دولي, archive, archive, الدول العربية

حصن "غازي مصطفى".. شاهد على التاريخ "العثماني" غرب المتوسط

يعتبر حصن "برج غازي مصطفى" في السواحل الجنوبية التونسية من أهم المعالم التاريخية التي مازالت تشهد على تفاصيل مهمّة في الصراع العثماني الإسباني.

08.05.2013 - محدث : 08.05.2013
حصن "غازي مصطفى".. شاهد على التاريخ "العثماني" غرب المتوسط

 

رضا التمتام

تونس-الأناضول

يعتبر حصن "برج غازي مصطفى" في السواحل الجنوبية التونسية من أهم المعالم التاريخية التي مازالت تشهد على تفاصيل مهمّة في الصراع العثماني الإسباني على الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسّط إبّان القرن السادس عشر الميلادي.

الحصن الذي بني شمال غربي جزيرة جربة، قرب مينائها الرئيسي الحالي، كقلعة عسكرية مهمّة على السواحل الجنوبية للمتوسط، لعب دورا رئيسيا في حسم نتيجة الحرب الكبيرة لفائدة الأسطول البحري العثماني ضدّ التحالف المسيحي بقيادة الإسبان (إسبانيا والبندقية وجنوة ونابولي وصقلية وفرسان مالطا) آنذاك في النصف الثاني من القرن السادس عشر.

ويتخّذ "البرج الكبير" بحسب تسمية أهل المنطقة، من سواحل الجزيرة الأكبر في شمال إفريقيا، مركزا لمراقبة حركة الملاحة بالحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط خاصّة وأن سواحل تونس (إفريقية كما كانت تسمّى في الأزمنة السابقة)، مثّلت طيلة عصور ما قبل الميلاد والقرون الوسطى همزة الوصل في الربط بين السكّان الغربيين والشرقيين لحوض البحر الأبيض المتوسّط.

وتذهب الرواية التاريخية بحسب المؤرّخين التونسيين إلى أن الحصن الذي مازال محافظا إلى اليوم على أبرز معالمه قد أنشئ عام 1284 ميلادية على يد الأميرال الأراغواني روجيه لوريا (قائد أسطول أراغون وصقلّية، جنوب إيطاليا) على بقايا معلم روماني.

وأعيد ترميم الحصن في القرن الخامس عشر (1425 ميلادية)، على يد السلطان الحفصي أبي فارس (الحَفْصِيُّون أو بنو حَفْص سلالة أمازيغية حكمت في تونس، ما بين 1229- 1574 م) بهدف محاولة صدّ الهجمات الإسبانية التي بدأت تتوالى على تونس من أجل الهيمنة عليها .

وقام الإسبان بعد احتلالهم لتونس عام 1535 بإعادة تهيئة الحصن ومنحوه معظم تفاصيل شكله الحالي عام 1560 ، ذلك بعد أن اتّخذته حامية إسبانية مكوّنة من 6000 جندي منطلقا للتصدّي للقراصنة الأتراك بالمنطقة.

لكن القرصان التركي الشهير درغوث باشا قام بالتنسيق مع خير الدّين بربروس، قائد الأسطول العثماني آنذاك، وبأمر مباشر من سلطان الباب العالي سليمان القانوني، في نفس العام، بمحاصرة الحصن واغتنامه من الإسبان في واحدة من أهم المعارك، حيث أعادت تونس منذ 1574 إلى الحاضنة المسلمة في ظلّ الخلافة العثمانية .

ويعتبر الحصن اليوم معلما سياحيا مهمّا يزوره الآلاف من السيّاح سنويا ممن يتوافدون على "جزيرة الأحلام" (جربة) خاصّة في فصل الصيف، وكانت تونس قد اعتبرت الحصن منذ عام 1904 معلما تراثيا .

ويرجع إطلاق اسم "برج غازي مصطفى" على الحصن، نسبة إلى الوالي التركي غازي مصطفى الذي أدخل على الحصن تعديلات كبيرة على مستوى ساحته الرئيسية وسوره الخارجي، إضافة إلى المسجد الذي بناه داخل الحصن .

ويتخذ الحصن بحسب التعريف الرسمي له "شكلا مستطيلا تبلغ أبعاده 68 مترا و53 مترا أما جدرانه العالية فبنيت من كتل حجرية مصقولة، وتشتمل الواجهة الجنوبية على أربعة أبراج مربعة.

وكان الدخول الى الحصن يتم في السابق عبر مسلك متحرك يرفع فوق خندق يحيط بالبرج يبلغ عرضه حوالي 15 مترا.

أما أقسام الحصن الداخلية، كما يتابع تعريفه الرسمي، فتضم مرافق متعددة من بيوت وساحات ودور علوية ومدارج، ثم أضاف القائد الغازي مصطفى مرافق أخرى تتمثل في غرف واسطبلات ومسجد، كما تحتوي المساحة المقابلة للبرج على فساقي ضخمة بنيت لتزويد الأهالي بالماء.

ويعتبر محيط الحصن اليوم فضاء ثقافيا لسكّان جزيرة جربة حيث يوجد بجواره "مسرح الهواء الطلق" الذي تقام فيه الحفلات الغنائية الكبرى في الصيف كما يحتضن المهرجانات الثقافية.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın