تابع مرضاه للنهاية.. مروان السلطان طبيب قتلته إسرائيل مع عائلته (بروفايل)
أدار مستشفى الأندونيسي في شمال قطاع غزة بعد إعادة ترميمه، وحاصره الجيش الإسرائيلي مع الطاقم الطبي داخلها لمدة شهرين قبل أن يجبرهم على الإخلاء في شهر مايو الماضي.

Gazze
غزة / جمعة يونس / الأناضول
أدار مستشفى الأندونيسي في شمال قطاع غزة بعد إعادة ترميمه، وحاصره الجيش الإسرائيلي مع الطاقم الطبي داخلها لمدة شهرين قبل أن يجبرهم على الإخلاء في شهر مايو الماضي.لميس السلطان للأناضول: والدي ظل مرابطا حتى اللحظة الأخيرة في المستشفى الإندونيسي يتابع شؤون المرضى والجرحى.
محمد السلطان للأناضول: كان رمزا للتفاني والصبر، وأشرف بنفسه على إعمار المستشفى وأعاد تشغيله.
اختار الطبيب مروان السلطان، مدير المستشفى الإندونيسي في شمال قطاع غزة، أن يبقى في موقعه بين المرضى رغم تصاعد المخاطر مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية. وواصل أداء مهامه الطبية والإنسانية حتى استشهد إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزله، فارتقى مع زوجته وعدد من أفراد أسرته.
كان السلطان، استشاري أمراض الباطنة والقلب، وأستاذا في كلية الطب بالجامعة الإسلامية في غزة، من الكفاءات الطبية البارزة في القطاع، ما جعله طبيبًا يفاخر به كل فلسطيني، وفق ما قاله مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش الذي أمّ الصلاة عليه في جنازته.
وعلى مدى شهور الحرب، أدار السلطان المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا بعد أن أشرف على إعادة ترميمه، والذي ظل واحدًا من آخر المراكز الصحية التي واصلت تقديم الخدمات رغم تكرار قصفه وحصاره.
لم يستجب لأوامر الإخلاء الإسرائيلية التي صدرت للطواقم الطبية، مفضلًا أن يبقى إلى جانب الجرحى حتى آخر لحظة.
وفي مايو/أيار الماضي، خرج المستشفى الإندونيسي عن الخدمة بعد أن دمر القصف الإسرائيلي مولداته وأقسامه الحيوية، ما أجبر الطواقم الطبية على إخلاء المرضى قسرًا.
ومع ذلك، بقي السلطان يتابع عن قرب أحوال المرضى حتى اللحظات الأخيرة، كما يروي للأناضول ابن عمه محمد السلطان.
قال السلطان "مروان كان الطبيب الهادئ الحريص، لم يترك المستشفى يوما، حتى إنه كان يوفر الطعام القليل الذي يصل للطواقم قبل أن يأخذ لنفسه".
وأضاف: " لم يكن طبيبًا عاديًا، بل كان رمزًا للتفاني والصبر، أشرف بنفسه على إعمار المستشفى الإندونيسي وأعاد تشغيله".
وتابع: "ظل واقفًا مع المخلصين من الأطباء والعاملين حتى أعادوا الحياة للمستشفى، حوصِر مرتين هناك، وبقي شهرين متواصلين تحت الحصار دون أن يغادر".
وأكد السلطان أن كل هم ابن عمه مروان كان المرضى وإسعافهم "حتى قبل يوم واحد من استشهاده".
وصباح الأربعاء، استهدفت الطائرات الإسرائيلية منزل الطبيب السلطان في "منطقة 17"، شمال غزة بعدما نزح مع أسرته إليها قادما من جباليا البلد امتثالا لأوامر الإخلاء الإسرائيلية، ما أسفر عن مقتله مع زوجته ذكرى وعدد من أفراد عائلته.
وروت ابنته خلال التشييع أن صاروخا أطلقته طائرات F16 أصاب غرفة والدها بشكل مباشر، ليقضي مع والدتها وشقيقتها وعمته وصهره الأسير المحرر محمد عماد السلطان.
وخلال مراسم الوداع، قالت ابنته لميس للأناضول إن والدها ظل مرابطًا حتى اللحظة الأخيرة في المستشفى الإندونيسي يتابع شؤون المرضى والجرحى، قبل أن تطاله يد القصف وتنهي مسيرته الإنسانية.
وتقدّم الصلاة على جثمانه مدير الصحة في غزة منير البرش، وشارك مئات الفلسطينيين في جنازته، يرددون التكبيرات والدموع في أعينهم، يودّعون الطبيب الذي ترك أثرًا في كل من عرفه وعمل معه، في مشهد يجسد معنى الوفاء الإنساني في غزة.
ولم يكن مقتل السلطان حدثا منفصلا. فمنذ بدء حرب الإبادة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، استهدفت إسرائيل المنظومة الصحية في غزة بشكل مباشر، فدمرت مستشفيات ومراكز طبية ومركبات إسعاف،
وقتلت حتى الآن أكثر من 1580 من الكوادر الصحية، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي.
وبينما تعتقل إسرائيل مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور حسام أبو صفية، قتلت أيضا العديد من الكوادر الطبية بعد أسرهم، من بينهم الطبيب عدنان البرش، وهو صديق الطبيب مروان السلطان، وكذلك الطبيب إياد الرنتيسي، إلى جانب عدد من أفراد الطواقم الطبية.
ومنذ نحو 22 شهرًا، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 191 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلًا عن مئات آلاف النازحين، وسط مشهد إنساني بالغ القسوة يختصره رحيل أطباء كرسوا حياتهم لإنقاذ الآخرين.