مع بدء محاكمة قاتليه.. لمحة عن "سانكارا" الزعيم البوركيني السابق (بروفايل)
المحاكمة التي انطلقت الاثنين، ستلقي الضوء على الحقيقة بعد 34 عاما من اغتيال توماس سانكارا، الذي كان ضابطا عسكريا، وثوريا اشتراكيا، وزعيما قوميا، كما يقول محلل سياسي للأناضول، الذي وصفه بـ"تشي جيفارا إفريقيا"

Burkina Faso
كيغالي / جيمس تاسامبا / الأناضول
انطلقت، الاثنين الماضي، محكمة عسكرية في واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، لمحاكمة 14 متهمًا في اغتيال توماس سانكارا، الرئيس البلاد الأسبق.
وتولى سانكارا السلطة في 1983، لكنه قُتل بعد أربع سنوات عن عمر ناهز 37 عامًا، خلال انقلاب قاده بليز كومباوري، حليف سانكارا، والرئيس السابق للدولة (1987-2014) المتهم الرئيسي في القضية.
وفي حديثه للأناضول، قال إسماعيل بوكانان، المحاضر البارز في قسم العلوم السياسية بجامعة رواندا، عن المحاكمة التي بدأت الاثنين، "لقد تأخرت محاكمة (قتلة) سانكارا كثيرًا، سوف تلقي هذه المحاكمة بالضوء على الحقيقة".
ويواجه كومباوري و13 آخرون تهمًا متعددة حول مقتل سانكارا، حيث سيحاكم جنباً إلى جنب مع الجنرال جيلبرت ديندير، القائد السابق لقوات الأمن الرئاسي.
وقال محاموه إن كامباوري (70 عاما) لن يحضر المحاكمة، بحجة أنه يتمتع بالحصانة بوصفه رئيسا سابقا، لكن القضية ستمضي قدمًا حتى في غيابه.
كامباوري، الذي أطيح به في 2014 إثر انتفاضة شعبية بعد 27 عاما في السلطة، ليهرب بعدها إلى ساحل العاج، نفى مزاعم بأنه أمر بقتل سانكارا.
ووفقًا للعقيد بيير ويدراوغو، رئيس اللجنة التوجيهية للجنة الدولية لإحياء ذكرى سانكارا، فإن بدء المحاكمة يعني "عدم وجود مكان للإفلات من العقاب" في بوركينا فاسو وأنه "حان الوقت لتحقيق العدالة".
** من سانكارا؟
كان سانكارا ضابطًا عسكريًا وثوريًا اشتراكيًا، شغل منصب رئيس بوركينا فاسو وهو في سن 33 عاما، بعد انقلابه عام 1983 حتى اغتياله في 1987، وفق المحاضر "بوكانان".
وأضاف بوكانان، أن سانكارا الذي ولد عام 1949 في منطقة "فولتا العليا"، لأب عسكري، اختار المهنة العسكرية على عكس رغبة أسرته التي أرادته أن يصبح كاهنًا.
وأوضح أن نشأته كانت مختلطة، حيث تعرض منذ صغره للأيديولوجيات اليسارية نسبيًا وتعاليم الكتاب المقدس والقرآن، وتلقى تدريبات عسكرية في مدغشقر وأكاديمية باراشوت في فرنسا.
** أفكار ثورية
كان سانكارا على دراية جيدة بالجيش والسياسة، فهو صاحب العبارة الشهيرة "الجندي دون تعليم سياسي هو مجرم محتمل".
وتابع بوكانان، أنه بعد فترة وجيزة من توليه السلطة، غيّر سنكارا الاسم الاستعماري للبلاد من "فولتا العليا" إلى بوركينا فاسو التي تعني "أرض الشعب الصادق".
ووصف بوكانان، سانكارا بأنه قائد ثوري واشتراكي وقومي، حارب الإمبريالية، مضيفاً أنه "كان مقاتلًا كبيرًا وقائدًا حازمًا في القارة الإفريقية".
وأكد أن سانكارا "حوّل بوركينا فاسو من دولة تعتمد على المساعدات إلى متقدمة اقتصاديًا".
وأشار إلى أن هذا الرجل هو "تشي جيفارا في القارة الإفريقية، وسيستمر إرثه في العيش".
كما اعتبر أن الزعيم البوركيني الراحل أحد "القادة الأفارقة الأكثر جاذبية واستثنائية، الذين آمنوا بقوة بالوحدة الإفريقية، ونضال التحرر الإفريقي".
** تمكين المرأة
كان لسانكارا مشاعر حقيقية تجاه شعبه وهذا ساعده على اكتساب شعبية واسعة، فخلال فترة حكمه نفذ برامج لتمكين المرأة وتحسين حضورها سياسياً.
ونُقل عنه قوله في أحد خطاباته: "لا يمكن القضاء على عدم المساواة إلا من خلال إنشاء مجتمع جديد، حيث يتمتع الرجال والنساء بحقوق متساوية".
وقال أيضاً: "لن يتحسن وضع المرأة إلا بإلغاء النظام الذي يستغلها"، حيث كان يعتقد أن الثورة لا يمكن أن تنجح دون تحرير المرأة.
** محاربة الكسب غير المشروع
حارب سانكارا الفساد والتدهور البيئي، حيث اتبع إجراءات مستدامة بيئيًا، وحفر العديد من الآبار والخزانات لتخزين المياه.
كما تم في عهده إرشاد المزارعين إلى طرق حماية أراضيهم، ويعود له الفضل في زراعة أكثر من 10 ملايين شجرة للحد من التصحر.
كما دفع نحو الاعتماد على الذات وطنيا، ورفض مساعدة المنظمات، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، لأنها "تغرس في أرواحنا سلوك المتسولين"، وفق تعبيره.
وكان لدى سانكارا أفكار ثورية، حيث دعا إلى ارتداء الملابس المصنوعة في بوركينا فاسو لتشجيع إنتاج واستهلاك السلع المحلية.
وقال بوكانان، إن سانكارا روج لقضية "الحلول المحلية"، مضيفاً أنه "كان مثالاً للنزاهة ونكران الذات. رجل متواضع عاش حياة بسيطة".
وأكمل: "قادتنا الحاليون يحتاجون إلى تعلم الكثير من الأشياء من سانكارا".
** التعليم والرعاية الصحية
عندما تولى سانكارا السلطة، شرع في سياسات للتغلب على الوضع البائس لشعب بوركينا فاسو الذي كان يعاني من الأمراض والأمية.
نفذ حملة تطعيم واسعة النطاق عام 1984 لتحصين الأطفال ضد الحصبة، والتهاب السحايا، والحمى الصفراء، التي ساعدت على الحد من وفيات الرضع.
وفي مجال التعليم، أعطى الأولوية للتعليم في 1986 من خلال برنامج محو الأمية الوطني.
** اغتيال سانكارا
اغتيل سانكارا في انقلاب قاده بليز كومباوري، ذراعه الأيمن، في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 1987.
ولا يزال سانكارا رمزًا للمقاومة والأمل للأفارقة في جميع أنحاء القارة، إذ يعتبره الناس في بوركينا فاسو ودول إفريقية أخرى عامل تغيير يمثل الإنسانية الثورية.
ونُقل عنه قوله: "أريد أن يتذكرني الناس كشخص ساعدت حياته الإنسانية".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.