المتظاهرين لم يكتف بذلك فحطم اسم السفارة المكتوب بالإنجليزية أعلى البوابة الرئيسية، وكتب مكانه اسم زعيم تنظيم القاعدة "أسامة بن لادن"، وكان ذلك يجري تزامنًا مع إحياء الولايات المتحدة ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

ودفع ذلك صحفًا غربية إلى أن تخرج بعناوين تقول: "فى ذكرى 11 سبتمبر.. بن لادن يظهر على أسوار السفارة الأمريكية بالقاهرة"، و"رايات القاعدة تنتشر في القاهرة وعلى السفارة الأمريكية".

وليس مصادفة أن الراية نفسها تحملها الجماعات والأحزاب الإسلامية في بلدان عدة في العالمين العربي والإسلامي، فهي راية القاعدة أينما حلت ورحلت، وأيضا التنظيمات التي تتبنى نهجها، فتراها في أفغانستان، وباكستان، وفي الصومال، والمغرب الإسلامي، وبعض مناطق الأراضي الفلسطينية، وهي الراية المعتمدة لدى دولة العراق الإسلامية.

 وهي أيضا راية "حزب التحرير الإسلامي" التي يسهل رؤيتها في كافة أنشطتهم وفاعلياتهم، وخاصة تلك التي تدعو إلى عودة الخلافة الإسلامية، فتراها في إندونيسيا، وأوزباكستان، مرورا بلبنان وتونس وليبيا، حتى دول أوروبا التي يسجل الحزب فيها حضورًا وخاصة بريطانيا. هذه الراية أيضا تحملها قطاعات كبيرة من فصائل الثورة السورية.

 وفيما يبدو على أنها حيرة لدى الإسلاميين أنفسهم أمام هذه الرايات ومَنْ يحملونها، نفى الدكتور وسام عبد الوارث، مؤسس ائتلاف صوت الحكمة –أحد الائتلافات التي ظهرت بعض الثورة- أن تكون الرايات السوداء أمام السفارة الأمريكية تعبّر عن تنظيم القاعدة، قائلاً "هي رمز للتوحيد".

من جهته، يعتقد عصام دربالة ـ رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية ـ أن "أصحاب الرايات السوداء يرتبطون بعلاقات وطيدة مع إيران".

وأوضح أن "أصحاب الرايات السود هم بعض المجموعات المتفرقة التي لا تنتمي إلى كيانات إسلامية كبيرة ويسمون أنفسهم السلفية الجهادية"، مضيفًا أن "لهم علاقات وطيدة بإيران، وظهورهم في العباسية كان نوعًا من محاولة تذكير الناس بأنهم لا يزالون موجودين على الساحة".

ويستند بعض الإسلاميين في مسألة الرايات السود إلى حديث، ضعيف الإسناد، يروى للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبر فيه بأن بداية الخلافة الإسلامية التي ستمهّد لخروج المهدي المنتظر ستكون من أرض خراسان.

وإقليم خراسان الإسلامي من الناحية التاريخية يشمل: شمال غرب أفغانستان (مثل مدينة حيرات) وأجزاء من جنوب تركمانستان، إضافة لمقاطعة خراسان الحالية في إيران.

يقول الحديث: "تخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء (القدس)"، والحديث ضعّفه الشيخ الألباني، موضحًا أن الذي صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الرايات تأتي من المشرق دون تحديد.

وفي كتاب "البداية والنهاية" يقول الإمام ابن كثير: الرايات السود المذكورة في هذه الأحاديث إن صحت هي التي تكون مع المهدي ويكون أول ظهور بيعته بمكة، ويكون أنصاره من خراسان.

في المقابل، يستبعد متابعون آخرون للشأن الإسلامي انتماء أصحاب هذه الرايات لأي تنظيم أو فكر بعينه، وخاصة الفكر الجهادي أو أن يكون لهم أدنى معرفة بإيران، ويدفعون على ذلك بأن أغلب من يحملونها شباب ومجموعات إسلامية من أطياف شتى، بنية التبرك بشعار التوحيد "لا إله إلا الله".

ويبرهنون على ذلك بملاحظة أن المدن المصرية الكبرى وخاصة القاهرة لم تشهد أي هجوم أو حادثة عنف منذ قيام الثورة باستثناء اشتباكات تقع بين الحين والآخر بين متظاهرين وقوات الشرطة.         

وتذكر المصادر التاريخية أن هذه الراية كانت راية النبي صلى الله عليه وسلم في معظم غزواته، بينما كان اللواء الذي يرفعه على خيمته أبيض مكتوب عليه "لا إله إلا الله محمد رسول الله".

كما أنه من الثابت أن للنبي رايات أخرى صفراء وحمراء وبيضاء، بخلاف هذه الراية السوداء التي كان النبي يسميها "العقاب" وهو أقوى وأفضل أنواع الصقور.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın