السياسة, دولي

أفغانستان وطالبان.. رحلة الحرب والسلام

تحولت حركة طالبان، التي برزت كقوة مؤثرة خلال فترة الحرب الأهلية الأفغانية عقب الغزو السوفيتي، إلى أكثر الجهات السياسية الفاعلة في البلاد على مدى السنوات الـ 25 الماضية.

02.03.2020 - محدث : 02.03.2020
أفغانستان وطالبان.. رحلة الحرب والسلام

Ankara

أنقرة/ أمره آيتكين/ الأناضول

- ظهرت طالبان في البيئة الأفغانية المضطربة عقب الحرب الأهلية، بهدف إنشاء "نظام إسلامي قائم على الفقه الحنفي" في أفغانستان.   

- اعترفت كل من باكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة فقط بالنظام الذي أنشأته طالبان في أفغانستان بين أعوام 1996 و2001.

- عندما تولت طالبان السلطة، اتبعت إجراءات صارمة في تطبيق "النظام الإسلامي"، وأظهرت مواقف متشككة تجاه منظمات الإغاثة الأجنبية

تحولت حركة طالبان، التي برزت كقوة مؤثرة خلال فترة الحرب الأهلية الأفغانية عقب الغزو السوفيتي، إلى أكثر الجهات السياسية الفاعلة في البلاد على مدى السنوات الـ 25 الماضية.

وبعد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان والذي دام 10 سنوات وانتهى بانسحاب القوات السوفييتية منها عام 1989، شهدت البلاد اندلاع حرب أهلية عام 1992 بين جماعات المجاهدين.

جرّت الحرب الأهلية الأفغانية البلاد التي خرجت لتوها من معارك كانت تستهدف القوات السوفيتية، إلى بيئة صراع وحالة من عدم الاستقرار.

عدم الاستقرار السياسي الذي شهدته البلاد، حال دون إنشاء مؤسسات للدولة، وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية للمواطنين.

ظهرت طالبان في هذه البيئة المضطربة بهدف إنشاء "نظام إسلامي قائم على الفقه الحنفي" في أفغانستان.

سمت المنظمة نفسها "طالبان"، والتي تعني "الطلبة"، لكونها تتكون من طلبة تلقوا تعليماً دينيًا في المناطق ذات الغالبية البشتونية شرقي وجنوبي البلاد.

والبشتون هم مجموعة عرقية تقطن بجنوب وشرق أفغانستان وبمناطق الشمال الغربي الحدودية والمناطق الفدرالية المدارة قبليا وإقليم بلوشستان بغرب باکستان.

أسس الملا محمد عمر حركة طالبان في سبتمبر/ أيلول 1994، مع 50 طالبًا من طلاب المدارس الدينية في ولاية قندهار جنوبي البلاد.

طالب الملا محمد عمر، الذي تلقى تعليمه في مدرسة "سنك حصار" في قرية "مايواند" شمال غربي قندهار وكان بين المجاهدين ضد الاحتلال السوفيتي.

إنشأ نظام قائم على "المبادئ الإسلامية" في البلاد بعد الإطاحة بالإدارة الشيوعية.

وصل عدد منتسبي الحركة، التي بدأت بـ 50 شخصًا، إلى 15 ألفًا بعد إقبال طلاب المدارس الدينية الأفغانية على الانتساب إليها.

** طالبان تسيطر على أفغانستان

سيطرت حركة طالبان على مركز ولاية قندهار في 3 أكتوبر/ تشرين اﻷول 1994 بهجوم مفاجئ، فيما أشارت بعض المزاعم إلى أن باكستان، المستضيفة للمدارس الدينية التي توفر الموارد البشرية (المقاتلين) للجماعة، كانت أهم داعم للمنظمة منذ بداية تأسيسها.

وبحلول مطلع عام 1995، حاصرت طالبان التي باتت تسيطر على 12 ولاية أفغانية العاصمة كابول، فيما صدت قوات الحكومة الأفغانية المؤقتة بقيادة وزير الدفاع أحمد شاه مسعود، أول محاولة للحركة للسيطرة على العاصمة.

ورغم الخسائر الفادحة التي تكبدتها الحركة، إلا أن طالبان عادت واستجمعت قواها لتشن في العام المقبل هجومًا جديدًا للسيطرة على العاصمة.

في 26 سبتمبر/ أيلول 1996، تراجعت قوات شاه مسعود إلى الشمال باتجاه جبال هندوكوش لتنظيم أنشطة المقاومة ضد طالبان، في ظل تقدم عناصر الحركة نحو كابول.

