الدول العربية, التقارير, موريتانيا

"قانون حماية الرموز".. ردع الشتائم أم انتكاسة حريات بموريتانيا (تقرير)

في 14 يوليو/تموز الماضي، صادقت الحكومة على مشروع قانون جديد يجرم المساس بهيبة الدولة، وبشرف المواطن، ويحمي الرموز الوطنية

06.08.2021 - محدث : 07.08.2021
"قانون حماية الرموز".. ردع الشتائم أم انتكاسة حريات بموريتانيا (تقرير)

Novakşot

نواكشوط/ محمد البكاي/ الأناضول

- مشروع القانون يجرم المساس بالإسلام والوحدة الترابية أو إهانة الرئيس والعلم والنشيد
- معارضون اعتبروا أنه يحمي مرتكبي جرائم التعذيب ويميِّز بين المواطنين وينتهك حريتهم
- الرئيس ولد الغزواني يطمئن أن مستوى الحريات سيبقى على ما كان عليه بل سيتحسن
- الرئيس السابق للحزب الحاكم: علينا أن نضع حدا فاصلا بين النقد وبين الإساءة والتجريح
 

أثار مشروع قانون يتعلق "بحماية الرموز الوطنية" جدلا واسعا في موريتانيا على مدى الأيام الماضية، دفع البرلمان لتأجيل نقاشه إلى الدورة الخريفية المقبلة.

وفي 14 يوليو/تموز الماضي، صادقت الحكومة على مشروع قانون جديد يجرم المساس بهيبة الدولة، وبشرف المواطن، ويحمي الرموز الوطنية.

وقالت الحكومة، في بيان، إن مشروع القانون "يأتي لسد الثغرات التي تم رصدها في المنظومة الجنائية للبلاد، لمنح القضاة والمحققين آليات قانونية واضحة لفرض سيادة القانون واحترام قيم الجمهورية".

** أبرز بنود مشروع القانون

ويضم مشروع القانون 8 مواد، ويسعى وفق مادته الأولى إلى "تجريم ومعاقبة الأفعال المرتكبة عن قصد باستخدام تقنيات الإعلام والاتصال الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي، المرتبطة بالمساس بهيبة الدولة، ورموزها، وبالأمن الوطني، والسلم الأهلي، واللحمة الاجتماعية، والحياة الشخصية، وشرف المواطن".

وتقول المادة الثانية من هذا القانون إنه "يعد مساسا بهيبة الدولة ورموزها من يقوم عن قصد عن طريق استخدام تقنيات الإعلام الرقمي أو ومنصات التواصل الاجتماعي بالمساس بثوابت ومقدسات الدين الإسلامي أو الوحدة الوطنية والحوزة الترابية أو بسب أو إهانة شخص رئيس الجمهورية أو العلم أو النشيد الوطني".

ويجرم القانون في مادته الثالثة أي تصوير أو نشر لصور الجنود وقوات الأمن، في أثناء أدائهم مهامهم، ويربط تصوير التشكيلات والوحدات العسكرية والأمنية بترخيص من قيادتها، ويفرض غرامة وعقوبة تبلغ السجن عامين على المخالفين.

وتشير المادة الرابعة أنه "يعد مساسا بالسلم الأهلي وباللحمة الاجتماعية كل توزيع عبر وسائل الإعلام الرقمية أو وسائل التواصل الاجتماعي لمواد صوتية أو نصية أو مصورة تتضمن قذفا أو تجريحا أو سبا موجها لجهة من جهات الوطن أو مكونا من مكونات الشعب أو تبث الكراهية بين هذه المكونات أو تحرض بعضها على بعض".

​​​​​​​** انتكاسة للحريات

وعبرت العديد من الأحزاب السياسية والهيئات النقابية والبرلمانيين عن رفضهم لمشروع القانون، محذرين من أنه يشكل "تكريسا للدكتاتورية".

ووصف عدد من النواب مشروع القانون بـ"الخطير"، وبأنه يكرس الدكتاتورية، وانتهاك حرية المواطن.

وقال النائب العيد ولد محمد (معارض) في تدوينة على حسابه في فيسبوك إن مشروع القانون "يتضمن مقتضيات خطيرة على الحريات، ويحمي مرتكبي جرائم التعذيب ويميِّز بين المواطنين".

أما النائب الشيخاني ولد بيب (معارض)، فاعتبر، في تدوينة له، أن مشروع القانون "من أوغلِ القوانين في تكريس الدكتاتورية، وانتهاك حرية المواطن، وتعميق تسلط وبطش أجهزة الأمن به".

