
كوثر الخولي
القاهرة- الأناضول
طوّرت فتيات عربيات أساليبهن الدفاعية لمواجهة التحرش الجنسي تزامنًا مع انتشار الظاهرة عربيًا، حتى وصلت إلى مجتمعات يعُرف عنها المحافظة، ويقل فيها الاختلاط بين الجنسين.
بادرت فتيات من (اليمن، والبحرين، والعراق، ومصر) بابتكار أدوات بسيطة ولكنها فعّالة لردع المتحرش مثل "الدبوس، ورذاذ الفلفل، وبطاقة الائتمان، وحقيبة اليد، وتعلم الفنون القتالية"، فيما تطالب أخريات في مصر والسعودية والمغرب بسن قوانين لتجريم التحرش الجنسي ومعاقبة مرتكبيه.
التحرش دفع شابات يمنيات إلى تطوير أسلحة شخصية لمواجهته، من هذه الأسلحة "دبوس إبرة" تستخدمه الفتاة لتثبيت حجابها على رأسها، وتستخدمه تارة أخرى كسلاح، إذا تحرّش بها أحد في الشارع أو حافلة النقل العام، بالرغم أن اليمن مجتمع محافظ تحكمه التقاليد.
"أدميت يده طعنًا"، تقول الشابة إيمان متذكرة أول حادث تحرش تعرضت له: "كنت عائدة من الجامعة، ومرهقة"، عندما فوجئت بمن يتحرش بها في الحافلة.
للوهلة الأولى لم تستوعب إيمان ما يجري: "جف الدم في عروقي ولم أستطع على الحركة، ومن دون تفكير، سحبت دبوس كنت أثبت به طرحتي، أمسكت يد الرجل، وغرست الدبوس فيها مرات عدة إلى أن صاح من الألم وترجل من الحافلة"، وفقا لما نشرته صحيفة الحياة اللندنية الأحد.
وفي البحرين، تبنّت أكاديمية لفنون القتال أول برنامج من نوعه يختص بتدريب الفتيات على مواجهة التحرشات الجنسية بضرب المتحرش في أماكن ضعيفة من جسمه تؤدي إلى الإغماء أو الإعاقة المؤقتة عن الحركة، وأنهت أول دفعة المرحلة الأولى من برنامج "هوسنشل" أو كيف تتخلص من الخصم"، بحسب تقرير لموقع "العربية نت".
وفي مصر، طوّرت ضحايا التحرش من أدواتهن نظرًا لانتشار الظاهرة بشكل لافت؛ حيث أنشأت إحدى الناشطات صفحة مغلقة على "فيس بوك" تنشرها بين صديقاتها بعنوان "احم نفسك بنفسك" لتعليم الفتيات خطوات عملية للدفاع عن أنفسهن بشكل رادع.
وتصف الناصحة أساليب الدفاع العنيف بقولها: "المواجهة العنيفة قد تكون حلاً في حال استنفاد كل الوسائل السلمية، وخاصة مع إصرار الجاني على الاستمرار في تحرشه، وخاصة عندما تكون المواجهة -بكل أخطارها- أقل خطرًا من الصمت والاستسلام".
وتستطرد قائلة: "في هذه المواجهة يمكن الاستعانة ببعض الأدوات للدفاع عن النفس مثل استخدام الدبوس أو شيء حاد أو مدبب مثل قلم أو مفتاح أو بطاقة ائتمان، أو قذفه بحجر أو رش عينيه بشيء مؤذِ مثل عبوات رذاذ الفلفل والمواد الحارقة والعطور، واستخدام الصاعق الكهربائي "STUNT GUN"، أو دفع المتحرش بعيدًا عنك بحقيبة اليد أو كتاب ثقيل أو ملف أوراق حاد، أو صفعة على وجهه، أوضربه في المناطق الضعيفة مثل "الحنجرة، والعينان، والضلوع العائمة أسفل القفص الصدري، وأعلي الفخذين"، بالإضافة إلى استخدام بعض مهارات الدفاع عن النفس مثل الكاراتيه، والكونغ فو، والتايكوندو".
