إسلاميو السودان.. محاولة انقلاب مَنْ على مَنْ؟
سؤال طرحه الإعلان عن قيام قيادات عسكرية ذات خلفية إسلامية بمحاولة انقلاب على النظام الحاكم الإسلامي، فيما تتعالى أصوات إسلامية كانت متحالفة مع النظام بضرورة التغيير.

وليد الطيب
الخرطوم- الأناضول
اعتقلت السلطات السودانية فجر اليوم الخميس، قيادات عسكرية بارزة تنتمي للحركة الإسلامية بتهمة التدبير لانقلاب عسكري على نظام الرئيس عمر البشير المنتمي للحركة ذاتها.
وقالت مصادر مطلعة للأناضول إن السلطات اعتقلت قيادات عسكرية، أبرزهم رئيس جهاز الأمن والمخابرات السابق الفريق صلاح قوش، وأمير المجاهدين وقائد الحرس الرئاسي الأسبق، العميد محمد إبراهيم عبد الجليل الشهير بـ"إبراهيم ود"، بالإضافة إلى قائد استخبارات سلاح المدرعات بالجيش.
وأضافت مصادر صحفية لقائمة المعتقلين اللواء كمال عبد المعروف الذي كان "تحرير" منطقة هجليج النفطية من قبضة قوات جنوب السودان آخر المهمات العسكرية التي أنجزها.
وقال ربيع عبد العاطي، الخبير الإعلامي والقيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، لمراسل وكالة الأناضول للأنباء، إن اعتقال هذه المجموعات يأتي على خلفية تبنيها آراء في الإصلاح ومطالبتها بضرورة التغيير، معتبرا أن هذا ضمن "التيار العام" الذي "يتسع يوما بعد يوم".
وأبدى عبد العاطي تخوفه من أن يقود اعتقال هذه القيادات إلى اضطرابات في الجيش والبلاد، محذرا من حدوث انشقاق في المؤسسة العسكرية باعتقال قيادات بارزة فيها، واعتقال المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات صلاح قوش.
ويعتبر قوش هو الأب المؤسس لجهاز الأمن والمخابرات في نظام الرئيس الحالي عمر البشير، ويحظى بولاء قيادات جهاز المخابرات.
وفي عام 2011، أطاح البشير بصلاح قوش من منصبه كمدير للجهاز المخابراتي ببيان مفاجئ، وفسر مراقبون هذه الخطوة وقتها بخوف الرئيس السوداني من انقلاب "قوش" عليه.
ويقول محللون سياسيون إن التيار الداعي للإصلاح تنامى وسط الإسلاميين في القطاعين العسكري والمدني؛ حيث يطالب العسكريون بإصلاح المؤسسة العسكرية وإقالة وزير الدفاع، الفريق عبد الرحيم محمد حسين، على خلفية ما وصفوها بالنكسات العسكرية التي مني بها الجيش في منطقة هجليج النفطية وجنوب كردفان و"عجز" الجيش عن التصدي للهجوم الإسرائيلي على منشآت عسكرية في السودان مثل مجمع الصناعات الحربية بالخرطوم.
كما يطالب هذا التيار بمحاربة الفساد في البلاد، خاصة مع تزايد مشاعر الغضب بين الإسلاميين الغاضبين من تنامي تلك الظاهرة بحسب رأيهم.
وذكرت مصادر صحفية في وقت سابق إن "المجاهدين"– وهم مدنيون شاركوا بجانب الجيش السوداني في القتال ضد حركات "متمردة" بجنوب السودان سنوات الحرب الأهلية- بدأوا في عقد لقاءات مفتوحة للحديث عن الإصلاح وضرورة التغيير.
وشملت هذه اللقاءات ولايات محافظات الخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر والجزيرة والقضارف والنيل الأبيض.
ولم يُعرف حتى الآن إن كانت هناك قيادات سياسية متهمة بالمشاركة في المحاولة الانقلابية التي أعلنت السلطات عن إحباطها اليوم، ولكن لا يُستبعد أن تكون هناك صلة بين هذه التوترات وبين النهاية التي وصفت بأنها "مخيبة" لآمال الناشطين الإسلاميين الإصلاحيين في مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن الشهر الجاري؛ حيث انتخب قيادة جديدة للحركة الإسلامية "موالية" للدولة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وبمناسبة انعقاد مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن، أصدر القيادي الإسلامي المعارض البارز، حسن الترابي، بيانا تبرأ فيه من حكومة تلاميذه ( برئاسة عمر البشير ونائبه علي عثمان طه)، قائلا: "إننا نتبرأ من هذا المشروع المدّعى أنه للحركة الإسلامية بالسودان.. وإننا لا نعرف لها علما وهدى فكريا ولا خلقا ولا سياسة مما ينسب حقا إلى الإسلام''.
وعدد الترابي ما اعتبرها "سيئات الحركة الإسلامية في الحكم"، وذكر منها: ''تدهور السلطة في السودان، وانفصال الجنوب عنه، واستمرار التمرد في دارفور (غرب) وجبال النوبة (جنوب) وشرق السودان، والكبت السياسي، وتعسر المعاش، وتزوير الانتخابات، وتعطيل الحدود، وأكل الربا والمال العام، وخيانة العهود".
ولا يُستبعد أن تتحالف مع الترابي تيارات الإصلاح في الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني الحاكم في إطار صراعها مع حكومة البشير.
وكانت الحركة الإسلامية وراء الانقلاب العسكري الذي جاء بالبشير إلى السلطة في يونيو/ حزيران عام 1989، وبعد 10 سنوات انقسمت الحركة، وأبعدت أمينها العام التاريخي حسن الترابي الذي أصبح معارضا لرفاقه، وتعقد الحركة مؤتمرها العام كل 4 سنوات.