منير شفيق: 6 مؤشرات تدعم نجاح "الهبة الشعبية" في وجه الاحتلال الإسرائيلي
المفكر العربي البارز وهو عضو في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، متحدثاً مع الأناضول

Istanbul
يرى المفكر العربي البارز منير شفيق أن ما يحصل في الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من عشرة أشهر من مواجهات مع القوات الإسرائيلية أُطلق عليها محلياً "الهبة الشعبية"، يُمكن له أن يتحول إلى "عصيان مدني" يقود إلى الانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية بما فيها القدس "دون قيد أو شرط".
غير أن شفيق الذي كان يتحدث مع الأناضول في تونس قال إن أمام هذا الأمر عائقين أساسيين هما: التنسيق الأمني الجاري بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وعدم قناعة الفصائل الفلسطينية أنها قادرة على هزيمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
والتنسيق الأمني هو أحد مقتضيات اتفاق أوسلو للحكم الذاتي الفلسطيني الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في عام 1993، والذي تؤكد المنظمة أن إسرائيل لم تلتزم به.
وفي مارس/آذار 2015، أقر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقف العلاقات الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، وفي كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، قال الرئيس محمود عباس "ما دامت إسرائيل مصرة على عدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة والتي تحولنا إلى سلطة شكلية بدون سلطات حقيقية، وطالما أنها ترفض وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى فإنها لا تترك لنا خياراً، سوى التأكيد على أننا لن نبقى الوحيدين ملتزمين في تنفيذ تلك الإتفاقيات".
وأضاف الرئيس الفلسطيني" وعليه فإننا نعلن أنه لا يمكننا الإستمرار في الالتزام بهذه الاتفاقيات، وعلى إسرائيل أن تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال، لأن الوضع القائم لا يمكن استمراره، وقرارات المجلس المركزي الفلسطيني محددة وملزمة".
ستة مؤشرات تدفع المفكر العربي وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "منير شفيق" إلى التفاؤل بما تطرق إليه وخاصة الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 1967، وهي: أن الجيش الإسرائيلي الذي واجه انتفاضة الفلسطينيين "مهزوم" في أربعة حروب وقعت في لبنان عام 2006، ومن ثم قطاع غزة في 2008 و2012 و2014، وخرج منها "دون قيد أو شرط"، وبالتالي أصبحنا أمام "جيش ضعيف معنوياته منهارة".
وفي هذا الصدد يضيف "هذا الجيش غير قادر على احتلال قطاع غزة ولا جنوب لبنان وهذا ثبت في الحروب الأخيرة. ويجب ألا ننسى أن الجيش الإسرائيلي عندما تأسس في الخمسينيات انصب عليه الغرب بالسلاح، وهُيئ ليكون أقوى قوة في المنطقة ويصل إلى أية عاصمة عربية بسرعة الدبابة، و هو ما وقع في حرب 1967 حين احتل سيناء (شمال شرقي مصر) والجولان السورية والضفة الغربية بسرعة الدبابة، لكننا رأينا هزيمته في أربع مرات في جنوب لبنان وقطاع غزة، وبالتالي دخل الآن في مرحلة انحدار واضحة تماماً".
المؤشر الثاني الذي تحدث عنه شفيق هو أن "هذا الجيش وخلال 25 سنة يقوم بمهام قوة الشرطة وليس كجيش مقاتل، وهو ما يفسر جزءا من ضعفه وفقدانه لقدرته القتالية، فالعسكري ومنذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 يقوم بمهام الشرطي يلاحق الأطفال والشباب الذي يرشقونه بالحجارة، بل وأصبح يترقى من خلال مطارته لهؤلاء الناس وليس على أساس المناورات العسكرية والحروب الحقيقية".
أما الثالث، فتمثل برأيه في أن القيادة السياسية الحالية التي تقود إسرائيل والتي أصبحت "متخلفة ومترهلة" عن مستوى القيادة التي كانت في السابق والتي أسست إسرائيل، مستدلاً بوزير الدفاع أفيغدور ليبرمان الذي "لو نظرنا إلى سيرته نجده أنه عمل لمدة 15 سنة كحارس ملهى ليلي في روسيا قبل أن يصبح في هذا المنصب، وبالتالي فإن القيادة الحالية هي أقل مستوى وكثيرة الأخطاء ومتخبطة ومن السهل إنزال الهزيمة بها".