وفي اليوم التالي، أحكمت طالبان السيطرة على كابول وأنهت وجود الحكومة المؤقتة معلنة إنشاء دولتها الخاصة تحت اسم "إمارة أفغانستان الإسلامية". وفي هذه اللحظة بالتحديد، كانت أفغانستان غارقة في الفوضى وحالة عدم الاستقرار نتيجة الصراعات المسلحة المستمرة منذ قرابة 20 عامًا.

وبحلول عام 1998، تمكنت طالبان من السيطرة على 90 في المئة من الأراضي الأفغانية، في الوقت الذي لم تكن فيه البلاد تمتلك ما يكفي من الماء والكهرباء إضافة إلى تردي البنى التحتية وانهيار قطاعات الاتصالات السلكية واللاسلكية والنقل.

كانت البلاد تواجه معضلة حقيقية في تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين مثل المأوى والغذاء والدواء. فيما هزت سنوات الحرب الأهلية الطويلة، التي أدت لمقتل ما يقرب من مليون مدني وخلفت نحو 100 ألف أرملة، البنية الاجتماعية للبلاد والقائمة على أساس التضامن الأسري والقبلي.

وبسبب الصعوبات في الحصول على الرعاية الصحية الأولية، وصلت معدلات الوفيات بين الرضع إلى أعلى معدل في العالم، بنسبة 25 في المائة. فيما توفي طفل واحد من كل 4 أطفال مولودين في البلاد قبل أن يبلغ الخامسة من العمر.

واجه الشعب الأفغاني أزمات حقيقية خلال تلك المرحلة التي كان فيها بأمس الحاجة إلى مساعدات إنسانية مقدمة من قبل منظمات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أجنبية.

وعندما تولت طالبان السلطة، اتبعت إجراءات صارمة في تطبيق "النظام الإسلامي"، وأظهرت مواقف متشككة تجاه منظمات الإغاثة الأجنبية.

وفي صيف عام 1998، أغلقت طالبان مكاتب جميع منظمات المساعدات الإنسانية الأجنبية ووكالات الأمم المتحدة في البلاد، فيما اتهمت الأمم المتحدة طالبان بـ "منع إيصال المساعدات الغذائية إلى نحو 160 ألف مدني يتضورون جوعًا".

- تهم بدعم وتوفير ملاذ للإرهاب

اعترفت كل من باكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة فقط بالنظام الذي أنشأته طالبان في أفغانستان بين أعوام 1996 و2001.

خلال هذه الفترة، قامت طالبان بحماية الملياردير السعودي أسامة بن لادن، الذي نظم بعض المجاهدين الأجانب الذين قاتلوا ضد السوفيت في أفغانستان في الثمانينيات، ضمن شبكة إرهابية دولية تدعى "القاعدة".

وبينما كان بن لادن يخطط ويدير الأعمال الإرهابية الدولية للقاعدة في أفغانستان، كان في الوقت نفسه يقدم الدعم المالي لطالبان. وكان المقاتلون المرتبطون به يقاتلون أيضًا في صفوف طالبان، ويشاركون في معارك الحركة.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2000، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا برقم 1333 والذي يقضي بفرض عقوبات على نظام طالبان لسماحها باستخدام أفغانستان كقاعدة وملاذ آمن لتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن وجماعات أخرى.

- هجمات 11 سبتمبر/ أيلول والاحتلال الأمريكي

بعد الهجمات الإرهابية للقاعدة على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، يوم 11 سبتمبر/ أيلول 2001، بدأت الولايات المتحدة عملية احتلال أفغانستان عبر عملية أطلقت عليها اسم "عملية الحرية الباقية" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2001.

استولت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وأنصارها في أفغانستان تحت قيادة "تحالف الشمال" على الولايات الرئيسية واحدة تلو الأخرى.

انسحبت حركة طالبان من العاصمة كابول في نوفمبر/ تشرين الثاني، ومن قندهار التي تعتبر معقل الحركة مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2001، في الوقت الذي اضطر فيه زعماء طالبان والقاعدة إلى مغادرة البلاد.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2001، عقد الزعماء الأفغان لقاءً في ألمانيا، عرف باسم مؤتمر بون، بعد الإطاحة بنظام طالبان، حيث جرى انتخاب حامد كرزاي، الذي سينتخب لاحقًا رئيسًا للبلاد، لقيادة الحكومة المؤقتة الأفغانية.

- طالبان تظهر مرة أخرى على الساحة الأفغانية

أطلقت حركة طالبان، التي أعيد تنظيمها تحت قيادة الملا محمد عمر بعد الاحتلال الأمريكي، حرب عصابات ضد الحكومة المركزية الأفغانية والقوة الدولية لدعم الأمن (إيساف)، التي شكلت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 2003.

