إفران.. مدينة الثلوج في المغرب
مع حلول الشتاء في كل عام، ترتدي إفران، شمال المغرب، رداءها الأبيض؛ حيث تشتهر بالثلوج وغابات الأرز والبلوط التي تطوق ضواحيها، وزوارها الذين يهجرونها صيفًا ويقبلون عليها شتاء

تصوير: جلال مرشيدي
سارة آيت خرصة
إفران (شمال المغرب) – الأناضول
لا ترتدي المدينة طوال أيام الشتاء غير ردائها الأبيض، تتلون الشوارع وأسقف المنازل بالبياض الناصع، تتزين حدائق البيوت "برجال الثلج"، ويتقاطر على المدينة من كل أنحاء المغرب وخارجه زوار يطلبون سحر مناظرها الجبلية وشلالاتها المتجمدة، وحتى بردها القارس.
فعلى سفوح جبال الأطلس المتوسط شمال المغرب، وعلى ارتفاع يقدر بـ 1700 متر عن سطح البحر، تأوي في هدوء مدينة "إفران" (240 كيلومترًا شمال الرباط)، التي تنتظر في كل عام حلول الشتاء، حتى تغرق كل مدن الشمال المغربي في سباتها، تصارع برده القارس، لتتميز مدينة "إفران" المشهورة بثلوجها وغابات الأرز والبلوط التي تطوق ضواحيها، وزوارها الذين يهجرونها صيفًا ويقبلون عليها شتاءً.
وقد شهدت إفران هذا العام تساقط الثلج بشكل غير مسبوق لم يعهده ساكنوها منذ عقود، ولبضع ليال كانت كافية لقطع العديد من الطرق عن المدينة، لتغرق شوارعها في لبوس أبيض.
وبحسب ما يقول أغلب زوارها، تحيل الطبيعة في الشتاء مدينة إفران إلى زمن آخر مختلف عن ذاك الذي تعيش على إيقاعه باقي المدن المغربية، ولا تشترك معها سوى في أصل التسمية الأمازيغي مثل معظم الحواضر المغربية؛ حيث تعني كلمة إفران باللغة الأمازيغية: الكهف أو المغارة.
وتنتمي إفران معماريًا وتاريخيًا إلى عهد الاستعمار الفرنسي، الذي أنشأ المدينة عام 1929 على طرازه المعماري لتحاكي منتجعًا أوروبيًا يأوي إليه المستوطنون الفرنسيون طلبًا للراحة وحين الحنين للوطن، فــ"إفران" كما درج المغاربة على تسميتها هي "مدينة أوروبا المغربية".
وفي زمن الاستعمار، بنى الفرنسيون وغيرهم من البعثات الأجنبية الأوروبية بيوتًا خشبية في إفران تشبه تلك المنتشرة في الأرياف الفرنسي خاصة المستقرة على سفوح جبال "الألب"، كما أقاموا منتجعات كان يقصدها أهل النخبة ورجال السلطة الفرنسية، وهذا الطابع يكسب المدينة هوية خاصة؛ حيث يرتبط تاريخ المدينة بتاريخ قاصديها من السياح الأوروبيين بصفة خاصة.
لا تستيقظ المدينة مبكرًا في شتائها البارد، فطبيعتها السياحية تُغنيها عن الانخراط في نظام المدن الروتيني الرتيب، ينتظر أهلها وزوارها انقشاع ضباب الصباح، وتوقف رذاذ المطر الضعيف الذي يتساقط على شوارعها ومرور الكاسحات لفتح بعض الطرق المغلقة التي غطاها الثلج ليلاً، حتى تستفيق المدينة وتستأنف نشاطها.
وإن كانت قساوة المناخ تؤرق سكان بعض القرى المجاورة للمدينة الجبلية، ويستعجلون انقضاء فضل الشتاء طلبًا للدفء بعد معاناتهم بسبب البرد ومحاصرة الثلوج، إلا أن أهل إفران "المدينة الأوروبية المغربية" الذين يقطن أغلبهم في منازل خشبية صممت لتتلاءم وطبيعة المنطقة، لا يستقبلون هطول الثلوج الكثيف بذات القلق، فهي موسم للكبار لتحقيق دخل وفير من عائدات السياسية، وفرصة للصغار حتى يصنعوا مجسماتهم الثلجية، فيما يبدع بعض النحاة تماثيلهم التي تكسوها زرقة الجليد الباهتة، ويعبر أهل الحي أزقتهم تزلقًا.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.