وتتبادل الفتيات المصريات وصفة "الرذاذ الحارق للمتحرشين" في جلساتهن، وهو عبارة عن خليط من مواد التوابل الحارة عبارة عن ملعقتين من الفلفل الأسود أو الشطة الحمراء تضاف إليهما 2 سم كحول إثيلي، يضاف إليه 1 سم من زيت الأطفال، ويتم وضعها في زجاجة بها "بخاخ" لاستخدامها بالرش تجاه العين والأنف.
وفي العراق، بدأت ظاهرة التحرش الجنسي تتنامى في المجتمع العراقي؛ الأمر الذي دفع العديد من النساء إلى اللجوء لمعاهد تعليم الفنون القتالية للدفاع عن أنفسهن، في ظل عدم وجود قانون لردع المتحرشين بحسب تقرير على فضائية "سكاي نيوز".
وتعلّق عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، على هذه الأساليب قائلة لمراسلة وكالة "الأناضول" للأنباء: "من الطبيعي أن تدافع الفتاة عن نفسها بالطرق المشروعة لمواجهة من يحاول التعرض لها".
وترى أن لجوء الفتيات إلى مثل هذه الحلول هو نوع من التعامل مع المشكلة بشكل مؤقت وليس جذريًا "فنحن في حاجة إلي التوعية الدينية والثقافية والعقاب الغليظ من قِبل القوانين والأحكام والإعلان عنها في وسائل الإعلام".
ويطالب نشطاء في عدد من الدول العربية بسن قوانين لتجريم التحرش الجنسي؛ نظرًا لانتشار الظاهرة في المجتمع.
وفي السعودية، يجهّز مجلس الشورى مشروع قانون لتجريم التحرش الجنسي، حيث يتزامن هذا القانون مع ازدياد فرص العمل للمرأة في السعودية وبروز الحاجة لسن قوانين تنظم بيئة العمل.
وفي المغرب، تطالب ناشطات حقوقيات بسن قانون لردع المتحرشين بعد أن أظهرت الإحصائيات أن التحرش الجنسي في أماكن العمل أصبح ظاهرة لا يمكن السكوت عنها.
وفي المقابل، تتحدث منتديات دينية على مواقع الإنترنت عن أن كل هذه الوسائل لن تجدي نفعًا، مطالبة الفتيات بالالتزام بالاحتشام وارتداء ما يصفونه بالزي الإسلامي الكامل كحل جذري لهذه الظاهرة التي يلقون فيها بالمسؤولية على الفتاة "غير المحتشمة" في المقام الأول.
وقال أحد أعضاء منتدى "دار الشيخ عرب لدراسة الكتب السماوية" في مشاركة بعنوان "مواجهة التحرش الجنسي من خلال القرآن الكريم" إنه إذا تم سن قوانين للمعاقبة على التحرش فيلزم أن تعاقب الفتاة مثل الرجل "لأنها السبب بداية في جذبه إلى التحرش".
وتتركز معظم أسباب ظاهرة التحرش- بحسب علماء اجتماع- في التنشئة الاجتماعية غير السوية، وانتشار المواقع الإباحية، والاستغلال السيئ لصورة المرأة في الإعلام، وتأخر سن الزواج، واللامبالاة في الشارع حيث لا يجد المتحرش من يردعه من المارة كما كان في السابق.
وكان المؤتمر الإقليمي العربي الذي تم تنظيمه بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للسكان وعدد من منظمات حقوق الإنسان العربية، واستضافته القاهرة في 2009، أعلن أن الدول العربية تعاني من أزمات التحرش الجنسي، وطالب بإقرار قانون عربي موحّد لتجريم التحرش الجنسي.
وذكر المؤتمر وقتها أن 90% من النساء في اليمن اشتكين من تعرضهن للتحرش سواء في الأماكن العامة أو أماكن العمل، وأن 83% من النساء المصريات قد تعرضن بالفعل لشكل أو لآخر من أشكال التحرش الجنسي، وأن 27% من الفتيات الجزائريات الجامعيات أكدن تعرضهن للمضايقات الجنسية من قبل أساتذتهن.
وفي قطر، 21.1% من الفتيات أفصحن عن تعرضهن لذات المشكلة، وفي المملكة العربية السعودية يتعرض 22.7% من الأطفال لجريمة التحرش الجسدي، وفي لبنان ثلث النساء تعرضن لحوادث التحرش أو الاعتداء أو الإساءة اللفظية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.