على خطى بيري رئيس.. بعثة تركية ترسم خرائط متطورة للقطب الجنوبي (تقرير)
بعد أكثر من 5 قرون على وضعه إحدى أدق الخرائط البحرية في التاريخ، لا يزال البحّار العثماني بيري رئيس، مصدر إلهام لرسامي الخرائط الأتراك السائرين على خطاه في استكشاف المناطق النائية باستخدام أحدث تقنيات المسح الجيوديسي والهيدروغرافي.

Antarctica
القارة القطبية الجنوبية / شبنم جوشقن/ الأناضول
** رئيس البعثة العلمية الوطنية التاسعة للقارة القطبية الجنوبية، حسن خاقان يواش أوغلو:- القياسات الهيدروغرافية والخرائط الباثيمترية ضرورية جدًا للملاحة البحرية وللدعم اللوجستي ونقل الأفراد بالمنطقة
- لأول مرة، تمكّنا من الإبحار إلى المناطق الشمالية والشمالية الشرقية لجزيرة هورسشو، وتنفيذ قياسات هيدروغرافية شاملة
** المهندس بحري، عبد الله كلله وزير، الملازم أول بوحدة التطبيقات الأرضية بإدارة الخرائط العامة:
- أنشأنا نقطة جديدة على جزيرة صخرية تبعد نحو كيلومترين عن موقع المخيم العلمي التركي
- هذه النقاط تتيح لنا مراقبة الحركات التكتونية وتشوهات القشرة الأرضية في المنطقة.
** ضابط الصف في البحرية التركية، عمر فاروق طوبقايا:
- نحن محظوظون أن نجد أنفسنا بعد 500 عام من بيري رئيس، نواصل العمل الذي بدأه أسلافنا، ونحقق نجاحات ملهمة
- البيانات الباثيمترية ثلاثية الأبعاد تساعد في رسم خرائط ملاحية جديدة أكثر حداثة ودقة ما سيمكن السفن من الإبحار بأمان بالقطب الجنوبي
بعد أكثر من 5 قرون على وضعه إحدى أدق الخرائط البحرية في التاريخ، لا يزال البحّار العثماني بيري رئيس، مصدر إلهام لرسامي الخرائط الأتراك السائرين على خطاه في استكشاف المناطق النائية باستخدام أحدث تقنيات المسح الجيوديسي والهيدروغرافي.
وفي إطار البعثة العلمية الوطنية التاسعة إلى القارة القطبية الجنوبية، أجرت مؤسسة الخرائط العامة الوقفية التابعة لوزارة الدفاع التركية ورئاسة قسم الملاحة والهيدروغرافيا وعلوم المحيطات في القوات البحرية التركية، دراسات تفصيلية شملت مناطق اليابسة والبحر، بهدف جمع بيانات دقيقة عن الحركات التكتونية والتضاريس البحرية، والمساهمة في تعزيز سلامة الملاحة ودعم الأنشطة العلمية في المنطقة.
البعثة العلمية التركية إلى القطب الجنوبي تواصل أنشطتها برعاية رئاسة الجمهورية التركية، وإشراف وزارة الصناعة والتكنولوجيا، وبالتنسيق مع معهد أبحاث القطب في مؤسسة الأبحاث العلمية والتكنولوجية التركية "توبيتاك".
وفي إطار الحملة، تواصل إدارة الخرائط العامة أعمالها بمجال رسم الخرائط، فأنشأت محطات قياس جديدة على غرار الحملات البحثية السابقة، وجمعت بيانات جيوديسية أرضية لمراقبة الحركات التكتونية للمنطقة وتحليلها.
أما بمجال قياسات أعماق البحار (الباثيمتري)، أُجريت دراسات حول جزيرة هورسشو بالقارة القطبية الجنوبية، وأُجريت لأول مرة قياسات في خليج غاول، لتوفير بيانات بحرية دقيقة لدعم أنشطة الملاحة.
وفي هذا الإطار، أعدّت رئاسة قسم الملاحة والهيدروغرافيا وعلوم المحيطات بالقوات البحرية التركية خرائط باثيمترية جديدة لخليج غاول شمال شرق جزيرة هورسشو، ما أتاح جمع معلومات مهمة حول تضاريس المنطقة البحرية.
