زنغزور.. ممر جيوسياسي يعزز مكانة تركيا بمعادلة الطاقة (خبراء)
الممر، الذي يصل آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين مرورًا بأذربيجان وأرمينيا وصولًا إلى تركيا، يُعد في الوقت نفسه جزءًا أساسيًا من الممر الأوسط ضمن مبادرة الربط بين الشرق والغرب.

Ankara
أنقرة/ إيبرو شنغول جوري أوغلو/ الأناضول
** أوقتاي تانري سيفر، أكاديمي العلاقات الدولية:- ممر زنغزور يعزز هدف أنقرة بأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة يخدم الأسواق الأوروبية
- الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ينظران إلى الممر باعتباره استراتيجيا مستقلا عن روسيا
- عبر التفاهمات السياسية والدبلوماسية والبنية التحتية المطلوبة قد يستغرق المشروع 3 و5 سنوات
** لوند آيدن، أستاذ الاقتصاد:
- عند افتتاح الممر، لن يقتصر دوره على توفير النقل البري والسككي المباشر إلى تركيا
- سيوفر مسارًا جديدًا لخطوط الأنابيب، وشبكات نقل الكهرباء، والبنية التحتية للاتصالات بالألياف الضوئية
- واشنطن تعتبره بديلًا قادرًا على كسر ضغط موسكو في مجال الطاقة وتقييد التفوق اللوجستي لطهران
- الصين تنظر إلى زنغزور باعتباره "جبهة جديدة في حرب الممرات"
يقول خبراء إن "ممر زنغزور" يمثل مشروعًا استراتيجيًا يعزز موقع تركيا كمركز إقليمي للتجارة والطاقة، إذ يربط آسيا الوسطى وحوض قزوين بتركيا وأوروبا، ويوفر بديلًا مهمًا لمسارات النفط والغاز والكهرباء بعيدًا عن روسيا وإيران.
الممر، الذي يصل آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين مرورًا بأذربيجان وأرمينيا وصولًا إلى تركيا، يُعد في الوقت نفسه جزءًا أساسيًا من الممر الأوسط ضمن مبادرة الربط بين الشرق والغرب.
وفي السياق نفسه، وضع في أغسطس/ آب الماضي حجر الأساس لمشروع خط سكة حديد "قارص–إيغدير–آرالق–ديل أوجو"، باعتباره "خطوة عملية نحو تفعيل الممر".
وبحسب خبراء في تصريحات للأناضول، فإن زنغزور لا يقتصر على البعد التجاري، بل ينطوي على إمكانات كبيرة في مجال أمن الطاقة، إذ يوفّر مسارًا استراتيجيًا بديلًا لتلبية احتياجات أوروبا من النفط والغاز والكهرباء.
** ميزة جيوسياسية وجيو-استراتيجية
بهذا الخصوص، يوضح أوقتاي تانري سيفر، عضو هيئة التدريس في قسم العلاقات الدولية بجامعة الشرق الأوسط التقنية التركية، أن ممر زنغزور يُمثل أقصر الطرق لنقل موارد الطاقة من بحر قزوين إلى الأسواق التركية والأوروبية، ما يجعله بالغ الأهمية.
ويضيف تانري سيفر: "تكمن الأهمية الاستراتيجية للممر في عدة عوامل، منها أنه يمر عبر عدد أقل من الدول، ويبتعد نسبيًا عن روسيا التي تتبنى في السنوات الأخيرة سياسة عدائية تجاه جيرانها".
كما يمكن استخدامه في نقل النفط والغاز الطبيعي وحتى الكهرباء، غير أن تحقيق ذلك يتطلب أولًا معالجة المخاوف الأمنية، وهو ما قد يستغرق وقتًا، حسب المتحدث.
ويوضح أنه إذا أمكن نقل مزيد من النفط والغاز والكهرباء من حوض قزوين إلى تركيا عبر ممر زنغزور، فسوف يعزز ذلك هدف أنقرة بأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة يخدم الأسواق الأوروبية، فيما سيقوي تنويع مصادر الإمداد وكمياتها إمكانية تحقيق هذا الهدف".
** بديل للاتحاد الأوروبي
ويلفت تانري سيفر إلى أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ينظران إلى ممر زنغزور باعتباره "ممرًا استراتيجيًا مستقلًا عن روسيا".
ويقول في وصفه للمشروع الرابط بين آسيا الوسطى وتركيا والذي يشكل بديلًا استراتيجيًا لإمدادات النفط والغاز والكهرباء نحو أوروبا، إنه "قد يسهم في تقليص النفوذ الروسي بالمنطقة، ويعزز في الوقت ذاته أمن الطاقة الأوروبي".