فيما وصفه النائب محمد الأمين سيدي مولود (معارض)، في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك، بأنه "خطير وانتكاسة حقيقية للحريات".

من جهته، عبر حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (إسلامي)، عن رفضه لمشروع القانون ووصفه بـ"الخطير".

وناشد الحزب، في بيان، "القوى الوطنية وهيئات المجتمع المدني إلى تجاوز خلافاتها وتبايناتها، والاتحاد في موقف وطني يحمي الحريات ويُسقط هذا القانون الخطير".

ورأى أن مشروع القانون "يمثل تراجعا خطيرا في ترسيخ تقنين الحريات، وتحضيرا لتقييد حرية الصحافة، وتكميم الأفواه".

واتهم التجمع، النظام بالإصرار على تمريره "بطريقة استعجالية مريبة".

** لا مساس بالحريات

وفي أول تعليق له على الجدل المثار بشأن مشروع القانون، أوضح الرئيس محمد ولد الغزواني، أنه حريص على عدم المساس بالحريات.

وأضاف ولد الغزواني، في مقابلة مع قناة "فرانس24" الفرنسية، في 31 يوليو، "ينبغي أن يكون المواطن مطمئنا، وفعلا من واجبي أن أطمئنه، أنه لا مساس بالحرية في موريتانيا، لافي حق المدون ولا الصحفي ولا من يتحدث بلسانه دون حتى أن يكتب.. لا مساس بالحرية".

واعتبر أن من حق أي موريتاني أن ينتقد أي سياسي، وقال إن مستوى الحريات في البلاد سيبقى على ما كان عليه، وسوف يتحسن.

ويرى مناصرو مشروع القانون، أنه ضرورة بعد "تفاقم موجات السباب والشتائم والتسريبات التي أضرّت بالحياة العامة والخاصة للمسؤولين والأفراد، وأججت الضغائن والأحقاد بين الجهات والعرقيات".

وقال الرئيس السابق لحزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، سيدي محمد ولد محم، "بعد مطالعة متأنية لمشروع القانون المتعلق بحماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وشرف المواطن، أجزم بأنه لا توجد فقرة واحدة منه تشكل مساسا بالحريات العامة ولا حق مواطنينا في التعبير عن آرائهم ومواقفهم".

واعتبر ولد محم، في تدوينة، أن "سَنّ هذا القانون يشكل ضرورة ملحة لضبط فضاءات الإعلام وتنظيفها وتمكين الكل من الولوج إليها دون أن يتلقى شتيمة أو قذفا أو إهانة في عرضه أو دولته ورموزها".

وتابع "لا تتحدثوا عن النقد فهو حق مصان، وحق كل مواطن في نقد سياسات الرئيس وقراراته وأداء حكومته وإدارته محفوظ بقوة القوانين، بل ومطلوب بإلحاح، ولن نقبل المساس به مطلقا تحت أي ظرف".

واستدرك "إلا أنه علينا أن نضع حدا فاصلا بين النقد مهما كانت حدته وصفته، وبين الإساءة والتجريح وهو أمر كررناه مرارا، هذا القانون لا يعاقب النقد بأي معنى من المعاني، إنما يعاقب الإساءة والتجريح والمساس بهيبة الدولة ورموزها وأمنها ووحدة مكوناتها وخصوصيات المواطن وشرفه".

** القوانين الحالية كفيلة بمواجهة السب

لكن نقيب المحامين الموريتانيين إبراهيم ولد ابتي، اعتبر أن "ما عرفته وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا من أساليب طبعها السب والقذف بجميع أشكاله لا يستدعي إصدار قانون خاص بالرموز، لأن الترسانة القانونية الموجودة كفيلة بمواجهة تلك الأساليب".

وأضاف ولد ابتي، في بيان له، "إن توفير الحماية من النوع الذي سن قانون الرموز للقوات المسلحة وقوات الأمن، يخشى أن يستغل لحمايتها من كل جرم ترتكبه إن اعتدت على المواطن في إطار التظاهرات والتجمعات التي تطبع كل نظام تعددي، وإذنًا لها بالإفراط في استعمال السلطة".

وبيّن أن "إعطاء الصلاحيات للنيابة العامة في تحريك الدعوى تلقائيا في المسائل المتعلقة بالجرائم التي نص عليها قانون الرموز يشكل توجها جديدا يخرِج هذا النوع من الجرائم عن إطارها الأصيل الجاري العمل به".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın