البشير يعيد ترتيب البيت الداخلي وحزبه يعد بالتداول السلمي للسلطة
الرئيس السوداني عين عوض بن عوف نائبا أول له ومحمد طاهر آيلا رئيسا للوزراء

Sudan
الخرطوم / الأناضول
لم يتأخر الرئيس السوداني، عمر البشير، في تعديلاته المفاجئة للحكومة ورئاسة الوزراء؛ فبعد ساعات قليلة من حل الحكومة، أصدر مرسومين جمهوريين، السبت، بتعيين نائب أول له، ورئيس جديد للوزراء.
جاء ذلك ضمن سلسلة من التغييرات الحكومية والقرارات المتواصلة منذ مساء الجمعة فيما يبدو أنها خطوات نحو إعادة ترتيب البيت الداخلي وتهدئة لغة الخطاب مع المعارضة بعد توصيفات سابقة لفئات من المحتجين من قبيل "الخونة" و"المتمردين".
ويتزامن ذلك مع مظاهرات احتجاجية مطالبة بإسقاط النظام اندلعت في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي؛ بسبب زيادات الأسعار ونقص السيولة النقدية.
إذ أعلن الرئيس السوداني، في خطاب متلفز الجمعة، حالة الطوارئ لمدة عام في جميع أنحاء البلاد، وحل حكومة "الوفاق الوطني" وحكومات الولايات.
وكلف 18 واليا (حاكما) لولايات البلاد، وجميعهم من الأمنيين والعسكريين.
وقال إنه يتعين على الحكومة الجديدة اتخاذ إجراءات اقتصادية حازمة، مضيفا أنه سيوكل هذه المهمة إلى فريق مؤهل. وشجع أيضا المعارضة على التحرك إلى الأمام والمشاركة في حوار.
وبالإضافة إلى ذلك، دعا البشير البرلمان لإرجاء مناقشة التعديلات الدستورية التي تسمح له بالترشح لانتخابات 2020، وحث كل القوى السياسية والحركات المسلحة غير المنخرطة في عملية السلام لحوار برعايته يضم الموالين والمعارضين، في خطوة قد تبدو مطمئنة لقوى معارضة في البلاد.
وفي بيان لاحق، أعلن البشير تشكيل حكومة لتصريف الأعمال تضم مسؤولا كبيرا من كل وزارة، لكنه أبقى وزراء الدفاع والخارجية والعدل في مناصبهم، حسب ما أفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية.
ورغم أن القوى التي تقود الاحتجاجات قابلت خطاب البشير بتحدي والدعوة إلى الاستمرار في التظاهرات حتى سقوط النظام، واصل الرئيس السوداني، السبت، خطوات ترتيب البيت الداخلي؛ إذ أصدر مرسوما جمهوريا بتعيين وزير الدفاع، الفريق أول ركن، عوض محمد بن عوف، نائبا أول للرئيس، بدلا من بكري حسن صالح، والأخير رفيق البشير منذ وصوله للحكم عام 1989، وكان عضوا في مجلس قيادة الثورة الذي أطاح بحكومة الصادق المهدي آنذاك.
وصالح، هو الوحيد من أعضاء مجلس الثورة الـ15، الذي بقي مع البشير طوال سنواته حكمه الممتدة لـ 29 عاما، قضاها متنقلا في العديد من الوزارت، وصولا إلى نائب أول للبشير، ورئيس وزراء سابق.
وتولى صالح (70 عاما) العديد من المناصب، منها وزير الدفاع، ورئيس جهاز الأمن، ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، ووزير الداخلية، ووزير شؤون الرئاسة، ونائب أول للبشير لأكثر من 6 أعوام.
كذلك، أصدر البشير مرسوما جمهوريا، السبت، بتعيين والي ولاية الجزيرة (وسط)، محمد طاهر آيلا، بدلا من معتز موسى، الذي لم يتجاوز بقاؤه في المنصب ستة أشهر.
** النائب الجديد
وحسب كثيرين، يعد تعيين وزير الدفاع، نائبا أول للبشير في هذا التوقيت، تكريسا لدور الجيش في السلطة للفترة القادمة.
وكان الظهور الأبرز لابن عوف عام 2015، عندما تم تعيينه وزيرا للدفاع، ولم يكن الرجل حينها معروفا إلا في الأوساط العسكرية.
فقد تولى عددا من المناصب بالجيش، منها قائد سلاح المدفعية، ومدير الاستخبارات العسكرية، ونائب رئيس الأركان.
كما شغل مناصب دبلوماسية، إذ كان سفيرا لدى سلطنة عمان، وقنصلا في مصر.
وسيرة الرجل تؤكد أنه قليل الكلام كثير العمل، وهو من مواليد الخمسينيات، التحق بالكلية الحربية، وتلقى تدريبه العسكري بمصر، وتخرج في الدفعة 23 مدفعية.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات الأخيرة في البلاد، اتخذا موقفا واضحا بالانحياز إلى البشير، مؤكدا أن الجيش يلتف حول قيادته التي يتولى البشير منصب القائد الأعلى للجيش.