ويستطرد: "من المهم التركيز على المدى المتوسط والبعيد أكثر من القصير، فتنفيذ المشروع بشكل فعلي عبر التوصل إلى التفاهمات السياسية والدبلوماسية اللازمة وإنجاز البنية التحتية المطلوبة، قد يستغرق ما بين 3 و5 سنوات على الأقل".
** مكمّل لممرات الطاقة
بدوره، يوضح لوند آيدن، أستاذ الاقتصاد في جامعة العلوم الاجتماعية بأنقرة، أن خطوط أنابيب الغاز والنفط القائمة، مثل "تاناب"، و"السيل التركي"، و"باكو–تبليسي–جيهان"، بالإضافة إلى خط الغاز الإيراني، جعلت من تركيا بالفعل محورًا رئيسيًا لمرور الطاقة شرقًا وغربًا.
ويقول آيدن إن "ممر زنغزور، بصفته ممرًا للنقل واللوجستيات، يمتلك القدرة على أن يصبح حلقة مكمّلة لممرات الطاقة القادمة من حوض قزوين عبر تركيا إلى أوروبا".
ويضيف: "عند افتتاح هذا الممر، لن يقتصر دوره على توفير النقل البري والسككي المباشر إلى تركيا، بل سيوفر أيضًا مسارًا جديدًا لخطوط الأنابيب، وشبكات نقل الكهرباء، والبنية التحتية للاتصالات بالألياف الضوئية".
ويؤكد آيدن أن الممر ليس خطا للطاقة حاليا، لكنه قد يتحول مستقبلًا إلى ممر استراتيجي يمكن استخدامه لمد خطوط غاز موازية لمشروع تاناب، أو أنابيب نفط، أو حتى لإنشاء شبكة ربط كهربائي بين أذربيجان وتركيا، إضافة إلى خطوط الاتصال الرقمية.
ويردف: "ربما نشهد مستقبلًا مرور الغاز التركماني عبر بحر قزوين ضمن هذا المسار، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن أحد أهم عناصر أمن الطاقة هو تنويع طرق الإمداد، فإن ممر زنغزور سيمثل مكسبًا استراتيجيًا لتركيا ولدول المنطقة".
** روابط جديدة
ويشير آيدن إلى أن "الولايات المتحدة ترى في ممر زنغزور خطًا استراتيجيًا لا يقتصر على الطاقة، بل يسهم أيضًا في تقليص نفوذ روسيا وإيران في المنطقة".
ويوضح أن واشنطن تعتبره بديلًا قادرًا على كسر ضغط موسكو في مجال الطاقة وتقييد التفوق اللوجستي لطهران.
أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فيرى آيدن أن الهدف الأساسي بعد الحرب الروسية الأوكرانية يتمثل في تقليل الاعتماد على الطاقة الروسية وصولًا إلى إنهائه.
ويوضح: "رغم أن استراتيجية الحياد الكربوني لعام 2050 تتطلب التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، فإن الأولوية في المدى القصير تظل لأمن الإمدادات. ومن هنا تكتسب كافة مسارات الطاقة الجديدة القادمة من حوض قزوين أهمية استراتيجية خاصة".
ويعتبر الأكاديمي التركي أن تفعيل الممر، في ظل بيئة سلام دائمة، سيجعل من دعم الاتحاد الأوروبي له "احتمالًا قويًا للغاية".
ويلفت إلى أن الجدول الزمني لتشغيله لا يعتمد فقط على الجوانب التقنية، بل أيضًا على التطورات السياسية.
ويقول: "العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان، والقرارات الاستثمارية للاعبين الإقليميين، ستحدد المسار. وعلى المدى المتوسط، أي خلال 5 إلى 10 سنوات، يمكن إنشاء خطوط لنقل الكهرباء وربط بالغاز الطبيعي إذا ثبتت جدواها".
أما على المدى الأقصر، فإن بدء حركة التجارة عبر النقل البري والسككي سيكون بمثابة خطوة لـ"تعزيز الثقة تجاه البنية التحتية للطاقة"، وفق آيدن.
** حسابات مختلفة
ويؤكد آيدن مجددًا أن الولايات المتحدة ترى في الممر أداة استراتيجية للحد من نفوذ روسيا وإيران، في حين يعتبره الاتحاد الأوروبي أولوية متزايدة الأهمية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
أما الصين، فيقول الخبير التركي إنها تنظر إلى زنغزور باعتباره "جبهة جديدة في حرب الممرات".
ويختتم حديثه بالقول إن بكين تستثمر بشكل مكثف في شبكات النقل والأنشطة اللوجستية في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى ضمن إطار مبادرة الحزام والطريق.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.