
يوسف ضياء الدين
الجزائر ـ الأناضول
تتنوع عادات الجزائريين في ليلة النصف من رمضان بتنوع المناطق التي يقيمون فيها، لكنهم يشتركون في تقديس هذه الليلة "عرفيًا"، تمامًا مثلما يشتركون في تقديس ليلة السابع والعشرين منه باعتبارها ليلة القدر.
وتعني ليلة النصف من رمضان للجزائريين وقفة مع شهر غال عليهم كثيرًا، يخصونه فيها ببعض العادات التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، وهي عادات تتعلق بنوعية الأطباق التي يحضرونها وباستقبال الضيوف وصلة الأرحام وتصويم الأطفال لأول مرة في حياتهم والختان والاستعداد للعشر الأواخر.
يقول عثمان، الذي ينحدر من ولاية تيبازة وسط الجزائر، متحدثًا لمراسل "الأناضول"، إن العائلات التيبازية "تجتمع بأكبر عدد ممكن من أفرادها في بيت واحد ليتناولوا إفطارًا جماعيًا يكون مميزًا عن غيره فيما سبق وفيما هو آت من أيام رمضان"، يؤكد عثمان أنهم توارثوا عن آبائهم أن يذبحوا ديكًا سمينًا في ذلك اليوم، ويكون الإفطار محضرًا بلحم هذا الديك.
وعن رمزية "الديك" في هذا اليوم، يفسر المحدث "الديك رمز الرجولة والصبر وتحمل المشقة ومقارعة الصيام، إنه يُذبح على شرف الأطفال الذين يصومون لأول مرة في هذا اليوم".
أما في السهرة فيفتح المجال لتجاذب أطراف الحديث حول أحوال العائلة ويومياتها وجديدها، على مائدة من الحلويات الخاصة التي تعد لهذه المناسبة، ومن هذه الأنواع "السمسم" و"المخلعة" و"المسمن".
وفي مدينة قسنطينة شرق الجزائر، يعتبر طبق "الشخشوخة" رأس الحربة في إفطار منتصف رمضان، وهو طبق يعد من العجين المُفتت والمرق ولحم الغنم.
وتقول حنان إن القسنطينيين يخصون هذا اليوم أيضًا بتصويم الأطفال لأول مرة، ويجازونهم بإفطار حلو يميّزه طبق "الحلو" المطبوخ بالمشمش المجفف واللحم، وتُعطى للأطفال بعض الأموال تهنئة لهم على صيامهم ذلك اليوم.
ويسمي القسنطينيون هذه الليلة بـ"النّصاف"، وتعني المنتصف.
ومن الناحية الروحية تأخذ ليلة منتصف رمضان قدسيتها الخاصة، حيث يزيد الإقبال على صلاة التراويح، وتتزاور العائلات صلة للرحم، ويُحث الأطفال الصغار على محاولة صوم هذا اليوم تربية لهم على احترام رمضان والتعلق به منذ نعومة الأظافر.
وفي ناحية الجلفة جنوب الجزائر، يخص الناس منتصف رمضان بطبق "البغرير" وهو طبق حلو المذاق يطبخ بالدهان ويقدم عند الأذان، كما تحضّر العائلات الجلفاوية طبق "الشخشوخة" أيضًا.
ويحرص الجلفاويون على ختان أولادهم في هذا اليوم ويغدقون عليهن بالهدايا، وفي الليل وبعد الفراغ من صلاة التراويح، يتجالس الناس في المساجد يتلون القرآن جماعات وفرادى، تأكيدًا على حبهم لهذا الكتاب وحرصًا على التشبث به والتضحية في سبيله، وهي أيضًا رسالة مفادها "نحن قادرون على القيام بهذا القرآن طوال الليل لله تعالى ولن نتعب ولن نكل"، ورسالة أخرى مؤداها "الاستعداد للعبادة الشاقة في العشر الأواخر من الشهر الفضيل".
ويقول كريم يحيى متحدثًا لمراسل الأناضول إن هذه العادات بدأت تغادر المجتمع الجلفاوي، رغم إصرار بعض العائلات على التشبث بها كونها "عادة الأجداد".
ورغم غلاء المعيشة وتعسّر أحوال الجزائريين، إلا أنهم يحرصون على احترام رمضان بطريقتهم الخاصة، من خلال الوفاء لعادات الآباء والأجداد قدر المستطاع، وبما لا يضر ميزانيتهم، ولسان حالهم يقول "هذا ما قدرنا عليه من وفاء تجاه آبائنا، والله المستعان".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.