تجار صينيون يسعون لتملك أكبر سوق شعبي بالخرطوم
عبارة "سيكون سوق ليبيا مملوكا بالكامل للصينيين بنهاية العام 2013م" تنتقل وتسري بين أصحاب الدكاكين" المحال التجارية الصغيرة" كما لو أنها شعلة أولمبياد.

يوسف حمد
الخرطوم- الأناضول
في (سوق ليبيا) الشعبي بأم درمان؛ المدينة الثانية المكونة للعاصمة السودانية الخرطوم، تعمل مواهب مترجمة لدى عدد من التجار الصينيين الذين انتشروا بشكل لافت في السوق.
إلى جانب ثمة مترجمين سودانيين آخرين، هم على وشك تكوين نقابة خاصة بالمترجمين، وجميعهم درسوا اللغة الصينية في جامعة الخرطوم.
ويفوق حجم الكتلة النقدية المتبادلة في سوق ليبيا الـ 10 ملايين دولار يومياً، تقريباً، وفق مراقبون، ويعتبر السوق هو المورد الأكبر للبضائع الواردة إلى أسواق الخرطوم من الخارج، باستثناء منطقة "قري" الحرة الواقعة أقصى شمال العاصمة.
كانت عبارة "سيكون سوق ليبيا مملوكا بالكامل للصينيين بنهاية العام 2013م" تنتقل وتسري بين أصحاب الدكاكين" المحال التجارية الصغيرة" كما لو أنها شعلة أولمبياد.
في وقت وجيز كانت العبارة هي حديث الخاصة والعامة، يرددونها بتهكم، وأحيانا يحملونها محملاً جاداً؛ وتارة يئولونها تأويلاً سياسيا يتماشى مع حالة السودان الذي يحرص على علاقة سياسية واقتصادية طيبة مع الصين، في أعقاب الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة فيما يتصل بسجل السودان الخاص بحقوق الإنسان.
تأسس سوق ليبيا في العام 1984 تحت إشراف السودانيين العائدين من ليبيا، وأصبح في الآونة الأخيرة يعج بالصينيين قصار القامة وبضائعهم؛ وهم صبايا ونساء ورجال وشباب، يجلسون بتنورات "جيبات " قصيرة أمام محلات يديرونها بأنفسهم.
جميع البضائع التي يبيعونها صينية الصنع، وغير موثوق بجودتها لدى قطاع واسع من المواطنين، حتى أن السودانيين يتداولون نكتة عن انتشارها، تقول: (ربما تشرق شمس يوم ما ونجد مكتوباً أسفل أهرامات البجراوية الأثرية "made in china".
ويقول التاجر السوداني بسوق ليبيا سفيان إبراهيم في هذا الصدد، إن "عددا من التجار المحليين غادروا المحلات التجارية الخاصة بهم".
ويقدر حجم الاستثمارات الصينية والتبادل التجاري في السودان بأكثر من 11 مليار دولار في قطاع النفط وحده.
وعادة ما يشاهد المتسوقون في الآونة الأخيرة ما بين 7 إلى 10 صينيين في الدكان الواحد، يديره أحدهم فيما يساعده الآخرون بنقل البضائع من مكان إلى آخر.
تقول التاجرة الصينية (وانق) وهي مديرة لشركة " كاي شوان" للاستثمار عبر مترجمتها السودانية مواهب: (حضرت إلى السودان قبل سنة تقريبا، لأعمل في تجارة البطاطين والستائر والأقمشة صينية الصنع، واخترت بمعاونة صينيين آخرين فتح فرع للشركة في سوق ليبيا".
فيما يعمل زوج (وانق)؛ التي رفضت التقاط صورة لها، وسيطا بين الخرطوم وبكين، وتقول إنها سعيدة بوجودها في سوق ليبيا، وتخطط هي وزوجها لمجئ ابنهما الوحيد عقب إنهاء دراسته الجامعية، لأن الأمور تمشي على ما يرام، ولا يزعجها غير الغبار الكثيف المنبعث من تدافع الناس على دكانها.
