أضحية العيد والمصاريف المدرسية تثقلان كاهل التونسيين
يحتفلون به اليوم الإثنين ويتزامن مع العودة المدرسية والجامعية في تونس (في 15 سبتمبر/أيلول).
Tunisia
تونس/ يسرى ونّاس/ الأناضول
لم يسترجع التونسيون أنفاسهم بعد شهر رمضان وموسم الصيف الذّي يتسم بكثرة المناسبات والأفراح وما يصحبها من تكلفة، ليستقبلوا بعد أيام قليلة عيد الأضحى المبارك الذي يحتفلون به اليوم الإثنين ويتزامن مع العودة المدرسية والجامعية في تونس (في 15 سبتمبر/أيلول).
"فوزي حمدي" مواطن تونسي (في الخمسين من عمره) اختار التجول رفقة ابنه في "رحبة الخرفان" بمنطقة "المروج"، من الضاحية الجنوبية لتونس (بطحاء كبرى تعرض فيها الخرفان للبيع)، علّه يجد خروفا بمبلغ يتناسب مع مستواه المادي.
أسعار الأضاحي بدت لـ"فوزي" وعدد من الموجودين بهذه السوق مرتفعة: "الأسعار باهضة جدّا.. لا بل هي مجحفة، يصعب علينا هذه السنة التوفيق بين عيد الأضحى واقتناء ما يلزمه من معدات وبين العودة المدرسية التي ستحل علينا قريبا".
ولمربي الماشية الذّين التقتهم الأناضول في السوق المبررات ذاتها، فـ"الصادق الدهماني" وهو فلاح جاء من ولاية الكاف (شمال غرب) يعتبر أنّ "الفلاح هو الخاسر الأكبر في حلقة بيع الخرفان، فتربيتها تكبّده مصاريف كبيرة خاصة مع الجفاف وقلة نزول الأمطار التّي أدّت بدورها إلى ارتفاع أسعار الأعلاف".
الصادق يقول إنه "يقتني قنطار العلف بـ70 دينارا (حوالي 35 دولارا أمريكيا)، والتبن (غذاء المواشي) بـ14 دينار (7 دولارات)، أضف إليها مصاريف تأجير مكان في السوق، قد يصل إلى 500 دينار (250 دولارا)".
وهو ما يدفعه إلى بيع كبش العيد بأقل من سعر تكلفته، إذ تتراوح الخرفان التي يعرضها بين 400 دينار (200 دولار) و500 دينار (250 دولار).
وجرت العادة في تونس أن تباع كباش العيد عبر طريقتين؛ الأولى أن عرض الخرفان في نقاط بيع منظمة من قبل شركات اللحوم الحكوميّة وفيها يعرف الزبون وزن الخروف وسعر الكيلوغرام الواحد، أمّا الطريقة الثانية يمر فيها الكبش عبر حلقة بيع تضم الفلاح والوسيط الذّي يبيعه فيما بعد للزبون.
من جهته يقول "الطيب الهمامي"، وهو فلاح جاء من مدينة الفحص التابعة لولاية زغوان (وسط) لـ"رحبة الخرفان" ليعرض هو الآخر كباشه "مررنا هذه السنة بموسم فلاحي صعب جدّا، لا توجد أمطار وهو ما أدّى إلى ارتفاع أسعار العلف، وهو ما يجبرنا إلى بيع ماشيتنا بنصف السعر".
ويتابع الهمامي: "نعرف جيّدا أن المواطن على حق، وقد يبدو له سعر الكباش باهضا نظرا للقدرة الشرائية الصعبة التي يمر بها التّونسي عموما، ولكنه لا يعرف ما نتكبده من مصاريف حتى نربي هاته الماشية".
الرئيس المدير العام لشركة اللحوم بتونس (حكومية) إلياس بن عامر، أوضح من جانبه: "نعمل من سنة إلى أخرى على ترسيخ عادة بيع خرفان العيد في نقاط بيع منظمة تابعة للدولة، وبيع كل خروف حسب وزنه الحقيقي، فبهذه الطّريقة نحفظ المصلحة المالية والصحية للمستهلك".
ويضيف: "هناك لجان فنية تقوم بمعاينة قطعان الخرفان، والتثبت من مدى سلامتها واستجابتها للقواعد الصحيّة، وإن ظهر عليها أي مرض لا يتم قبولها، وتعاد إلى الفلاح".
"وتوفر تونس هذه السنة مليون و300 ألف أضحية، مقابل مليون و100 ألف في 2015، وبالتالي هناك زيادة بما يقارب 10 بالمائة ، العرض". وفق بن عامر.
وفي تصريح سابق للأناضول، أكّد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عبد المجيد الزار أن "مليون و133 ألف رأس خروف توفرت في السوق"، لافتا إلى أن "حاجة التونسيين في الحالات العاديّة لا تتجاوز 930 ألف، وبالتالي هناك 300 ألف خروف إضافية".
وعن وضع المستهلك، لفت بن عامر إلى أن "تزامن عيد الأضحى مع العودة المدرسية ومواسم الأفراح الصّيفية يجعل الضغط على القدرة الشرائية للمواطن واضحا".
وأواخر الشهر الماضي، دعت منظمة الدفاع عن المستهلك (مستقلة ذات صبغة وطنية) التونسيين إلى التوجه "إلى 5 نقاط بيع لشراء الأضاحي وذلك في كل من ولايات القصرين (وسط غرب) وقفصة (جنوب) وسيدي بوزيد والقيروان ومدينة الفحص (وسط)، باعتبار أن الأسعار مناسبة علاوة على إمكانية شراء الأضاحي بسعر الكيلوغرام الذي حددته الدّولة بمبلغ 10 دنانير و500 مليم".
وطالبت المنظمة، الحكومة بضرورة تقنين مسالك التوزيع، مراعاة للقدرة الشرائية للمواطن، التي تدهورت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
يشار كذلك إلى أن البلاد تكبدت هذه السنة خسائر مادّية في المجال الفلاحي بسبب الجفاف، قدّرت بملياري دينار (نحو مليار دولار)، أي ما يعادل 7 بالمائة من ميزانية الدولة التي تقدر بـ 29.250 مليار دينار تونسي، هو حجم ميزانية تونس (15.03 مليار دولار).
كما أنّ عدم نزول الأمطار بالكميات الكافية هذه السنة أدّى إلى جفاف عدد من السدود بالبلاد، التي تعتمد خاصة في سقي الأراضي الفلاحية وزراعة الأعلاف، وفي ذلك انعكاس على أسعار المنتوجات الفلاحية بشكل عام بما فيها المواشي.
ويساهم قطاع الزراعة في تونس بتوفير نسبة 9٪ من الناتج الوطني الداخلي، ويشغل 16٪ من اليد العاملة.