الدول العربية, تونس, بيئة ومناخ

بتشجير تطوعي.. عمليات تجميل لغابات تونسية شوهتها الحرائق (تقرير)

- الغابات والمراعي تغطي نحو ثلث مساحة تونس وتبلغ 5 ملايين و700 ألف هكتار ويعيش فيها نحو مليون تونسي

Adel Bin Ibrahim Bin Elhady Elthabti  | 10.12.2025 - محدث : 10.12.2025
بتشجير تطوعي.. عمليات تجميل لغابات تونسية شوهتها الحرائق (تقرير)

Tunisia

تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول

- حسام حمدي رئيس جمعية أهلية: الأمر بمثابة حراك شعبي شبان وكهول يشاركون في أعمالنا أسبوعيا.. تدخلنا في أكثر من 7 ولايات وغرسنا مليون و500 ألف شجرة وسنحاول التطوير
- مريم سفينة منسقة متطوعة بجمعية أهلية: الغابات والمناطق الخضراء بصدد التقلص ونرجو أن ينخرط الجميع في التشجير. والنتيجة تظهر بعد سنوات
- حمادي مسطورة حارس غابات بمنطقة شهدة: منطقتنا تحتاج إلى إعادة تشجير بعد أن تعرضت لحريق عام 2021
- وزارة الفلاحة أطلقت حملة تشجير حتى نهاية مارس 2026 بهدف استعادة 7902 هكتار من المنظومات الغابية
- الغابات والمراعي تغطي نحو ثلث مساحة تونس وتبلغ 5 ملايين و700 ألف هكتار ويعيش فيها نحو مليون تونسي

كل أسبوع يتوجه عشرات الشباب والشابات إلى جبال وهضاب تونس لإعادة تشجير ما التهمته حرائق الصيف الماضي وما سبقه.

على مرتفعات شهدة بولاية زغوان (نحو 60 كلم جنوب العاصمة تونس) تجمع عشرات المتطوعين من مدينتي تونس العاصمة وسوسة (شرق).

تحلّق هؤلاء حول رئيس جمعية "soli green" (المتضامنون الخضر/ تأسست عام 2017 ) حسام حمدي، وهو مهندس برمجيات، للاستماع لتوجيهات العمل اليوم.

بعدها تسلمت كل مجموعة من متطوعين اثنين معولا وقفازات يدوية، وتوجهوا لغراسة آلاف شتلات الخروب، بحسب متابعة مراسل الأناضول.

** استعادة الغابات المحروقة

في يوم رياحه الشمالية باردة جدا، قال حسام حمدي للأناضول: "بدأنا هذا العمل التطوعي إبان الحرائق التي حدثت صيف 2017 في بعض مناطق البلاد".

وأضاف: "تدخلنا كان إغاثيا في الأول لمعاضدة مجهود الدولة والحماية المدنية والإدارة العامة للغابات (حكومية) في إطفاء الحرائق وإغاثة المتضررين".

"فيما بعد كانت لدينا خطة لاستعادة ما خسرناه من غابات، فاتصلنا بالإدارة العامة للغابات التي أطرتنا (دربتنا) وفهمنا كيف تتم عملية إعادة التشجير"، كما أردف.

وعن كيفية تدخلهم، قال حمدي: "في الغالب نعطي وقتا للطبيعة بعد الحرائق لتحاول استعادة أنفاسها وتجدد نفسها بنفسها".

واستطرد: "تكون هناك عملية تجديد طبيعية، وإذا فشلت يتدخل الجانب البشري، ليحاول إعادة الغابة كما كانت".

وأفاد بأنه "يتم اختيار الأصناف الغابية (لزراعتها) حسب معطيات بيئية وأيكولوجية والمتغيرات المناخية والجانب الاجتماعي الاقتصادي لما سنزرعه، ونحاول اختيار 3 أو 4 أصناف محلية".

و"طريقة عملنا تشاركية، خلال أيام الأسبوع السكان المحليون يقومون بالتشجير، وفي نهاية الأسبوع (الأحد) ننظم أياما مفتوحة، فيأتي متطوعون من مختلف الأعمار والفئات"، بحسب حمدي.

** مليون ونصف شجرة

حمدي شدد على أن "العملية ليست مناسباتية، بل هناك متابعة ومراقبة بمعية الإدارة العامة للغابات".

وأضاف: "ففي الصيف نتدخل مرة أخرى بسقي الغراسات، وبعد ذلك يقع التقييم في الخريف، ونعيد غراسة المناطق التي فشلت شتلاتها في النمو".

وتابع: "سنة بعد سنة نحاول إعادة ما أمكن من المنظومة الأيكولوجية التي كانت موجودة، واليوم نحن نغرس 3 آلاف شتلة خروب".

و"تدخلنا في أكثر من 7 ولايات ووصلنا لغراسة مليون و500 ألف شجرة، وسنحاول التطوير على مستوى الغراسات والأصناف"، تابع حمدي.

وأردف: "سنحاول التطوير على مستوى مشاريع تنموية تدمج السكان في التصرف الغابي، وتكون أيضا بالتكوين (التدريب) والتحسيس (التوعية) وإنشاء منظومة اقتصادية للمجموعات السكانية المحاذية للغابة".

واستطرد: "قمنا ببعض التجارب النموذجية في بعض المناطق، وبصدد تقييمات ونحاول توسيعها شيئا فشيئا".

** حراك شعبي

وبخصوص نوعية المتطوعين، قال حمدي: "الأمر كان بمثابة حراك شعبي شبان وكهول يشاركون في أعمالنا أسبوعيا".

وتابع: "لم يكن الأمر يستهدف فئة معينة أو جهة معينة، بل مفتوح للجميع، ووجدنا التجاوب من مختلف الشرائح العمرية والجهات، وهذا يبشر بالخير".

وحول وضعية الغابات، أفاد بأنها "صعبة (...)، وهو تحدٍ صعب سنتعاون عليه جميعا".

وقال إن "كوادر إدارة الغابات (حكومية) يعملون بأقل الإمكانيات (...) هناك نقص لوجستي للأسف".

و"علينا كتونسيين وكحكومة دعم قطاع الغابات وإعطاء الغابات الأهمية التي تستحقها، لأن لها أهمية بيئية واقتصادية واجتماعية كبيرة جدا"، وفقا لحمدي.

وأردف: "في بعض المناطق تعاني الإدارات نقصا، وعلينا دعمها وتحية لجهود إطارات (كوادر) الإدارة العامة للغابات، ولكنهم يعملون بأقل الإمكانيات المتاحة".

وبشأن أهدافهم، قال حمدي: "إعادة (غراسة شجر) الفرنان (الفلين) في الشمال الغربي، وكذلك الخروب الذي نحن بصدد غراسته؛ لأن له منافع اقتصادية كبيرة جدا".

وتابع: "وهناك أصناف أخرى، وعندما نجد أصنافا مهددة بالانقراض نحاول إعادة إنتاجها باستشارة الإدارة العامة للغابات".

و"التحديات المناخية كبيرة جدا وتونس ليست بمعزل عنها، وعملية التشجير مهمة جدا، وعلينا تطويرها وإدماج مختلف الأطراف في هذا العمل"، كما ختم حمدي.

** مشروع مستقبلي

في مرتفعات شهدة كانت مريم سفينة (27 سنة)، وهي مهندسة بيولوجيا ومنسقة متطوعة بجمعية "Tunis clean up" (تونس النظيفة) تشرف على فرق العمل.

وقالت مريم للأناضول: "هذا مشروع ناجح وينظر إلى المستقبل. لن نرى نتيجته الآن، بل بعد سنوات، هو جيد لتونس لأن الغابات والمناطق الخضراء بصدد التقلص، ونرجو أن ينخرط الجميع فيه".

وعن عملهم، قالت: "ننطلق من تونس العاصمة صباحا باكرا، ونمضي يوما كاملا في المنطقة التي سنزرع فيها، ونحمل معنا غذائنا وكل ما يلزمنا".

"نحن متطوعون وبالعشرات، وهدفنا إحياء الغابات، سنواصل العمل على هذا المشروع، وسنذهب إلى عدة مناطق أخرى وبصدد التقدم في المشروع"، كما أردفت مريم.

ودعت الشباب وجميع التونسيين إلى الالتحاق بهذا العمل التطوعي "لغراسة الأشجار وتنظيف المناطق الملوثة".

وتابعت: مع "عملي كمهندسة أنا مؤمنة بجدوى هذا العمل وأوفر له وقتا، لأنني أعرف ماذا يمكن أن تفيدنا الشجرة".

** موسم تشجير

بينما يقدم نصائح للمتطوعين في كيفية الغراسة، قال حمادي مسطورة، حارس غابات بمنطقة شهدة، للأناضول: "منطقتنا تحتاج إعادة تشجير، بعد أن تعرضت لحريق عام 2021".

وأضاف: "أنا هنا في يوم عطلتي الأسبوعية لندرب المتطوعين على كيفية غراسة الأشجار، حتى يعرفوا كيف يخرجون الشتلات من أكياس البلاستيك ولا تتعرض جذورها الرقيقة للهواء وتجف".

واستطرد: "كما ندربهم على كيف الغراسة في الحفر التي أُعدت سابقا، ثم إعادة التراب عليها وإنجاز حوض لنسقيها مستقبلا".

"أنا اليوم هنا متطوع، وأملنا أن تعود الغابة إلى سالف هيئتها"، أضاف مسطورة.

وبالنسبة للخروب الذي غرسه المتطوعون، قال إن فيه "منافع كبيرة، وفي المغرب هناك تجربة ناجحة لغراسته".

ونهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أعلنت وزارة الفلاحة والصيد البحري إطلاق الحملة الوطنية للتشجير تحت شعار "تونسنا نرويها وغاباتنا ننمّيها" بين 9 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي ونهاية مارس/ آذار 2026.

وتهدف الحملة لاستعادة 7902 هكتار (الهيكتار يساوي 10 آلاف متر مربع) من المنظومات الغابية خلال موسم التشجير 2026/2025.

ويتم ذلك عبر مساعدة التجدد الطبيعي لـ2600 هكتارا من غابات الصنوبر الحلبي والفلين التي تعرضت لحرائق، وغراسة 4715 هكتار من الأصناف الغابية والرعوية.

وكذلك غراسة 570 هكتارا بالشراكة مع المجتمع المدني، وغراسة 17 هكتار هندي (تين شوكي).

وتغطي الغابات والمراعي نحو ثلث مساحة تونس، وتبلغ 5 ملايين و700 ألف هكتار، بواقع 1.3 مليون هكتار غابات و 4.4 مليون هكتار مراعي.

ويعيش في هذه الغابات والمراعي نحو مليون تونسي (من أصل حوالي 12.4 مليون نسمة)، بحسب معطيات الإدارة العامة للغابات.

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.