إيتزر المغربية.. جمال الطبيعة وقساوة البرد
تواصل الحاجة سمية وسط صفوف المنتظرين أمام قوافل المساعدات التي تعينهم على البرد، تردد أهازيج أمازيغية تقول إنها تتغنى بتاريخ القرية وأمجادها.

إيتزر (المغرب)- الأناضول
سارة آيت خرصة
على سفوح جبال الأطلس المتوسط وبالقرب من مدينة إيتزر (230 كلم شمال الرباط)، ترى قمم الجبال وقد كساها الثلج ولف قممها غمام كثيف، ذاك المنظر يجذب إلى مختلف القرى الواقعة بالقرب من هذه الجبال سياحًا يستهويهم جماله، لكن في ذات القرى لايمر فصل الشتاء البارد من غير معاناة أهلها مع قساوة الجو وسط ضعف إمكانات بنيتهم التحتية على مواجهة برد الشتاء.
"تصل درجات الحرارة إلى مستويات منخفضة هنا.. ونحاول أن نجلب حطب التدفئة من الغابة المجاورة لكن الشتاء يمر قاسيًّا"..تقول السعدية ( 34 سنة) لـ"لأناضول".
تصطف في طابور طويل يضم نسوة قريتها في انتظار الحصول على مساعدات غذائية وأغطية تقدمها بعض الجمعيات الأهلية القادمة من الحواضر الكبرى كالدار البيضاء والرباط.
فأهل القرية تنشرح صدورهم لقدوم هذه القوافل، فهي تعني بالنسبة لهم ضمان قوت بعض من الأسابيع، وحصول الصبية على هدايا تسوق الفرح إلى قلوبهم.
أما الحياة في القرية، رتيبة كما ألفها سكانها منذ سنوات، يعمل أغلب معيلي الأسر في الحقول المجاورة، أو يعتمدون على تحويلات أبناءهم ممن استقروا في المدن البعيدة في الشمال أو الجنوب المغربي، حيث تتوافر سبل الرزق وتحصيل بعض من المال.
"نحن ترعرعنا ونعيش في هذه القرية منذ سنوات ولكن عدونا الأول هو البرد والثلج، جمال المنطقة يستحيل إلى مأساة حقيقية مع بداية موسم الثلوج".. يقول عمر (55 سنة)، يحاول تنظيم صفوف الرابضين بالقرب من الشاحنات المحملة بالأغطية وألعاب الأطفال وبعض من أساسيات المعيش اليومي.
القوافل التي تسيرها وتمولها بعض الجمعيات الأهلية، يقول المشرفون عليها للأناضول أن هدفهم المساهمة في فك العزلة عن هذه المناطق "المهمشة" ومساعدة سكانها على مواجهة قساوة برد الشتاء وقصر ذات اليد، هذه المبادرة –حسب ما يقول الأهالي- ليست الأولى من نوعها التي تحل بالمنطقة بل سبقتها في سنوات سابقة مبادرات أخرى منها الحكومية وأخرى فردية وجمعوية.
"نحتاج في هذه المناطق إلى تنمية، إلى مشاريع تسمح لشباب القرية بالحصول على فرص عمل " يقول محمد ( 35 سنة)، متزوج وأب لطفلة، عاطل عن العمل ويعيش على ما يجنيه من بعض الأعمال التي يمتهنها بشكل متقطع، يقول للاناضول أنه يتمنى أن تكف الحكومة والجمعيات عن تقديم مساعدات بشكل موسمي ، لأنها تدخل البسمة مؤقتا إلى أهل قريته، تنمحي سريعا بنفاذ ما يقدم إليهم من معونات ، لكنه يطالبها بالاهتمام أكثر بمثل هذه القرى التي تئن تحت وطأة البرد والعزلة.
وكان العاهل المغربي محمد السادس أطلق في عدد من المناطق التي تشهد مواسم ثلوج وصقيع مشاريع تهدف لدعم البنية التحتية بهذه المناطق ووصلها بمحيطها الخارجي ودعم ساكنتها بالحاجيات الغذائية إلى جانب إقامة مستشفيات ووحدات طبية متنقلة، فيما أعلن وزير الصحة المغربي الحسين الوردي عن انطلاق حملة طبية لمساعدة سكان بعض القرى على سفوح جبال الأطلس المتوسط.
القرية التي تزينها أشجار أرز سامقة، وترتدي حلة بيضاء بهية، لا تبوح بمعاناة أهلها إلا مع اقتراب فصل الشتاء، لتصبح رحلات البحث عن الحطب ذهابا وإيابا طقسا ينخرط فيه الصغار والكبار، فالأطفال أول ضحايا البرد والأضعف مقاومة، يحول دونهم في بعض القرى القريبة من إيتزر ، كــ"أنفكو" والذهاب إلى قاعات الدرس، فلسعات البرد التي تلفح وجوههم وتصلب أصابعهم تمنعهم من الالتحاق بالمدرسة.
يعد أهالي إيتزر الأيام بشغف وهم ينتظرون انقضاء موسم البرد، يأملون أن يحل الموسم القادم وقد تحسنت حالهم، وباتوا أحسن عدة وعتادا لمواجهة شتاء قريتهم القارس.
رغم ذلك تواصل الحاجة سمية وسط صفوف المنتظرين أمام شاحنات المساعدات ترديد أهازيج أمازيغية تقول أنها تتغنى بتاريخ القرية وأمجادها، يصفق النسوة للعجوز وقد أزاحت عنهن بعضا من ملل الانتظار.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.