وبدأت الحركة بإقامة الحواجز الطيارة والكمائن والغارات الخاطفة في المناطق الريفية وشنت عمليات انتحارية في المدن، واستعادة السيطرة في مناطق معينة من البلاد منذ عام 2006.

وكان على قوات التحالف الدولية زيادة عدد الجنود في البلاد لمواجهة تزايد قوة ونفوذ حركة طالبان، ما أدى إلى وصول عدد القوات الدولية في البلاد إلى نحو 140 ألف جندي تحت قيادة القوة الدولية للمساعدة الأمنية، 100 ألف منهم كانوا جنودًا أمريكيين، وذلك ما بين 2009-2011.

وفي 23 أبريل/ نيسان 2013، سرت أنباء عن وفاة زعيم حركة طالبان الملا محمد عمر، على أثر اصابته بمرض السل في أحد مستشفيات مدينة كراتشي الباكستانية.

وأعلنت الولايات المتحدة في عام 2012 أنها ستنهي عملياتها العسكرية في أفغانستان اعتبارًا من ديسمبر/ كانون الأول 2014 لتبدأ في عملية سحب قواتها.

وفي 28 ديسمبر/ كانون الأول 2014، أوقف الناتو رسمياً عمليات القوة الدولية للمساعدة الأمنية ونقل جميع المسؤوليات الأمنية إلى الحكومة الأفغانية.

وفي نفس اليوم، جرى الإعلان عن أن عملية دعم الاستقرار، بقيادة الناتو، كانت استمرارًا لعملية الحرية الباقية، في حين أن قوات الحكومة الأفغانية لم تنجح في توفير الأمن، وفشلت خطة الانسحاب الأمريكية.

وفي هذه الأثناء، واصلت حركة طالبان شن عملياتها الإرهابية في أفغانستان، فيما أسفرت الاشتباكات الدائرة في البلاد عن سقوط المزيد من القتلى في صفوف المدنيين.

- محادثات السلام

حاولت الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لأول مرة، الدخول في مفاوضات بين طالبان والحكومات الأفغانية من أجل تحقيق السلام في البلاد.

فشلت المبادرات التي جرى إطلاقها أعوام 2011 و2012 و2013، فيما لم تتمخص المفاوضات التي جرى عقدها بتنسيق من باكستان ومشاركة الولايات المتحدة الأمريكية والصين عام 2016 عن نتائج ملموسة.

وبعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية عام 2017، دخلت المفاوضات بين حركة طالبان والحكومة المركزية في فصل جديد، واستؤنفت الجهود مرة أخرى لإنجاحها.

وأعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني، الذي تم انتخابه لدورة رئاسية ثانية، أنه مستعد للتفاوض مع طالبان اعتبارًا من مطلع عام 2018.

ووعد غني أيضًا بالاعتراف بطالبان كحزب سياسي شرعي وإطلاق سراح أعضاء الحركة المسجونين، فيما ردت طالبان برفض عرض غني، متذرعة أنها تريد التفاوض مع الولايات المتحدة بشكل مباشر من أجل إحلال السلام، وليس مع الحكومة الأفغانية.

وفي 25 فبراير/ شباط 2019 ، التقى ممثلو طالبان والولايات المتحدة لأول مرة، في إطار مفاوضات للسلام جرى تنظيمها في العاصمة القطرية الدوحة.

وبعد الانتهاء من الجولة الثامنة من المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان في 12 أغسطس/ آب 2019، ورد أن الأطراف قد اقتربت من تحقيق "اتفاق تاريخي".

وأعلن الممثل الخاص للرئيس الأمريكي في أفغانستان زلماي خليلزاد، أنه تم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين في سبتمبر/ كانون الأول 2019 وأن الاتفاقية تنتظر موافقة الرئيس ترامب.

ومع ذلك، قام ترامب بتأجيل التوقيع على الاتفاق، بعد مقتل جندي أمريكي في هجوم إرهابي وقع في كابول في نفس اليوم.

استؤنفت المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في ديسمبر/ كانون الأول 2019، وأسفرت عن وقف فعلي لإطلاق النار.

وفي نهاية فترة السبعة أيام التي بدأت في 22 فبراير/ شباط 2020، جرى التوقيع على اتفاقية سلام تبعث الأمل في وضع حدًا لعقود من الاقتتال في أفغانستان.

والسبت 29 فبراير/شباط جرت في العاصمة القطرية الدوحة، مراسم توقيع اتفاق بين الولايات المتحدة وحركة "طالبان"، يمهد إلى إحلال السلام وإنهاء الحرب في أفغانستان.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın