"الجامع الكبير" في الموصل.. نجم "داعش" يأفل من حيث سطع
القوات العراقية سيطرت على الجامع الذي أعلن منه "البغدادي" عام 2014 قيام ما سماها "دولة الخلافة"

Iraq
العراق / بشار البياتي ـ عارف يوسف / الأناضول
قبل 3 سنوات توجهت أنظار العالم نحو مسجد كبير في مدينة الموصل شمالي العراق، بداخله منبر يعتليه رجل ذو لحية، مرتديا لباسا أسود، وملقيا خطبة الجمعة في المصلين، ليعلن فيها أنه "أبو بكر البغدادي" زعيم تنظيم "داعش"، ومدعيا أنه "خليفة المسلمين".
من هنا أضحى لمسجد جامع النوري أو الجامع الكبير وسط الموصل، مركز محافظة نينوى، شهرة فاقت ما كان عليه سابقا، وأصبح ذا دلالة كبيرة على استعادة المدينة من "داعش"، بمجرد تمكن القوات العراقية من تحريره من قبضة التنظيم الإرهابي.
ويقع الجامع في منطقة "الموصل القديمة" بالجانب الأيمن من الموصل، حيث الضفة الغربية لنهر دجلة الذي يقسم المدينة إلى قسمين، وتسمى المنطقة المحيطة به "محلة الجامع الكبير".
** قبل 9 قرون
هذا الجامع بني بأمر من السلطان نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري (1172م)، أي قبل حوالي 9 قرون، ويعتبر ثاني مسجد يتم بناؤه في الموصل بعد الجامع الأموي، وأعيد إعماره مرات، كانت آخرها عام 1363هـ (1944م).
ولم يبق من البناء الأصلي لهذا المعلم سوى مئذنته المعروفة باسم "منارة الحدباء"، والتي اتخذت منها الموصل صفة لها، فأصبحت تعرف بـ "الموصل الحدباء"، إلى جانب المحراب المحفوظ في متحف القصر العباسي بالعاصمة بغداد، فضلا عن بعض الزخارف الجبسية.
وتعتبر المنارة المائلة إلى الشرق من المآذن المميزة بأساليب فنية غنية بالزخارف المختلفة، وهي أعلى منارة في العراق، إذ يبلغ ارتفاعها نحو 50 مترا، وتلفها الزخارف من كل جانب، وقد طبعت على الدينار العراقي من فئة 10 آلاف.
** المنارة المائلة
ويشبه الانحناء في منارة الجامع المبنية على قاعدة مكعبة مزينة بالزخارف، برج "بيزا" المائل الشهير في إيطاليا، وقد تم بناؤهما في أوقات متقاربة، حيث بدأ بناء البرج الإيطالي عام 1173م.
والراجح أن انحناء المنارة كان بفعل الرياح الغربية السائدة في الموصل، وتأثيرها على الآجر والجص (مواد تستخدم في البناء).
فيما يذهب تفسير آخر إلى أن القائمين على بناء هذا المعلم تعمدوا هذا الشكل للمنارة، للحيلولة دون سقوط خسائر في حال سقطت، لا سيما مع وجود منازل في الجهة الغربية، لأنه إذا سقطت نحو الشرق، حيث تميل، فستقع على صحن الجامع، وتقلل الخسائر.
ورغم هذا الانحناء في "الحدباء"، إلا أنها ظلت متماسكة رغم شيخوختها في مدينة الموصل العتيقة.
** استعادة الجامع
لكن للمرة الأولى منذ قرون، استيقظ سكان الموصل يوم 21 يونيوم حزيران الجاري على مدينة بلا منارة تعلوها، حيث أصبحت المنارة أحدث ضحايا "داعش" من الموروث التاريخي في بلاد ما بين النهرين.
ولم تبق من المنارة سوى قاعدتها، فيما تهاوت معظم أجزاء الجامع بعد أن دمرها مسلحو التنظيم الإرهابي بمتفجرات، وهو ما أثار تنديدا واسعا في أنحاء العالم.
ويحمل جامع النوري أو الجامع الكبير، رمزية كبيرة لـ "داعش"، فمن على منبره أعلن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في صيف 2014، قيام ما سماها "دولة الخلافة" على أراض في العراق وسوريا.
وبعد قتال شرس في الموصل بدأ قبل نحو 8 أشهر، تمكنت القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، من انتزاع موقع جامع النوري اليوم الخميس، لتوشك على استعادة كامل المدينة التي كانت المعقل الرئيس للتنظيم في العراق، وليسدل الستار على الشطر الشرقي لما تسمى "دولة الخلافة".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.