"صقل السكاكين" بالجنوب التونسي .. منافع أخرى لأضاحي العيد
المهنة الموسمية التي ينتهي عمرها مع عيد الأضحى.

Tunisia
مع بدايات العشر الأوائل من ذي الحجة من كل عام، يترك التونسي، سمير مفتاحي، مهنته الأصلية المتمثلة في إصلاح الآلات الكهربائية، ويتخذ من صقل (تلميع وسنّ) السكاكين، عملا مؤقتا له، في ظل إقبال أبناء حيّه عليها لاستخدامها في ذبح الأضاحي.
فعلي قارعة الطريق الرئيس لمدينة "مدنين" بالجنوب التونسي، وفي طرق أخرى، ينتشر أغلب "الحدادين"، حيث يقف كل منهم خلف آلة بسيطة يطلق عليها اسم "المسن" وهي أساس تلك المهنة الموسمية التي ينتهي عمرها مع عيد الأضحى.
و"المسن" يصنع من حجارة خاصة تجلب من مدينة "توجان" التابعة لمحافظة "قابس"، جنوبي البلاد، ليتم ثقبها فيما بعد وإضافة محمل لها لتسهيل عمليّة السن.
ويقول مفتاحي (45 سنة) للأناضول "عملنا موسمي بالأساس، ويبدأ 8 أيام قبل موعد عيد الأضحى لينتهي ليلة العيد".
ويوضّح مفتاحي "تتمثل عملية صقل السكاكين في تمريره على الحجارة التي تكون في حالة دوران لمدة تقارب الـ 3 دقائق، حتى يقع تنظيف الآلة الحادة من السواد والشوائب التي تُغطيها، ومن ثمّ صقلها بطريقة جيدة، وعلى إثر ذلك يوضع السكين مباشرة في وعاء يحتوي على الجير لكي يبقى ساخنا وحادا".
وتعود هذه المهنة بالربح الكثير على "مفتاحي"، حيث يكسب في اليوم الواحد بين 150 إلى 200 دينار تونسي (بين 75 و 100 دولار)، على حد قوله.
ويصل ثمن صقل السكين الواحد بين الدينار إلى الدينار ونصف (0.5 دولار و0.7 دولار)، وبإمكان العامل أن يصقل في اليوم الواحد ما بين 150 إلى 200 سكينا بمختلف أحجامهم، بحسب مفتاحي.
ولا ينكر الرجل، أن هذه المهنة وعلى الرغم من كونها تكسبه ربحا ماليا كبيرا مقارنة بأعمال أخرى، إلا أنها تحمل مخاطر كبيرة، "ففي أكثر من مرة تعرضت لإصابات خطيرة لكثرة تعاملي مع الآلات والأدوات الحادة".
وتتوارث أجيال عديدة في مدينة "مدنين" هذه المهنة، ففي كل حي تجد حدادا يقصده أهالي تلك المنطقة لإعداد لوازم ومعدات الذبح.
"خيرية" سيدة تونسية، التقتها الأناضول، وهي بصدد صقل سكاكينها لدى سمير مفتاحي، وقالت "في كل حي يوجد شخص يمتهن هذا العمل (..) وهنا في المنطقة التي أقطنها اعتدنا مثل كل سنة أن نجلب أواني الذبح إلى سمير".
أما وسط المدينة، فتوجد سوق بأكملها تعرف بـ"سوق الحدادة"، وفيها الكثير ممن يعملون في هذا المجال، ويقتاتون به لتحسين مردودهم وكسب البعض من المال ولو في مناسبة سنويّة.
البشير بوشنيبة، وهو حداد أيضا، يقول "عرفت عائلتنا واشتهرت في المدينة بهذه المهنة (..) فالكل هنا يعرف عائلة الشنايبة، وجميعهم يغيّرون من أعمالهم أياما قبل العيد، لامتهان هذا العمل ومن ثمة يعودون إلى سالف عهدهم".
وبحسب بوشنيبة، "فإن الإقبال على صقل السكاكين بالطريقة التقليدية التي تعتمد حجارة المسن كان أكبر في السابق، فاليوم ومع وجود الآلات العصرية المخصصة لتقوية السكاكين والأدوات الحديديّة أصبح هناك عزوف عليها"، مستدركاً "رغم أن الجميع يعي جيدا بأن الطريقة التقليدية تبقى الأكثر نجاعة".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.