مصر تحث ترامب على دور حاسم لتحويل مأساة غزة إلى فرصة للمصالحة
وفق مقال كتبه وزير الخارجية المصري لمجلة "واشنطن إكزامينر" الأمريكية، وجه من خلاله رسالة لترامب تحذر من "عواقب وخيمة" حال استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة

Istanbul
إسطنبول / الأناضول
حث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، على دور حاسم لتحقيق السلام بالشرق الأوسط وتحويل مأساة قطاع غزة إلى فرصة للمصالحة.
جاء ذلك في مقال بعنوان "عند مفترق طرق في غزة: لماذا يعد اتفاق وقف إطلاق النار لحظة فارقة؟"، كتبه عبد العاطي لمجلة "واشنطن إكزامينر" الأمريكية، وجه من خلاله رسالة إلى ترامب، تحذر من "عواقب وخيمة" حال استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقال عبد العاطي: "نقف اليوم عند مفترق طرق محوري في حرب إسرائيل على غزة، إما إنهاؤها أو استمرارها لفترة غير محددة، وهذا قد تترتب عليه عواقب وخيمة".
ورجح أن "ينقذ مقترح وقف إطلاق النار المطروح، من قبل مصر وقطر، المنطقة من مزيد من إراقة الدماء ويمهد الطريق للتعافي".
وشدد على أن "هذا الاتفاق يضمن إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين من ناحية وعودة الأسرى بالنسبة لإسرائيل من ناحية أخرى".
واعتبر عبد العاطي ذلك "فتحا حاسما يمكن أن يحول مسار الصراع من دوامة عنف لا نهاية لها إلى مسار لتهدئة الأوضاع والتعافي".
ولفت إلى أن "حركة حماس قبلت الاقتراح، والكرة الآن في ملعب إسرائيل، فقرارها سيُفضي إما إلى إنهاء الصراع أو إلى استمراره".
وبشأن تحقيق السلام في الشرق الأوسط، قال وزير خارجية مصر إن "هذا يعكس دعوة الرئيس الأمريكي للسلام والحلول الدائمة في المناطق المضطربة. واليوم، ثمة حاجة ماسة إلى هذه الروح لتحويل مأساة غزة إلى فرصة للمصالحة والتعافي".
وفي وقت سابق الجمعة، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن "أبواب الجحيم تفتح على غزة الآن، وتم تسليم أول إشعار بإخلاء مبنى شاهق في مدينة غزة قبل الهجوم".
وتأتي تصريحات كاتس تأتي رغم أن حماس وافقت في 18 أغسطس/ آب المنصرم، على مقترح للوسطاء بشأن صفقة جزئية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، إلا أن إسرائيل لم ترد على الوسطاء، رغم تطابق بنوده مع مقترح أمريكي سابق وافقت عليه تل أبيب.
والأربعاء، جددت "حماس" استعدادها لإبرام صفقة شاملة لإطلاق الأسرى الإسرائيليين جميعا، مقابل أسرى فلسطينيين، وإنهاء الحرب على غزة، والانسحاب من القطاع، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض ذلك أيضا في بيان لمكتبه.
وشدد عبد العاطي على ضرورة "تقديم المساعدات الإنسانية بشكل عاجل للفلسطينيين في غزة بالتزامن مع جهود تأمين وقف إطلاق النار في القطاع الذي يعاني، وفق ما أكدت الأمم المتحدة، مجاعة من صنع الإنسان".
وفي معرض وصفه للوضع بمعبر رفح، قال: "أثناء زيارتي لمعبر رفح مؤخرا، استمعتُ مباشرة إلى شهادات عمال الإغاثة وسائقي الشاحنات حول التأخير المتعمد وعرقلة المساعدات الإنسانية، حيث اصطفت آلاف الشاحنات على الحدود مُحمّلةً بالإمدادات الإنسانية المُنقذة للحياة".
وتابع عبد العاطي: "بينما ظل معبر رفح من الجانب المصري مفتوحا دائما، فإن احتلال إسرائيل للجانب الفلسطيني من المعبر أعاق تدفق المساعدات".
وفي مايو/ أيار 2024، سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح جنوب قطاع غزة، وأوقف دخول المساعدات وحركة خروج المرضى والجرحى للعلاج في الخارج، ما فاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.
وفي مواجهة التحديات الجسيمة، اضطلعت مصر بدور ريادي في تخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة، فقدمت أكثر من 70 بالمئة من إجمالي المساعدات الإنسانية والإغاثية المقدمة إلى غزة، والتي تُقدر بنحو 550 ألف طن من المواد الغذائية والطبية منذ بداية الحرب، وفق المقال ذاته.
وتابع عبد العاطي أن "مصر استقبلت 18 ألفا و560 جريحًا فلسطينيًا ومرافقيهم للعلاج في 172 مستشفى على مستوى البلاد".
وأردف: "نعمل على مدار الساعة لاستضافة مؤتمر دولي في مصر لمناقشة التعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة بمجرد التوصل إلى وقف إطلاق النار. وسيستند هذا المؤتمر إلى خطة من 3 مراحل أقرتها القمة العربية في مارس/ آذار الماضي".
وزاد: "ستُعيد هذه الخطة إعمار غزة مع ضمان بقاء الفلسطينيين في وطنهم، مانعةً أي تفكير في النزوح. وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، تلقينا دعما عالميا واسعا للمؤتمر".
وسلط الضوء على أن "مصر انتهجت مسارا مزدوجا: الالتزام بتحقيق وقف إطلاق النار من خلال جهود الوساطة، والعمل على إيصال المساعدات الإنسانية دون انقطاع إلى الفلسطينيين في غزة وإعادة الإعمار".
وبين أن "مقترح وقف إطلاق النار يُقدم مسارا معقولًا للمضي قدمًا، فيما ستواصل مصر العمل بلا كلل مع شركائها الإقليميين والدوليين لدعم هذه الجهود، مسترشدةً بالتزامنا الراسخ بالسلام والاستقرار والعدالة في الشرق الأوسط".
وخلص إلى أن "الخيارات المُتخذة اليوم (بخصوص إنهاء الحرب بغزة) ستُشكل مستقبل المنطقة القريب، ومن الضروري أن تكون جميع الأطراف على قدر المسؤولية وأن تتحملها".
وأكد وزير الخارجية المصري أن طريق التعايش يتطلب رؤية وشجاعة والتزامًا راسخًا بإنهاء دوامة العنف.
وفي معرض وصفه لدور الرئيس ترامب المحوري في دفع جهود السلام بأنحاء العالم، قال عبد العاطي: "لمسنا ذلك في أوروبا بين أذربيجان وأرمينيا، وفي إفريقيا بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية".
وأكمل: "كما تُعد جهوده (ترامب) لإنهاء الحرب في أوكرانيا محورية لضمان السلام في أوروبا. والأهم من ذلك، أنه كان له دور محوري في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الأولي في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي بين إسرائيل وحماس".
واختتم وزير خارجية مصر مقاله بالقول: "سيُمثّل تحقيق السلام في الشرق الأوسط جوهرة تاج هذه المساعي، ما يعكس دعوات ترامب للسلام والحلول الدائمة في المناطق المضطربة. واليوم، ثمة حاجة ماسة إلى هذه الروح لتحويل مأساة غزة إلى فرصة للمصالحة والتعافي".
وتحاصر إسرائيل قطاع غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 64 ألفا و300 قتيل، و162 ألفا و5 جرحى من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 376 فلسطينيا، بينهم 134 طفلا.