خليفة الغويل: حكومتنا عادت بعد فشل اتفاق الصخيرات.. والحل في حوار ليبي ليبي (مقابلة)
رئيس حكومة الإنقاذ يرفض التعامل مع حكومة السراج ولا يستبعد تنسيقا جزئيا مع حكومة الثني ويعتزم الإعلان عن حل "واقعي" للأزمة الليبية
Libyan
في 5 أبريل/نيسان الماضي، أعلنت حكومة "الإنقاذ الوطني" في العاصمة الليبية طرابلس، برئاسة خليفة الغويل، مغادرة السلطة، وإفساح المجال لحكومة "الوفاق الوطني"، برئاسة فايز السراج، كي تتسلم الحكم بعد أقل من أسبوع من دخولها البلد، موضحة أن قرارها جاء لـ"حقن الدماء وسلامة الوطن من الانقسام"، ومشددة على أنها "تتبرأ أمام الله والشعب من أي مسؤولية أو تطورات قد تحدث مستقبلا".
وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن الغويل عودة حكومته لمباشرة أعمالها، بعد نحو 6 أشهر من مغادرة السلطة؛ الأمر الذي عده البعض تناقضا مع موققها السابق، لكن الغويل اعتبر، في مقابلة مع وكالة الأناضول، أن عودة حكومته لا تتناقض مع موقفها السابق؛ فهي انسحبت من الحكم لحماية الوطن من الانقسام، لكن "ازدادت الانقسامات بالفعل منذ دخول حكومة السراج العاصمة"؛ لأنها "ببساطة تفتقد إلى الشرعية"؛ في إشارة إلى عملها بدون موافقة مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق (شرق)، بحسب ما يشترط اتفاق الصخيرات، المبرم في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015.
الغويل أرجع أيضا عودة حكومته للمشهد إلى "فشل مشروع الصخيرات" في الإيفاء بأي من تعهداته؛ إذ "صار التدخل الأجنبي في ليبيا جهارا نهارا"، في إشارة إلى تنفيذ قوات دول، بينها الولايات المتحدة الأمريكية، عمليات عسكرية في ليبيا، بينما ينص أحد بنود اتفاق الصخيرات على "الالتزام بحماية وحدة ليبيا الوطنية والترابية وسيادتها واستقلالها، وسيطرتها التامة على حدودها الدولية، ورفض أي تدخل أجنبي في الشئون الداخلية الليبية".
وجدد التأكيد على رفضه لـ"اتفاق الصخيرات"، التي رعته منظمة الأمم المتحدة، معتبرا أن حل أزمات البلد مرهون بـ"حوار ليبي ليبي"، وأن ما وصفه بـ"الألاعيب التي تقوم بها البعثة الأممية في ليبيا لا تكرس إلا الانقسام والتشتت".
وأقر رئيس حكومة الإنقاذ بأن التفاعل الدولي تجاه حكومته "محدود"، لكن وصفه "بالمتصاعد"، مضيفا أن دولا (لم يسمها) "تدعم أحزاب بعينها تخدم أجندتها في ليبيا".
وأعلن الغويل، خلال المقابلة، رفضه التعامل مع حكومة "الوفاق الوطني"، دون أن يستبعد إمكانية تنسيق الجهود مع بعض الوزارات الخدمية في الحكومة المؤقتة، برئاسة عبدالله الثني، والمنبثقة عن مجلس النواب في طبرق، من أجل "التخفيف عن المواطن الذي تضرر بسبب الانقسام الإداري".
وعقب سقوط نظام معمر القذافي في 2011 إثر ثورة شعبية، دخلت ليبيا مرحلة انقسام سياسي تمخض عنها وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين متنافسين في طرابلس غربا، ومدينتي طبرق والبيضاء شرقا.
وضمن مساعٍ أممية لإنهاء الانقسام عبر حوار ليبي، جرى التوصل إلى اتفاق في مدينة "الصخيرات" المغربية انبثقت عنه ثلاث مؤسسات، وهي: "مجلس رئاسي" يقوده فايز السراج، وهو مُكلف بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وبرلمان يتمثل في مجلس النواب بمدينة طبرق، ومن مهامه المصادقة على الحكومة التي يشكلها المجلس الرئاسي، وأخيراً "المجلس الأعلى للدولة"، الذي يضم 145 عضواً من "المؤتمر الوطني العام"، ويُعتبر أعلى مجلس استشاري للدولة، ورأية ملزم في مشاريع القوانين قبل إحالتها إلى مجلس النواب.
