دراسة: الأنهار الجوية تسرّع ذوبان الجليد في القطب الجنوبي
ـ كشفت دراسة علمية عن تأثير الأنهار الجوية في رفع درجات الحرارة والتسبب في ذوبان مفاجئ للأنهار الجليدية في القارة القطبية الجنوبية

Istanbul
إسطنبول/ حكمت فاروق باشر/ الأناضول
ـ الباحث التركي دنيز بوزقورت: الدراسة تثبت ضرورة أخذ الأنهار الجوية في الحسبان عند وضع سيناريوهات تغير المناخ نظرًا لدورها في إذابة الجليد وتسريع التغيرات المناخية
كشفت دراسة علمية حديثة، شارك فيها باحثون من جامعات عالمية بينها جامعة إسطنبول التقنية، أن "الأنهار الجوية" تلعب دورًا رئيسيًا في رفع درجات الحرارة وتسريع ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا).
ونشرت مجلة "نيتشر ريفيوز لعلوم الأرض والبيئة" (Nature Reviews Earth & Environment)، نتائج الدراسة، التي استمرت عامين، والتي خلصت إلى أن الظاهرة المناخية المذكورة، تتسبب في موجات حر شديدة في المناطق الساحلية، ما يؤدي إلى ذوبان مفاجئ للأنهار الجليدية، في حين أنها تؤدي إلى هطول ثلوج كثيفة في المناطق الداخلية.
**ظاهرة نادرة ذات تأثيرات هائلة
وأوضح الأكاديمي التركي الباحث الزائر في معهد علوم الأرض بجامعة إسطنبول التقنية، الأستاذ في جامعة فالبارايسو التشيلية، الدكتور دنيز بوزقورت، وهو أحد المشاركين في الدراسة، أن الأنهار الجوية هي تيارات هوائية طويلة وضيقة تنقل بخار الماء من المناطق الاستوائية إلى القطبين.
وأضاف بوزقورت، أن هذه الظاهرة تحدث فقط 3-4 مرات سنويًا، لكنها تمتلك تأثيرًا هائلًا، إذ تساهم في رفع درجات الحرارة القياسية على السواحل، ما يؤدي إلى ذوبان سريع للجليد وارتفاع مستوى سطح البحر، بينما تسبب تساقط ثلوج كثيفة في المناطق الداخلية ذات التضاريس المرتفعة.
وأوضح أنهم خلال بعثة بحثية إلى القارة القطبية الجنوبية استغرقت أسبوعين، تعرضوا لثلاث عواصف كبرى، جميعها ناجمة عن الأنهار الجوية.
وأكد بوزقورت، أن البحث اعتمد على بيانات محطات الأرصاد الجوية، وصور الأقمار الصناعية، وبيانات أخرى لدراسة تأثير هذه الظاهرة على الأنهار الجليدية.
كما حذر من أن تغير المناخ سيزيد من تأثير الأنهار الجوية، موضحًا: "مع زيادة معدلات التبخر، يزداد تركيز بخار الماء في الغلاف الجوي، ما يجعل الأنهار الجوية أكثر رطوبة وأشد قوة، وهذا قد يؤدي إلى تسارع ارتفاع منسوب سطح البحر".
وشدد بوزقورت، على أن الدراسة تثبت ضرورة أخذ الأنهار الجوية في الحسبان عند وضع سيناريوهات تغير المناخ، نظرًا لدورها في إذابة الجليد وتسريع التغيرات المناخية.
-جانب إيجابي محتمل
ورغم التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة، أوضح بوزقورت، أن الأنهار الجوية يمكن أن تكون ذات فائدة أيضًا، حيث أنها تؤدي إلى تساقط ثلوج غزيرة في بعض المناطق الداخلية، ما يساعد على إعادة بناء الكتل الجليدية.
وأضاف: "من الضروري النظر إلى تأثير الأنهار الجوية من منظور شامل، وليس فقط التركيز على سلبياتها، بل أيضًا دراسة دورها في الحفاظ على استمرارية الأنهار الجليدية".
وشدد بوزقورت، على أهمية تطوير نماذج مناخية حديثة تأخذ في الاعتبار هذه الظاهرة لضمان دقة التوقعات المستقبلية.
** دور رئيسي في هطول الأمطار
من جانبها، قالت بورجو بوزا، طالبة الدكتوراه في معهد علوم الأرض بجامعة إسطنبول التقنية، إن البحث قدّم إسقاطات مهمة حول كيفية تطور ظاهرة الأنهار الجوية مستقبلاً.
وأشارت بوزا، إلى أن القارة القطبية الجنوبية، رغم كونها أكبر خزان للمياه العذبة في العالم، إلا أنها تعد مناخيًا صحراءً جافة، حيث تعتمد بشكل رئيسي على الأنهار الجوية لجذب الأمطار والثلوج.
وأضافت أن هذه الظاهرة تختلف في مساراتها وكمية الرطوبة التي تحملها عن نظيراتها في مناطق أخرى من العالم، ما يجعل فهم تأثيرها على القارة القطبية الجنوبية أمرًا بالغ الأهمية.
**نماذج جديدة للرصد والتنبؤ
أما أمير توقر، الباحث في معهد علوم الأرض بجامعة إسطنبول التقنية، فأكد أن الأنهار الجوية تُعد من الظواهر الجوية القاسية التي يصعب التنبؤ بها.
وأشار توقر، إلى أن نماذج الطقس الحالية في المناطق القطبية لا تزال تعاني من أخطاء حسابية كبيرة.
وأوضح أنهم يعملون على تطوير نماذج للرصد والتنبؤ لتحسين دقة التوقعات المناخية.
ولفت توقر، إلى أن الدراسة توصلت إلى إمكانية التنبؤ بحدوث الأنهار الجوية قبل 3 إلى 5 أيام، ما يشكّل تطورًا هامًا في مجال التنبؤات الجوية.
وختم توقر حديثه بالقول: "نظرًا لحساسية النظام البيئي في القارة القطبية الجنوبية، فإن القدرة على التنبؤ بهذه الظواهر مسبقًا سيكون أمرًا بالغ الأهمية لحماية البيئة ودراسة تغير المناخ بشكل أفضل".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.