"أبو حليمة".. "وثائقي" ينكأ جراح غزة (فيديو)
يسجل شهادات صادمة لعائلة فقدت 12 من أفرادها بينهم 5 أطفال ذابت أجسادهم بنيران الفوسفور في حضن والدهم أمام مرأى والدتهم المحروقة..

ياسر البنا
غزة-الأناضول
يُلقي فيلم تسجيلي فلسطيني الضوء على مأساة مروعة تعرضت لها عائلة فلسطينية خلال الحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة في 28 من ديسمبر/كانون الأول 2008 واستمرت حتى 17 من يناير/ كانون الثاني 2009.
ويوثّق فيلم "أبو حليمة" الذي أنتجته شركة "ميديا تاون" في غزة، لصالح قناة الجزيرة الوثائقية، "نكبة عاشتها عائلة المزارع سعد الله أبو حليمة التي تقطن قرية "السِّيَفَا" شمال القطاع.
ويسجّل الفيلم شهادات "صادمة" لعائلة فقدت 12 من أفرادها بينهم 5 أطفال ذابت أجسادهم بنيران الفسفور الأبيض في حضن والدهم أمام والدتهم المحروقة، فيما أُعدم بقية الضحايا من اقاربه بدم بارد أثناء رحلة الهروب ليبقوا أكثر من 10 أيام للكلاب و القوارض تنهشهم .
أشرف المشهراوي، مدير شركة ميديا تاون، والمشرف العام على إنتاج الفيلم يشير إلى أن تصوير الفيلم استمر لأكثر من 3 سنوات، بمشاركة ثلاثة مخرجين.
المشهراوي اكتشف هذه المأساة من خلال تغطيته (الإخبارية) لأحداث حرب غزة، قبل 4 أعوام، حيث كان طاقم شركته المتخصصة في الإنتاج التلفزيوني، أول من التقط مشاهد مصورة لهذه العائلة المنكوبة حسبما قال لمراسل وكالة الأناضول للأنباء في قطاع غزة.
ولدى وصول طاقم التصوير لمكان العائلة عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي من هناك، فوجئوا بسيدة مصابة بحروق شديدة نتيجة قذائف الفسفور الأبيض الذي استخدمته إسرائيل بكثافة في الحرب، غائبة عن الوعي، وتهذي بكلمات منها:" بنتي راحت (ذهبت) على حضن أبوها وانحرقت معاه بالنار.. أولادي يقولوا بدنا (نريد) نصلي قبل ما تحرقنا النار"
وأثارت هذه الكلمات انتباه المشهراوي، وأشعرته بوجود قصة مأساة كبيرة تخفيها هذه المرأة، وهو ما دعاه للتنقيب حول تفاصيل ما جرى لها ولعائلتها.
ويضيف:" اكتشفنا مأساة كبيرة وعميقة ومتعددة المراحل والجوانب.. بدأت القصة بالحرق وانتهت بالإعدام".
وأشار إلى أن مخرجي الفيلم، أنتجوه باستخدام أسلوب "الكاميرا الحرة"، حيث التقطوا الكثير من المشاهد العفوية دون إجراء أي مقابلات، حيث كان أفراد العائلة المنكوبة يتحدثون بعفوية وبراءة من تلقاء أنفسهم.
ويعتبر المشهراوي أن الفيلم بمثابة "وثيقة مهمة، تثبت جريمة اعدام عائلة، بطريقة بشعة جدا تراوحت بين الحرق والاعدام بإطلاق النار".
لكن المفاجأة التي يوثّقها الفيلم هو "تغلب إرادة الحياة على كل تأثيرات المجزرة، حيث أن العائلة لم تنهار، بل استأنفت حياتها بالأم و3 من ابنائها بشكل طبيعي مفعم بالتحدي، وعادت تزرع أراضيها في نفس المكان الذي شهد فقدان أطفالها وأقاربها"-حسبما يقول المشهراوي.
وتعرض شاشة الجزيرة الوثائقية البث الأول للفيلم مساء اليوم الجمعة 25 يناير/كانون ثان، الساعة السادسة تغ.
ويشير المشهراوي إلى أن الفيلم يكشف أن هناك الكثير من الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي، لم تكتشف حتى الآن، ولم تلقَ الاهتمام الكافي من وسائل الإعلام.
وبالإضافة إلى اهتمام الفيلم بتوثيق الاعتداءات التي تعرضت لها العائلة، ركز على محور " استعادة العائلة لعافيتها من جديد".
وفي هذا الصدد يعرض الفيلم مشاهد لاحتفال عائلة أبو حليمة بأعياد ميلاد الأطفال الجدد الذين أطلقت على أسمائهم ذات أسماء الأطفال الذين أعدموا خلال المجزرة، ومن هؤلاء الطفلة "شهد" التي سميت على اسم طفلة استشهدت حرقاً، بعد أن ذاب لحمها بفعل قذائف الفسفور الأبيض.
كما ركزت مشاهد الفيلم على "إعادة إعمار المزرعة التي دُمرت خلال الحرب".
واستمر العدوان الإسرائيلي، الذي عرف باسم "حرب غزة"، لمدة (22) يومًا، وتسبب في مقتل (1419) فلسطينيناً، من بينهم (926) مدنيًّا و(412) طفلًا و(111) امرأة، وإصابة ما يزيد على (5000) شخص آخر، فضلًا عن تدمير أكثر من (50) ألف وحدة سكنية وفق الإحصائيات الرسمية.
وأظهرت تقارير أن الجيش الإسرائيلي ألقى في "حرب الفرقان" ما يزيد على "مليون" كجم من المتفجرات على قطاع غزة، أي بمعدل "كيلو" جرام لكل شخص يسكن في القطاع.
وشهدت الحرب مجازر تعرّضت لها عائلات فلسطينية عديدة، أبرزها مجزرة آل السموني حيث أعدم الجيش الإسرائيلي تسعة وعشرين من أفرادها.
واستخدمت إسرائيل قذائف الفسفور الأبيض بغزارة خلال الحرب، رغم أن القانون الدولي يحظر استخدامه في المناطق المدنية، مما أدى لمقتل وإصابة مئات الفلسطينيين.
وكان من أبرز "المجازر" التي استخدم فيها سلاح قذائف الفسفور الأبيض، مجزرة مدرسة الفاخورة شمال غزة، التي كانت تستخدم كملجأ للسكان الفارين من المناطق الحدودية، حيث أطلقت عليها إسرائيل ثلاث قذائف أسفرت عن مقتل 46 فلسطينيًّا جلهم من الأطفال والنساء والعزّل الأبرياء.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.