ورغم أن بدء عمل "حكومة الوفاق" يتطلب قانونا، بحسب اتفاق الصخيرات، الحصول على موافقة مجلس النواب على التشكيلة الحكومية التي يقدمها السراج، إلا أن أعضاء المجلس الرئاسي بدأوا في الوصول إلى طرابلس يوم 30 مارس/آذار الماضي قادمين من تونس، وباشروا آنذاك في استلام المقار الحكومية، ولاحقا أخفق المجلس الرئاسي في الحصول على ثقة مجلس النواب على أكثر من تشكيلة حكومية؛ حيث يتبنى قطاع من النواب موققا رافضا لاتفاق الصخيرات.
وفيما يلي نص المقابلة مع رئيس حكومة الإنقاذ الليبية:
* ما سبب عودتكم إلى ممارسة مهامكم التنفيذية كرئيس لحكومة الإنقاذ بعد أن أفسحتم المجال لفترة أمام حكومة الوفاق لممارسة مهامها؟
** نحن آثرنا تحكيم العقل، وأتحنا الفرصة لحكومة الوفاق للعمل دون أي عرقلة عندما اقتحمت مقرات الدولة (استلام المقرات الحكومية) دون غطاء قانوني (دون الحصول على موافقة مجلس النواب في طبرق)، إلا أن الفوضى الأمنية انتشرت في طرابلس، خاصة حالات الخطف لدوافع سياسية ومالية، ناهيك عن تدهور قيمة الدينار الليبي لأكثر من الضعف، وانعدام تام للسيولة في المصارف.
كما أنه لا يخفى على متابع فشل مشروع الصخيرات في الإيفاء بأي من تعهداته؛ إذ صار التدخل الأجنبي جهارا نهارا لدعم مليشيات (المشير خليفة) حفتر الانقلابية (قائد القوات المولية لمجلس النواب المنعقد في طبرق)، في حين يراقب الجميع، وخاصة المحسوبين على تيار الثورة، بكثير من القلق وعدم الرضا عن موقف المجلس الرئاسي المنحاز لطرف ضد آخر.
الليبيون اليوم باتوا قلقين للغاية من خضوع الأصول الليبية لعملية نهب تعد الأكبر في تاريخ البلاد (هناك حديث يدور في الأوساط السياسية الليبية يرى أن أزمة السيولة في البلد متعمدة من قبل الغرب لفرض حل سياسي على الليبيين)، كما أن المجلس الرئاسي يسعى للاستحواذ على أموال الشركات العامة (في إشارة إلى انتقادات توجهها أطراف سياسية للمجلس الرئاسي بشأن سعية للتصرف في أموال الشركات الوطنية مثل الكهرباء بشكل مباشر خلافا للمتفق عليه بأن أموال هذه الشركات تديرها الحكومة عبر مجالس إداراتها).
ونحن واثقون أن ما قامت به حكومة الصخيرات (الوفاق الوطني) هو تعد على القانون وعمل غير شرعي، وأن القضاء سيلاحق المعتدين على أموال وممتلكات الشعب الليبي.
* إلى أي درجة تتفاعل معكم الإدارات والمؤسسات الحكومية الليبية منذ عودتكم لممارسة مهامكم؟
** هناك تفاعل إيجابي؛ فكثير من المؤسسات تتواصل معنا، حيث يعلمون جيدا أن التعامل مع حكومة الوفاق غير شرعي، إلا أنه من المعروف أن حكومة السراج استخدمت عدد من المليشيات الخارجة عن القانون للسيطرة على المقرات، ونحن لا نريد استخدام القوة تجاههم حفظا للدماء.
* وهل هناك تفاعل دولي معكم ؟
** التفاعل الدولي محدود لكنه متصاعد. هناك بعض الدول (لم يسمها) تدعم أحزابا بعينها بما يخدم أجندتها في ليبيا.
* ألا ترون أن عودة حكومتكم تؤدي إلى مزيد من الانقسامات وخاصة في المؤسسات الحكومية العاملة في الغرب الليبي ولا تدري مع أي حكومة يجب أن تتفاعل ؟
** هذا كلام غير صحيح، فالانقسامات زادت منذ تدخل بعثة الأمم المتحدة في الملف الليبي، أما في المنطقة الشرقية، فالكل يعلم أن السراج مرفوض، وقد زادت الانقسامات بالفعل منذ دخول حكومة السراج العاصمة.