وفي حديث للأناضول، قال رئيس البعثة التركية التاسعة إلى القارة القطبية، البروفيسور حسن خاقان يواش أوغلو، إن الفريق أجرى العديد من الأبحاث حول جزيرة هورسشو، أبرزها إعداد خرائط ملاحية وهيدروغرافية تفصيلية.
وأضاف: "تعد القياسات الهيدروغرافية والخرائط الباثيمترية ضرورية جدًا لأنشطة الملاحة البحرية في هذه المنطقة، وكذلك لعمليات الدعم اللوجستي ونقل الأفراد. ولأول مرة، تمكّنا من الإبحار إلى المناطق الشمالية والشمالية الشرقية للجزيرة، إلى جانب تنفيذ قياسات هيدروغرافية شاملة".
يواش أوغلو أشار إلى وجود اختلافات بين الخرائط القديمة والبيانات التي تم جمعها حديثًا، مشيرًا إلى أنهم حصلوا على معلومات دقيقة ستسهم في تحسين الخرائط الملاحية المستقبلية.
وتابع: "هذه البيانات ستُستخدم لاحقًا في إعداد خرائط ملاحية جديدة، مما سيجعل الإبحار في المنطقة أكثر أمانًا، كما ستُسهّل الأنشطة اللوجستية وعمليات النقل".
واستطرد: "ولأول مرة هذا العام، أجرينا قياسات داخل خليج غاول، حيث جمعنا البيانات الهيدروغرافية وأتممنا عمليات المسح، مما سمح للسفن بالرسو في المنطقة بشكل آمن".
ولفت إلى أن خليج غاول لم يشهد من قبل أنشطة قياس أو جمع بيانات، وقال: "بدأنا جمع البيانات الأوّلية باستخدام زوارق خاصة قبل دخول السفينة الرئيسية إلى خليج غاول".
وأردف: "خلال العبور راقبنا أعماق الممرات المناسبة للسفينة، وعبرنا الخليج من ممر تم الاسترشاد به بواسطة أجهزة سونار بعدها أجرينا عمليات مطابَقة للبيانات والمعلومات التي قدمها زورق القياس الهيدروغرافي".
وعبّر يواش أوغلو عن الحماسة لهذا الكشف قائلا: "كانت لحظة شديدة الإثارة، كنا جميعًا نتابع هذا المشهد بحماس كبير من على جسر السفينة برفقة القبطان".
وذكر أن "إدارة الخرائط العامة التركية أقامت محطات جديدة حول الجزيرة لإجراء دراسات جيوديناميكية"، موضحًا أن آخر محطة تم إنشاؤها كانت في جزيرة صغيرة بين "ديسمال" و"هورسشو".
وأوضح أنه "بفضل هذه القياسات، يمكننا مراقبة تأثيرات الفوالق الجيولوجية في المنطقة، إضافة إلى تأثيرات النشاط البركاني والزلازل ومدى تسببها في التشوهات الأرضية".
كما أكد أن "هذه البيانات تساعد في رسم خريطة للمخاطر الزلزالية في المنطقة، فضلًا عن قياس معدل تغيّر هذه التشوهات بمرور الزمن".
** جمع بيانات المواقع بالأقمار الصناعية
من جانبه، قال المهندس الملازم أول بحري، عبد الله كلله وزير، الضابط بوحدة التطبيقات الأرضية لدى إدارة الخرائط العامة التركية، إنهم يشاركون في البعثات العلمية إلى القطب الجنوبي منذ عام 2020.
وأضاف: "خلال هذه البعثات، نجري قياسات للأعماق، ونراقب 5 نقاط جيولوجية أرضية أنشأناها عام 2020 على جزيرة هورسشو. نجمع بيانات تحديد المواقع من الأقمار الصناعية ونحللها باستخدام برامج علمية متخصصة، مما يمكننا من تحديد المواقع بدقة فائقة".
وأوضح كلله وزير أن وحدته أنشأت نقطة بديلة لحل مشكلة الجرف الجيوديسي الذي قد يؤدي إلى انزياحات أرضية.
وتابع: "أنشأنا نقطة جديدة على جزيرة صخرية تبعد نحو كيلومترين عن موقع المخيم العلمي التركي. هذه النقاط تتيح لنا مراقبة الحركات التكتونية وتشوهات القشرة الأرضية في المنطقة".
** أهمية كبيرة لخريطة بيري رئيس
من جهته، أوضح ضابط الصف، عمر فاروق طوبقايا، الذي يعمل برئاسة قسم الملاحة والهيدروغرافيا وعلوم المحيطات بالبحرية التركية منذ عام 2018، أن مشاركته في البعثة العلمية تهدف إلى دعم أنشطة البحث العلمي في تركيا بخبراته العملية والميدانية.
وأضاف: "تتمثل مهمتي في جمع بيانات باثيمترية (قياس أعماق البحار) ثلاثية الأبعاد عالية الدقة حول جزيرة هورسشو. ومن خلال هذه العمليات، نحصل على معلومات دقيقة حول الأعماق وتضاريس قاع البحر، مما يساهم في إعداد خرائط بحرية أكثر دقة".
وأوضح أن هذه البيانات تساعد في رسم خرائط ملاحية جديدة أكثر حداثة ودقة من قبل رئاسة قسم الملاحة والهيدروغرافيا وعلوم المحيطات، مما سيمكن السفن من الإبحار بأمان في القطب الجنوبي، ويساعد في استمرار الأبحاث العلمية دون عوائق.
كما أشار طوبقايا إلى أنهم يستخدمون هوائيات الأقمار الصناعية لتحديد مواقعهم بدقة على المستويين الأفقي والعمودي، موضحًا أنهم يربطون بيانات أجهزة "الإسكانديل متعدد الحزم"، التي تعمل تحت الماء، ضمن سلسلة معلومات هيدروغرافية متكاملة.
وأوضح أنهم يدمجون بيانات ارتفاع مستوى سطح البحر اللحظية مع القياسات الأخرى للوصول إلى عمق الخرائط البحرية في الوقت الحقيقي".
وأضاف: "القياسات الأوقيانوغرافية تساعدنا على فهم بيانات الإسكانديل متعدد الحزم من خلال قياسات سرعة الصوت، التي تمكننا بدورها من تحليل خصائص المياه ودرجة الحرارة، والضغط، ثم إدراجها في النمذجة الرياضية (فن ترجمة سلوك نظام ما عن طريق اللغة الرياضية)، مما يسهم في تحسين دقة القياسات وفهم تأثيرات التغير المناخي بشكل أفضل".
وقال طوبقايا: "نبذل قصارى جهدنا للاستفادة القصوى من الإمكانات التي توفّرت لنا، أعمل بكل طاقتي لتمثيل بلدي (..) بأفضل صورة ممكنة. كما أننا كبحارة أتراك نحمل إرثًا تاريخيًا يُلهم رؤيتنا المستقبلية".
وأشار إلى أن خريطة العالم التي رسمها بيري رئيس عام 1513 تضمنت سواحل أمريكا الجنوبية، أقرب كتلة برية إلى القارة القطبية الجنوبية، مشددًا على الأهمية الخاصة لهذه الخريطة.
وأضاف: "كم نحن محظوظون أن نجد أنفسنا بعد 500 عام من بيري رئيس نواصل العمل الذي بدأه أسلافنا، ونحقق نجاحات ملهمة في رئاسة قسم الملاحة والهيدروغرافيا وعلوم المحيطات، من خلال رسم خريطة ملاحية جديدة لمنطقة القطب الجنوبي".
وأردف طوبقايا أن "دعم أنشطة الملاحة واللوجستيات في المنطقة لضمان الإبحار الآمن لبلدنا، هو مصدر فخر كبير لنا".
وعن تفاصيل العمل، قال: "أنجزنا أول دراسة باثيمترية في خليج غاول ومحيطه، وبفضل النقاط التي حددناها مكّنا السفن التركية من الإبحار في الخليج بأمان".
وأكمل: "بهذا، ستتمكن الفرق العلمية في البعثات القادمة من الإبحار في الخليج وإرساء سفنها هنا أيضًا، بدلًا من الدوران حول الجزيرة، مما يتيح للباحثين والأكاديميين والطلاب العمل عن قرب وبكفاءة أعلى".
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.