لكن الرجل عرف عنه، أيضا، الحديث بنبرة تصالحية تجاه الاحتجاجات الحالية؛ حيث قال في إحدى تصريحاته إن الشبان الذين شاركوا في الاضطرابات الأخيرة لهم "طموح معقول"، وربما تكون تلك أحد الأصوات التي يحتاجها البشير في الفترة الحالية.
** رئيس الوزراء
لم يكن مفاجئا تعيين محمد طاهر آيلا، رئيسا للوزراء؛ إذ كان اسمه مطروحا على الدوام في التشكيلات والتعيينات الوزارية التي أجراها البشير خلال السنوات العشر الأخيرة.
ويعتبر آيلا من الأوفياء للبشير؛ الأمر الذي دعا الأخير في خطاب جماهيري بولاية الجزيرة في فبراير/شباط 2017، إلى القول إنه سيدعمه لو قرر الترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في 2020.
وآيلا، المولود عام 1951، ينتمي إلى قبائل شرق السودان، وتلقى تعليمه في كافة المراحل بمدن الشرق "جيبت" و"سنكات" و"بورتسودان".
وانضم مبكرا إلى الحركة الإسلامية، وعرف عنه التدين واتساع علاقاته العامة، ويقول معاصروه في الحركة الإسلامية، إن همته ونشاطه كانا سببا في تعيينه رئيسا للمكتب السياسي للحركة الإسلامية بالبحر الأحمر.
تخرج آيلا في جامعة الخرطوم، كلية الاقتصاد، والتحق بهيئة الموانئ بالبحر الأحمر، التي تولى رئاستها عام 1989.
كما تقلد عددا من الوزارات الاتحادية، التجارة الخارجية، والطرق، والاتصالات، قبل أن يعين واليا للبحر الأحمر.
عُين بعدها واليا على ولاية الجزيرة (وسط) عام 2015.
وقال عنه في وقت سابق، عضو المكتب القيادي للحزب الحاكم، عوض حاج علي، "ﻋﺮﻓﺘﻪ ﻃﻮﺍﻝ ﻓﺘﺮﺓ ﺻﺪﺍﻗﺘﻨﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﺠﺮﺃﺓ ﻭﺍﻟﺼﻼﺑﺔ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ آﻳﻼ ﺫﺍ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ مع ﻛﻞ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ".
ويذكر بعض الإسلاميين أن أهم ما يميزه، أنه شديد الدفاع عن رأيه وقضاياه، ولا يعرف الفجور في الخصومة.
ويقول آيلا عن نفسه في حوار سابق "أهم ما يميز شخصيتي الاعتدال، وهذا يأتي من طبيعة أهالي شرق السودان، فهم لا يحبون التطرف في الدين والتوجهات الأخرى، إضافة إلى ذلك فإن لديهم استعدادا فطريا لقبول الآخر". مجددا يعود البشير للشخصيات المعتدلة في تلك المرحلة الساخنة من تاريخ السودان.
** تداول سلمي للسلطة
وتناغما مع خطوات إعادة ترتيب البيت الداخلي واللغة المهادنة للمعارضة، تعهد حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان، السبت، بالعمل على تهيئة الساحة السياسية أمام جميع الأحزاب للوصول إلى رؤية متكاملة تفضي إلى تداول سلمي للسلطة في البلاد.
وفي بيان للحزب، قال رئيس القطاع السياسي بـ"المؤتمر الوطني"، عبد الرحمن الخضر، إن عمل الحزب "سيرتكز في المرحلة المقبلة على تهيئة الساحة أمام جميع الأحزاب للوصول لرؤية متكاملة تفضي للتداول سلمي للسلطة والوصول لانتخابات متفق عليها".
وأضاف أن "الفرص مواتية أمام القوى السياسية والمجتمعية والكيانات للتقدم برؤاها لتشكيل المشهد السياسي خلال المرحلة المقبلة".
واعتبر أن إعلان حالة الطوارئ بالبلاد الجمعة "يعنى بمعالجة الانفلات في الشأن الاقتصادي وحسم قضية السيولة ومكافحة الفساد ووقف الممارسات التي ترمي بظلالها وتأثيراتها السالبة على الاقتصاد، أكثر مما يعنى بالممارسة السياسية".
وأقر الخضر بأن "الاحتجاجات التي تشهدها البلاد أنتجتها بعض الظروف الموضوعية".
وذكر أن "حكومات الولايات المعلنة الجمعة مؤقتة لتصريف الأعمال والأعباء".
وأكد "اهتمام الرئاسة السودانية بقضايا الشباب، خاصة المتعلقة بمسائل التعليم والتوظيف والتمويل".
كذلك، أعلن حزب "المؤتمر الوطني"، في وقت سابق السبت، تأجيل مؤتمره العام الذي كان مقررا في أبريل/نيسان المقبل لأجل غير مسمى نظرا للمتغيرات على الساحة السياسية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.