إلى جانب (وانق) بشركتها، فثمة ما يفوق الـ100 محل في سوق ليبيا يديرها الصينيون.
لكن مسؤول الإعلام بإدارة البلدية التي تشرف على السوق يقول: (نعم.. الرقم كبير للغاية والصينيون في زيادة متسارعة، لكن القانون لا يسمح لهم بالتملك.. جاءوا إلى السوق تحت حماية من التجار السودانيين، وما زال وجودهم تحت إشراف السودانيين).
في عمارة تتألف من 3 طوابق بسوق ليبيا كان الطابق الأول محجوزا بكامله لتجار صينين، وفي الطابق الثاني كانت تاجرة صينية اسمها (جوجو) تهيئ لها مكتباً متواضعا.
يفتح المكتب على فضاء الطابق المترب لكون العمارة لم تكتمل بعد. ويجلس في المكتب 4 صينيين خامسهم شاب سوداني في الأربعين من عمره.
سأل مراسل الأناضول عن (جوجو) التي هي أول القادمين والقادمات إلى سوق ليبيا، وينسب إليها التجار في السوق مقولة: " امتلاك سوق ليبيا بنهاية 2013م "، رد الأربعة بإقتضاب وخوف: "جوجو غير موجودة".
كان الشاب السوداني منحازا بخوف واضح إلى الصينيين، وكان يبدو كما لو أنه يخشى عليهم من مكروه سيصيبهم، فأخذ يستجدي عدم نشر أي حديث بشأن الصينيين في وسائل الإعلام، ويقول إن تجارتهم في بوار وكساد كبيرين، ويضيف مستعطفاً أن الزيادة في سعر صرف الدولار أثرت على أرباحهم وجعلتها ضئيلة للغاية.
لكن التاجر السوداني محمد الماحي يحذر مما يعتبره خطراً على الاقتصاد السوداني، ويقول إن التاجر الصيني يأخذ أرباحه ورأسماله بالدولار، ثم لا يعيده إلا في شكل بضاعة رديئة الصنع.
ويلاحظ في سوق ليبيا غلبة العنصر النسائي الصيني بين التجار القادمين من الصين، إذ يشكلن نسبة 70% منهم كما يقول تجار بالسوق.
ما يشير إليه السودانيون بضجر في سوق ليبيا، هو أن الصينيين في خطتهم لإحتلال السوق يقومون بإغراء السودانيين أو إغراقهم بالديون عبر البضائع الصينية، في سبيل إخلاء الدكان.
ويقول سفيان إن الصينيين زادوا بصورة ملحوظة، وزادت بضاعتهم المستوردة كذلك.
وطبقا لسفيان إبراهيم التاجر السودانى، فهم يأتون بكميات كبيرة من البضائع والسلع المنتجة في الصين، مستفيدين من تشجيع الحكومة الصينية للصادر، ومعفيون؛ بحكم أنهم صينيون، من ضريبة 5% تفرضها الحكومة الصينية على جميع التجار غير الصينيين.
وكانت الحكومة السودانية أجرت في العام الماضي مفاوضات مع الصين، بشأن إمكانية إجراء التبادلات التجارية بين البلدين على أساس الجنيه السوداني واليوان الصيني بدلا عن الدولار الأمريكي.
وقال وقتها محافظ بنك السودان المركزى محمد خير الزبير: "من الممكن بعد فترة قصيرة أن نتخلى عن الدولار نهائيا، ونعتقد أن الصين ستصير القوة الاقتصادية الأولى في العالم عما قريب".
وهي ذات العبارة التي قالها والد المترجمة مواهب بشكل آخر وهو ينصحها: ( من الأحسن أن تتخصصي في اللغة الصينية لأن للصينيين سطوة قادمة).
عا – مصع
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.