قس فلسطيني: عيد الميلاد هذا العام رسالة صمود رغم محاولات الاقتلاع
راعي الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في بيت لحم وبيت ساحور: - الاحتفال بعيد الميلاد سيستمر بمسؤولية ووعي، مع التذكير بغزة وإرسال رسالة تضامن مع أهلها وشهدائها
Ramallah
بيت لحم/قيس أبو سمرة/الأناضول
راعي الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في بيت لحم وبيت ساحور:- الاحتفال بعيد الميلاد سيستمر بمسؤولية ووعي، مع التذكير بغزة وإرسال رسالة تضامن مع أهلها وشهدائها
- سنحتفل بما يستحق الحياة وسنقول من هذه الأرض ما يليق بها ومن بيت لحم ستخرج رسالة السلام لكل العالم
- إذا كان هناك رسالة ستخرج من فلسطين هذا العام، فهي رسالة إصرار على الحياة
- الاحتفال المكتوم هذا العام في غزة هو تأكيد على قدرة الفلسطينيين على الصمود والنهوض رغم كل الظروف
قال القس منذر إسحاق، إن عيد الميلاد في مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، هذا العام يحمل رسالة صمود وحياة وأمل من قلب فلسطين، "بأننا مازلنا في أرضنا رغم محاولات الاقتلاع".
وفي مقابلة مع الأناضول، شدد القس إسحاق، راعي الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في بيت لحم وبيت ساحور، على أنه "رغم كل الصعاب، نحن مصرون على الحياة".
**عودة الاحتفالات
وأضاف: "بعد عامين من انقطاع الاحتفالات في أرض الميلاد، ومن بيت لحم، قررنا هذا العام أن نرسل رسالة حياة إلى كل العالم، رسالة رجاء وأمل، تقول إننا ما زلنا موجودين في أرضنا رغم كل التحديات ومحاولات الاقتلاع".
ويحج المسيحيون من كافة أرجاء العالم إلى بيت لحم، أواخر ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، احتفالا بعيد الميلاد، ويزورون كنيسة المهد، ويحرصون على اقتناء التحف المصنوعة من شجر الزيتون.
وتحتفل الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الغربي بعيد الميلاد منتصف ليل 24–25 ديسمبر/ كانون الأول، فيما تحتفل الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي في 7 يناير/ كانون الثاني.
وخلال الأسابيع الأخيرة شهدت بيت لحم مؤشرات على عودة تدريجية للحركة السياحية مع اقتراب أعياد الميلاد، بعد عامين من الحرب الإسرائيلية التي أغلقت معظم الفنادق وأحدثت ركودًا واسعًا في القطاعات المرتبطة بالسياحة.
**تصعيد وحصار
ومنذ عامين، تشهد الضفة الغربية والقدس تصعيدا إسرائيليا واسعا، تزامنا مع حرب الإبادة على قطاع غزة التي بدأت في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ما أدى إلى توقف شبه كامل للحركة السياحية.
وشمل التصعيد الإسرائيلي إجراءات بينها توسع الاستيطان وتزايد هجمات المستوطنين في إطار ضغوط للتهجير القسري للفلسطينيين، لكنها قابلت بمزيد من الصمود والتمسك بالأرض.
وخلال العامين الماضيين قتلت إسرائيل في غزة أكثر من 70 ألف فلسطيني وأصابت نحو 171 ألفا، فيما قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون بالضفة الغربية ما يزيد على 1085 فلسطينيا، وأصابوا قرابة 11 ألفا، إلى جانب اعتقال ما يفوق 21 ألفا.
**جوهر الميلاد
وأشار القس إسحاق إلى أنه "بدون مسيحية فلسطين، الميلاد لا معنى له، وبدون أن تخرج الرسالة من بيت لحم أولًا لكل العالم، فإن الميلاد في أي مكان آخر يصبح مجرد طقس بلا روح".
وأضاف أن "الفلسطينيين يشعرون اليوم بأنهم مستهدفون، وأن هناك محاولات للمساس بالهوية المسيحية الفلسطينية"، لكنه أكد أن الاحتفال "سيستمر بمسؤولية ووعي، مع التذكير بغزة وإرسال رسالة تضامن مع أهلها وشهدائها".
وتابع: "سنحتفل بما يستحق الحياة، وسنقول من هذه الأرض ما يليق بها، ومن بيت لحم ستخرج رسالة السلام إلى كل العالم".
**إصرار وسط الألم
ومضى في حديثه: "قبل ألفي عام، الملائكة رنمت في سماء بيت لحم: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة،.. واليوم، رغم الإبادة والدمار، نقول نحن شعب يريد السلام ويؤمن به".