* إذن أنتم لا تخشون أن تؤدي عودة حكومة الإنقاذ إلى زيادة الانقسام في العاصمة وفي الغرب الليبي عامة ؟
** كما أسلفت.. الانقسام تضاعف منذ دخول حكومة السراج طرابلس؛ لأنها ببساطة تفتقد للشرعية، ما أدى فعلا إلى مزيد من الانقسام.
لا يمكننا أن نفرض على الموظفين والمسؤولين تمكين أطراف غير مخولة بالتصرف في أملاك الشعب الليبي، ومحكمة طرابلس قضت، قبل أسبوعين، ببطلان قرار ما يعرف بالمجلس الرئاسي بتعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة الكهرباء باعتباره (المجلس) ليس ذي صفة بحسب المحكمة؛ أي أنها ترى أن المجلس الرئاسي غير شرعي وغير دستوري، فكيف إذن يمكن فرض هذا الواقع، وهو يهدم مؤسسة القضاء، وللأسف بدعم دولي ؟!.
* وهل عودة حكومتكم تعني عودة المؤتمر الوطني العام.. وبأي صلاحيات؟
** "المؤتمر الوطني" (أول سلطة تشريعية في ليبيا عقب ثورة 17 فبراير/شباط 2011 وجرى انتخابه في 7 يوليو/تموز 2012) هو المؤسسة الشرعية حسب حكم المحكمة. لا شك أن الانقلاب، الذي ساهم فيه حزب العدالة والبناء (إسلامي)، نحو ما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة (مجلس استشاري منبثق عن اتفاق الصخيرات) قد أوجد جسما غير شرعيا، وقد عبر عن مدى تشبث هذه الأطراف بالمناصب والميزات وهو ما عقد المشهد الذي نراه اليوم.
(في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 قضت الدائرة الدستورية في المحكمة العليا في طرابلس بعدم دستورية الانتخابات، التي جرت في 25 يونيو/حزيران من العام ذاته، والتي انبثق عنها مجلس النواب في طبرق، وهو الحكم الذي ترتب عليه وقتها عودة المؤتمر الوطني لممارسة مهامه)
* الآن.. المشهد منقسم الى 3 حكومات.. فهل لديكم طرح لتوحيد هذه الحكومات؟
** حكومة السراج هي حكومة من ورق لا وجود لها إلا في أروقة الدول الغربية.. خطابها خطاب عدواني تجاه حكومة الإنقاذ؛ إذ دائما ما تدعو إلى المواجهة باستخدام القوة، ولكن الحمد لله نجح العلماء في إخماد فتيل حرب في طرابلس كان يحشد لها السراج للاستيلاء على القصور الرئاسية، وموقفه هذا ليس سرا وهو معلن في بياناته.
أما حكومة عبد الله الثني (الحكومة المؤقتة) فبالرغم من قطيعتنا التامة مع مشروع الكرامة الانقلابي المجرم، الذي يقوده خليفة حفتر (في إشارة إلى العملية العسكرية التي أطلقها حفتر قبل عامين ضد مجموعات مسلحة في الشرق الليبي)، إلا أنه بالإمكان تنسيق الجهود مع بعض الوزارات الخدمية (في حكومة الثني) للتخفيف عن المواطن، الذي تضرر بسبب الانقسام الإداري للأسف.
* أنتم ترفضون اتفاق الصخيرات.. فما البديل الذي تقدمونه لإنهاء الانقسام السياسي؟
** جلوس الليبيين وجها لوجه كفيل بحل الأزمات، بينما لا تكرس ألاعيب البعثة الأممية في ليبيا إلا الانقسام والتشتت، وهذا الأمر لا يحتاج لدليل، فهو قناعة عند كل الليبيين.
* وهل لديكم تصور شامل للخروج من الأزمة الراهنة على المستوىين السياسي والاقتصادي؟
** هناك تواصل جاد مع كل الأطراف، وسنعلن (لم يحدد موعدا) عن حل واقعي وممكن (لم يكشف عن فحواه)، بما لا يمس ثوابتنا، بشكل خاص ثوابت 17 فبراير (الثورة التي أطاحت بنظام القذافي عام 2011) ورفض الانقلاب، وكذلك بعيدا عن الأجندات الحزبية التي كانت واضحة في اتفاق الصخيرات.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
