
Gazze
غزة/ رمزي محمود/ الأناضول
- منذ الأول من مارس الماضي أغلقت إسرائيل جميع المعابر مع القطاع ومنعت دخول المساعدات الغذائية والطبية- بلغ سعر كيلوغرام الطحين نحو 60 دولارا فيما بلغ سعر الأرز 30 دولارا
تتصاعد فصول المأساة بقطاع غزة مع تفاقم المجاعة وغياب الغذاء، حيث يروي مشهد في سوق "النصر" غرب مدينة غزة وجعاً جماعياً اختصرته صرخة أبٍ فلسطيني يبحث عبثاً عن الطحين لإطعام طفله الجائع وسط الإبادة الجماعية التي يواصلها الجيش الإسرائيلي.
في مقطع مصور تداوله الفلسطينيون على نطاق واسع، أطلق الشاب محمود كردية، نداء يائسا، ناشد فيه العالم إنقاذ ابنه الصغير، الذي أنهكه الجوع في ظل الحصار الإسرائيلي القاتل وشح المواد الغذائية.
صرخة كردية، لم تكن حالة فردية، بل صورة مصغرة عن معاناة عشرات آلاف العائلات الفلسطينية بغزة، ممن باتوا عاجزين عن تأمين لقمة العيش، وسط أرقام مفزعة لضحايا المجاعة التي تضرب القطاع.
وقال كردية بحرقة: "ابني طلب مني رغيف خبز، فخرجت إلى السوق.. ساعات وأنا أبحث عن الطحين فلم أجده، لا أطلب مساعدة، أريد شراء الطحين فقط فلا أجده".
وصرخ: "طفلي يبكي من الجوع في البيت.. هذه مهزلة، نريد طحيناً، نريد أن نأكل.. حسبنا الله ونعم الوكيل".
وطالب الشاب الثلاثيني، العالم بوقف الحرب فوراً، والعمل على فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل.
في مشهد آخر لا يقل قسوة، سقط المسن نافذ خليل، مغشياً عليه من شدة الجوع والإعياء في سوق "أبو إسكندر" بحي الشيخ رضوان في مدينة غزة، وهو يبحث عن طعام لأبنائه.
وقال خليل لمراسل الأناضول إنه، وأطفاله، لم يذوقوا طعم الخبز منذ خمسة أيام حين نفدت آخر كمية من الطحين في خيمتهم بمدينة غزة.
وأضاف الرجل الستيني، وملامح الضعف تعتري وجهه الشاحب: "استشهد اثنان من أبنائي، وأُسر الثالث، وأنا أعيل بقية أبنائي وأحفادي، وأعاني من عدة أمراض، ولا أجد ما أصبرهم به بعدما وصل بنا الحال لما نحن عليه".
وتابع: "حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن تركنا نجوّع ونقتل يومياً، ولم يحرك ساكناً من أمة المليار مسلم"، على حد قوله.
وتشهد غزة مجاعة غير مسبوقة بفعل سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل ضمن حرب الإبادة الجماعية المستمرة، ما أدى إلى أوضاع إنسانية كارثية في مختلف مناحي الحياة، وسط تحذيرات من انهيار صحي شامل.
ومنذ الأول من مارس/آذار الماضي، أغلقت إسرائيل جميع المعابر مع القطاع، ومنعت دخول المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب بارتفاع جنوني في أسعار المواد التموينية الأساسية المتوفرة، وشحها في الأسواق.
ومع تزايد معدلات الفقر والبطالة وانعدام فرص العمل، يعجز الفلسطينيون في غزة عن توفير قوت يومهم، ويكتفي كثيرون بوجبة طعام واحدة لا تسدّ رمقهم طوال اليوم، ما أدى إلى ظهور علامات الهزال والضعف على أجساد السكان، خصوصاً الأطفال والنساء وكبار السن، فيما تسجل يومياً حالات إغماء بسبب الجوع.
وتزامن ذلك مع مواصلة إسرائيل استهداف مصادر الغذاء بغزة من تكايا توزيع الطعام المجاني، والعاملين في هذا المجال، فضلا عن استهداف الفلسطينيين قرب مراكز المساعدات الأمريكية الشحيحة فيما تقول جهات حكومية وأممية إنها تحولت إلى "مصائد" لقتل المدنيين المجوعين.
وبحسب مصادر محلية، بلغ سعر كيلوغرام الطحين إذا توفر أكثر من 200 شيكل (نحو 60 دولارا)، فيما تجاوز سعر الأرز 100 شيكل (30 دولارا)، مقارنة بنصف دولار واثنين فقط على التوالي قبل الحرب.
وأعلنت وزارة الصحة بغزة، الجمعة، أن "أعدادا غير مسبوقة من المواطنين المجوعين تصل إلى أقسام الطوارئ بحالة إعياء شديد"، محذرة من أن "مئات منهم معرضون للموت نتيجة الجوع".
وفي مستشفى شهداء الأقصى، توفيت الرضيعة سناء اللحام (عام ونصف) متأثرة بسوء التغذية، لترتفع حصيلة وفيات الأطفال جراء الجوع إلى 69 طفلا، فيما بلغ إجمالي الوفيات المرتبطة بنقص الغذاء والدواء 620 حالة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي.
وكشف المكتب أن نحو 650 ألف طفل في غزة معرضون لخطر الموت بسبب الجوع، فيما تواجه 60 ألف سيدة حامل خطر انعدام الرعاية الغذائية والطبية.
وذكر البيان، أن السلطات الإسرائيلية تفرض إغلاقاً تاماً على جميع المعابر مع قطاع غزة منذ 139 يوما، منعت خلالها دخول 76 ألفاً و450 شاحنة مساعدات إنسانية ووقود.
وفي 27 مايو/ أيار الفائت، اعتمدت تل أبيب وواشنطن خطة لتوزيع مساعدات محدودة بعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وفاقمت هذه الآلية معاناة الفلسطينيين في غزة، حيث يطلق الجيش الإسرائيلي النار على المصطفين لتلقي المساعدات ويجبرهم على المفاضلة بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص.
كما تسببت في مقتل 877 فلسطينيا وإصابة 5 آلاف و666 آخرين منذ 27 مايو/أيار الماضي، وفق بيان لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، الخميس.
في المقابل، قالت حركة حماس، إن المجاعة في غزة بلغت "مستويات خطيرة"، متهمة إسرائيل باستخدام الجوع كأحد "أدوات الإبادة" ومطالبة بتحرك عربي وإسلامي عاجل لكسر الحصار.
وأضافت في بيان: "إسرائيل ترتكب أبشع الجرائم بحق الأطفال والمدنيين، في ظل صمت دولي مريب وتجاهل المؤسسات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن".
وعبر وسم "#غزة_تموت_جوعاً"، شكا آلاف الفلسطينيين عبر منصات التواصل من نفاد المواد الغذائية، وعدم قدرتهم على توفير الحد الأدنى من الطعام لأطفالهم.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 198 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.