التقارير, سلطنة عمان

صيد الأسماك في ظفار.. إرث ثقافي يتناقله العمانيون (تقرير)

موفد الأناضول يبحر بين الصيادين على شواطئ محافظة ظفار جنوبي السلطنة، مستكشفا تفاصيل هذه المهنة التقليدية

23.12.2021 - محدث : 23.12.2021
صيد الأسماك في ظفار.. إرث ثقافي يتناقله العمانيون (تقرير) صيد الأسماك في ظفار.. إرث ثقافي يتناقله العمانيون

Zufar

ظفار / أحمد يوسف / الأناضول

منذ قديم الزمن، يُعرف ركوب البحر بأنه مهنة شاقة تتطلب جهدا كبيرا وقدرة على التحمل وصبرا على الصعاب، خاصة للمشتغلين في صيد الأسماك الذين يتحايلون على هذا الواقع بأساليب مختلفة، منها تمضية الوقت بالأغاني والأهازيج.

وهو الحال في محافظة ظفار جنوبي سلطنة عمان، إذ ينشد الصيادون في رحلاتهم أغاني هي مزيج بين كلمات حماسية والصلاة على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، استبشارا بجلب الخير والبركة وإعانة لهم على المشاق.

وبين أكتوبر/ تشرين الأول وأبريل/ نيسان من العام التالي، ينغمس صيادو ظفار في موسم "الضاغية" لصيد السردين، إذ يجهزون شباكا عملاقة تُحمل في قوارب "السنبوق"، ثم تُنشر في مناطق تواجد الأسماك، قبل أن تُسحب إلى الشواطئ وهي زاخرة بحصاد البحر، الذي طالما انتظره أرباب المهنة والزبائن على حد سواء.

** تراث الأجداد

ورغم التطور اللافت في صناعة صيد الأسماك محليا ودوليا، فإن التمسك بتراث الآباء والأجداد لا يزال مبدأ راسخا عند أهل ظفار الذين تطل محافظتهم على بحر العرب.

ويشتغل كثير من السكان في هذه المهنة القديمة، وهي مصدر دخل رئيسي لقطاعات كبيرة من الصيادين والمهن الرديفة، كغزل الشباك وتجفيف الأسماك والنقل والتسويق والتبريد والتخزين.

والصيد مهنة رائجة في الدولة الخليجية التي تطل أراضيها على ثلاثة بحار، منها اثنان على المحيط الهندي، ما يجعلها بيئة مثالية لتكاثر الأسماك بوفرة على ساحل يمتد أكثر من 3 آلاف كيلومتر، ما يتيح لصيادي السلطنة توسيع نطاق عملهم ليشمل مناطق بحرية شاسعة.

** المخزون السمكي

وانطلاقا من إدراكها لأهمية هذا القطاع المحوري اجتماعيا واقتصاديا، سنت حكومة السلطنة قوانين ووضعت ضوابط وشروطا صارمة لمزاولة مهنة الصيد، للحفاظ على استدامة الثروة السمكية.

موفد الأناضول زار شواطئ ظفار، والتقى عددا من أرباب المهنة، ممن لا يزالون محتفظين بعادات الصيد وتقاليده القديمة في السلطنة.

ويقول الصياد محمد بن عاشور بيت سويلم، للأناضول: "الحمد لله لدينا العديد من الأسماك في سلطنة عمان، فهناك السطحية منها والقاعية، وبعد موسم الصيف لدينا موسم الضاغية لصيد السردين، الذي يعتمد عليه سكان محافظة ظفار بنسبة 50 بالمئة".

ويتابع: "الحمد لله شريحة كبيرة من المواطنين والسكان في المحافظة يمتهنون صيد الأسماك".

ويفيد بأن "الأسماك الموجودة حاليا هي السطحية مثل الكنعد والطمكري والسهوة والتونة، وبعض الأسماك القاعية مثل الهامور والحمشكة والثراحه وبلح البحر والاستاكوزا أو الشاروخ".

وعن مواسم الصيد المشهورة في ظفار، يقول: "لدينا مواسم متعددة، فهناك موسم الصرب (الربيع) الذي يبدأ فيه صيد السردين، ويعقبه موسم صيد الكنعد ويبدأ بعد سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).. ويعقب ذلك موسم صيد التونة في فبراير (شباط) ثم موسم صيد الشاروخ في مارس (آذار)".

** "شلات" الصيادين

وللتغلب على طول الوقت ومشقة العمل، يلجأ الصيادون في رحلاتهم إلى الغناء أو "الشلة" لكسر الرتابة وتحفيز أنفسهم على العمل بكلمات حماسية مستوحاة من واقع ثقافي وديني، كما يتضح في أغاني صيادي ظفار.

ويردف سويلم: "موسم الضاغية له عدة أصوات خاصة في خياطة الشبك وفي تحميل المعدات إلى القارب وفي طريقة جر الشباك إلى البحر، فهناك صوت لكل مرحلة من مراحل الإعداد للصيد".

بدوره، يقول الصياد هيثم بن رمضان بيت نصيب: "كل مرحلة لها صوت مختلف أو شلة غير، بداية من خياطة الشبك، فهذه لها شلة أخرى. ثم تأتي مرحلة نقل الشباك إلى القارب ولها صوت مغاير. وهناك شلة أخرى مختلفة عندما ينزل الصيادون إلى البحر ويتم سحب الشباك منه".

ويستطرد، للأناضول: "كل مرحلة من مراحل الصيد لها شلة وإيقاع يتماشى مع طبيعة المرحلة.. حين تحمل العومة السردين ويتم حملها إلى السيارة تكون لها شلة مختلفة وتكون سريعة الإيقاع".

ويتابع: "يعني هناك شلة سريعة وشلة بطيئة على حسب الوظيفة التي نقوم بها، فإذا كان العمل سريعا فإنه يحتاج لشلة سريعة، وإذا كان العمل بطيئا تصاحبه شلة بطيئة حتى يكون هناك تناغم".

ويضرب مثلًا بإحدى الشلات التي يتداولها الصيادون أثناء حمل الشباك على ظهورهم والتي تبدأ بـ"هو يا ينبي وصل عليه. هو يا ينبي ينبي وصل عليه"، وهي شلة تتضمن كلمات الصلاة على النبي محمد استبشارًا بجلب الخير.

ويزيد بقوله: "هو ينبي وصل عليه. صل عليه على رب.. صل عليه.. سمينا باسم الله وصل عليه صل عليه.. الرزق بيد الله وصل عليه صل عليه".

ويوضح أن "هذه الشلات تعود في تأليفها وغنائها إلى القدم، فعمل البحر معروف بأنه شاق ومرهق، ولذلك تم استنباط هذه الشلات لتثير حماس الصيادين أثناء العمل وحتى تخفف من وتيرة التعب على الصيادين وطرد الخوف لديهم".

الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
المواضيع ذات الصلة
Bu haberi paylaşın