وفي الوقت ذاته، أوضح القس الفلسطيني أن "الاحتفالات هذا العام ليست كما كل عام، نعم سنحتفل، لكن ليس كما قبل الحرب".
وأكمل: "إذا كان هناك رسالة ستخرج من فلسطين هذا العام، فهي رسالة إصرار على الحياة، رسالة أننا ما زلنا باقين في أرضنا، صامدين رغم كل محاولات الاقتلاع، ما زال هناك شعب يحتفل ويؤمن برسالة السيد المسيح، رسالة المحبة والرجاء للبشرية".
**ميلاد مؤلم
وحول أوضاع المسيحيين في قطاع غزة، وصف القس الفلسطيني ذكرى الميلاد هذا العام بأنها "أليمة، مع فقدان العديدين أحفادهم نتيجة الحرب، سواء بشكل مباشر جراء القصف والاستهداف، أو بشكل غير مباشر نتيجة شح الموارد وانعدام المستشفيات والأدوية".
وقال: "حتى المستشفى الأهلي (المستشفى المعمداني بمدينة غزة) الذي تشرف عليه الكنيسة الأسقفية تعرض عدة مرات للاستهداف، ومع ذلك، أهلنا في غزة يقولون سنصلي من أجل السلام من قلب الموت والألم والدمار، صمود نحو 500 أو 600 مسيحي فلسطيني فقط في غزة هو رسالة لكل العالم بأننا ما زلنا موجودين".
وأضاف "أهل غزة ضاقوا بما فيه من عذاب، لكن اليوم نرسل لهم رسالة محبة وتضامن، نأمل أن يتوقف الموت والقصف في الأسابيع المقبلة، كما صمد الطفل يسوع قبل ألفي عام في بيت لحم، نثق أننا سننهض من الركام".
وتستمر إسرائيل في خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين حركة "حماس" وإسرائيل بوساطة مصر وقطر وتركيا، ورعاية الولايات المتحدة ودخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر لماضي.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، خرق الجيش الإسرائيلي الاتفاق 591 مرة وقتل خلالها 357 فلسطينيا وأصاب 903 آخرين حتى الأحد الماضي.
**احتفال مكتوم
وقال القس إسحاق إن "الاحتفال المكتوم هذا العام في غزة هو تأكيد على قدرة الفلسطينيين على الصمود والنهوض رغم كل الظروف".
إسحاق تطرق إلى العدالة وحقوق الفلسطينيين، قائلاً "نريد عدلا حقيقيا، نريد محاسبة مجرمي الحرب، ونريد أن تنتهي ليس فقط حرب الإبادة، بل الاحتلال ونظام الفصل العنصري".
وأضاف: "أتى الوقت لكي نعيش بكرامة على أرضنا، ونحصل على حقوقنا مثل باقي البشر. ليس هذا كثيرًا".
وشدد على أن "الحفاظ على الوجود المسيحي الفلسطيني هو جزء أساسي من رسالة الإنجيل وضرورة لبقاء بيت لحم عاصمة الميلاد".
وقال: "يجب أن نحافظ على وجود المسيحيين الفلسطينيين في هذه الأرض، فهو أكبر شهادة على رسالة الإنجيل التي خرجت من هذه الأرض".
**العدل والسلام
وأردف: "بيت لحم يجب أن تبقى عاصمة الميلاد، ليس فقط لوجود كنيسة المهد، بل لوجود شعب مسيحي فلسطيني ينقل رسالة السلام والإنجيل للعالم".
وحول السلام المستدام، شدد القس إسحاق على أن أي حل "لن يكون مستدامًا دون عدالة حقيقية".
ووفق القس الفلسطيني، فإن "السلام لا يأتي بالإملاء أو بالقوة، والشعب الفلسطيني بعد سنوات طويلة من المعاناة والمقاومة لن يقبل بأقل من حقوقه المشروعة".
وبين أن "الطريق إلى السلام واضح: إنهاء الفصل العنصري، إنهاء الاحتلال، ثم تحقيق العدل، مع محاسبة مجرمي الحرب وتعويض كل من خسر في هذه الحرب".
وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت؛ إثر ارتكابهما جرائم حرب وضد الإنسانية في حق الفلسطينيين بغزة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، رفضت المحكمة الجنائية الدولية للمرة الثانية استئنافا تقدمت به إسرائيل ضد مذكرتي الاعتقال الصادرتين بحق نتنياهو وغالانت.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