رابع مؤشرات التفاؤل لدى المفكر العربي يتعلق بـ"المجتمع الصهيوني نفسه والذي أصبح مفزوعاً وخائفاً، ويمكن أن نفهم ذلك انطلاقاً من عملية إطلاق النار التي نفذها الفلسطيني نشأت ملحم في يناير/كانون ثان الماضي بمدينة تل أبيب موقعاً قتيلين إسرائيليين، واستطاع أن يختفي لمدة أسبوع قبل أن يتم اكتشافه وقتله لاحقاً، وخلال هذه الفترة كانت المدن الإسرائيلية بما فيها العاصمة تعيش حالة من الذعر والخوف وحالة تشبه فرض حظر التجوال، وذلك على عكس ما كان يحصل خلال الانتفاضتين الأولى والثانية حيث كان المجتمع يعيش حياته الطبيعية مباشرة بعد ساعة أو ساعتين من حدوث أية عملية استشهادية، وأصبحنا نرى شاباً بسكين يلاحق الجندي المدجج بالسلاح".
بينما الخامس فيكمن في علاقة إسرائيل بالغرب التي "لم تعد كما كانت في السابق، وخاصة عدم قدرتها على تقديم الخدمات المطلوبة منها وهي الهيمنة على والسيطرة على المنطقة، لكنها أصبحت اليوم عبئاً على الدول الغربية، فضلاً عن عدم التوافق بين الطرفين، وهذا كان واضحاً أكثر من مرة في الفترة الأخيرة بين تل أبيب وواشنطن، وكذلك باريس، لكن هذا لا يعني أن الغرب استغنى عن إسرائيل
سادساً، يقتنع المفكر منير شفيق بأن الرأي العام العالمي "لم يعد كما كان في السابق مع الكيان الصهيوني، فخلال الحربين اللتين شنتهما إسرائيل على قطاع غزة عامي 2012 (أسفرت عن مقتل 175 فلسطينياً، وإصابة 1222 آخرين)، و2014 (أسفرت عن مقتل 2322 فلسطينياً، بينهم 578 طفلاً، وإصابة أكثر من 11 ألفاً آخرين)، كان هناك تعاطفاً لدى الرأي العام الغربي مع الفلسطينيين، وإذا لم يكن تعاطف لمصلحة الطرف الأخير فهو لم يعد لصالح تل أبيب كما في السابق، وهذا ما أثبته استطلاع للرأي أُجرى عام 2003 وأظهر أن 59٪ من الرأي العام الأوروبي يعتبر إسرائيل أخطر دولة على السلم في العالم".
وعن رأيه في مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية المتعثرة، قال "شفيق" إنه "لم يعد لها أي مبرر" فتحت مظلتها استفحل الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وتضاعف عدد المستوطنين من 100 ألف قبل اتفاق أوسلو إلى 750 ألف في الضفة، فضلاً عن محاولات ابتلاع المزيد من الأراضي، وتهويد القدس والمسجد الأقصى من خلال تقسيم أوقات الصلاة فيه، وهو ما أشعل الانتفاضة الأخيرة التي نراها اليوم".
"كل المؤشرات تفيد بأن التسوية طريقها الفشل، رغم أن الرئيس الفلسطيني محمد عباس يكابر ويعاند في الأمر"، هكذا يرى المفكر المولود في مدينة القدس.
وشهدت الضفة الغربية والقدس، منذ مطلع أكتوبر/تشرين أول الماضي توتراً أمنياً، بسبب إصرار مستوطنين على اقتحام ساحات الأقصى بشكل يومي، أدت إلى وقوع مواجهات وعمليات أسفرت عن مقتل أكثر من 220 فلسطينياً واعتقال المئات حتى مطلع الشهر الجاري، وهو ما أُطلق عليه محلياً "الهبة الشعبية"، وتخللها عمليات طعن نفذها فلسطينيون غاضبون، واتهامات لجنود إسرائيليين بتنفيذ عمليات قتل عشوائية، وبدم بارد لفلسطينيين بإدعاء محاولتهم تنفيذ عمليات طعن.
وكانت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية توقفت في أبريل/نيسان 2014 بعد رفض إسرائيل وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وقبول مفاوضات على أساس قيام دولة فلسطينية على حدود 1967، والإفراج عن معتقلين أمضوا سنوات طويلة في سجونها.
ويتفق المجتمع الدولي، بما فيه الدول العربية والغربية، على رفض الاستيطان، باعتباره عقبة في طريق تنفيذ حل الدولتين، القاضي بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.
وولد منير شفيق عام ١٩٣٤ في مدينة القدس، وكان يسارياً ثم بدأ يهتم بالفكر الإسلامي.
ومن بين مؤلفاته: "الماركسية اللينينية ونظرية الحزب الثوري في علم الحرب"، و"الإسلام في معركة الحضارة"، و"الإسلام وتحديات الانحطاط المعاصر"، بالإضافة إلى ردود على طروحات علمانية بينها "بين النهوض والسقوط"، و" قضايا التنمية والاستقلال"، و"النظام الدولي الجديد وخيار المواجهة".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.