"راتب" وساقه المبتورة.. طفل فلسطيني يقاوم الإعاقة بأنبوب بلاستيكي (تقرير)
- الطفل الفلسطيني راتب أبو قليق فقد ساقه ووالدته وشقيقه بغارة إسرائيلية ويعيش اليوم نازحا

Gazze
غزة / محمد ماجد / الأناضول
- الطفل الفلسطيني راتب أبو قليق فقد ساقه ووالدته وشقيقه بغارة إسرائيلية ويعيش اليوم نازحا- اضطر راتب لاستخدام أنبوب مياه بلاستيكي بديلا بدائيا عن طرف صناعي محاولا الحركة واللعب
- راتب واحد بين آلاف مبتوري الأطراف في غزة البالغ عددهم نحو 4800 حالة منهم 18 بالمئة أطفال
- راتب كان متفوقًا في دراسته ويعيش طفولة طبيعية يواجه اليوم العجز والفقد ويحلم بطرف صناعي يعينه
بخطوات متعثرة فوق رمال النزوح، يتوكأ الطفل الفلسطيني راتب أبو قليق على عكازين، يجر أنبوبا بلاستيكيا ثبته مكان ساقه المبتورة، يتخذه بديلا بدائيا عن طرف صناعي لا يتوفر في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل وتجوّع مواطنيه.
غارة إسرائيلية حرمت راتب (10 سنوات) من ساقه الصغيرة، وأثقلت معاناته أكثر بقتل والدته وشقيقه اللذين ما زالا مفقودين تحت أنقاض المكان الذي طاله القصف الجوي بمدينة خان يونس جنوب القطاع.
ومع انعدام العلاج لمبتوري الأطراف وغياب الأطراف الصناعية بسبب الحصار الإسرائيلي، لم يجد راتب سوى حلا بدائيا ليتمكن من الحركة، محاولا اللحاق بأقرانه الأطفال الذين يلهون ويلعبون فيما يقف هو على هامش العجز.
** حلم بطرف اصطناعي
يقول راتب لمراسل الأناضول إن ساقه بُترت جراء قصف إسرائيلي، ما دفعه لاستخدام أنبوب مياه بلاستيكي بديلا بدائيا عن الطرف الاصطناعي حتى يتمكن من اللعب مع أقرانه.
يشير إلى أن والدته وشقيقه قتلا في القصف ذاته، وأنه نزح من شمال غزة قبل نحو ثلاثة أشهر، ولا يزال يعاني من تداعيات إصابته على جسده، معربا عن أمله في أن يتمكن من الحصول على ساق صناعية تعينه على الحركة.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإن أكثر من 22 ألف فلسطيني بحاجة إلى إجلاء طبي، تمنع إسرائيل خروجهم من القطاع.
من جانبه، يقول العم، محمد أبو قليق، إن راتب فقد ساقه بعد أن أصاب القصف الإسرائيلي سيارة كان قريبًا منها أثناء توجهه إلى منزل جده في خان يونس.
ويوضح أن القصف أودى بحياة والدة راتب وشقيقه، وأصاب اثنين من عائلته، فيما نجا راتب ببتر ساقه وإصابات متفرقة بجسده.
ويضيف أن راتب كان كسائر أبناء جيله يلعب ويلهو، وكان متفوقًا في دراسته، لكنه اليوم يواجه حياة مختلفة مليئة بالألم والمعاناة.
ويلفت إلى أنه يتمنى أن يغادر قطاع غزة لتركيب طرف صناعي بسبب غياب الإمكانات الطبية داخل القطاع المحاصر، حتى يتمكن من العودة للعب مع الأطفال كما كان يفعل سابقا.
** ومأساة النزوح
ولا تقتصر معاناة راتب على فقدان ساقه ووالدته وشقيقه، إذ يعيش أيضًا مأساة النزوح المستمر، وكان آخرها قبل أشهر قليلة عندما اضطر لمغادرة مدينة غزة بعد قرار إسرائيل احتلالها وتهجير سكانها.
ويجد نفسه اليوم مشردًا بمدينة دير البلح وسط القطاع، يعيش مرارة التهجير وفقدان الأحبة، بعدما أجبر على النزوح إليها من مدينة غزة، بينما يفتقد والده الغائب خارج القطاع منذ ما قبل اندلاع الحرب.
** طفولة مثقلة بالعجز
مأساة راتب ليست فردية، إذ يشهد قطاع غزة ارتفاعا كبيرا بعدد المبتورة أطرافهم نتيجة الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وسط نقص حاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية.
وفي 21 أغسطس/ آب الماضي، حذر مدير الاتصالات بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" جوناثان فاولر، من أن الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ سنوات طويلة دفع الفلسطينيين إلى "هشاشة مفرطة"، في إشارة إلى حالة الفقر الشديد وانعدام الأمان الصحي والمعيشي.
وأوضح فاولر أن قطاع غزة يسجل اليوم أعلى معدل بتر أطراف بين الأطفال في العالم، حيث يعيش نحو 4 آلاف طفل مبتوري الأطراف، إلى جانب 17 ألف يتيم، فيما قتل أكثر من 18 ألف طفل وأصيب 20 ألفًا آخرون.
وأضاف أن نحو مليون طفل حرموا من التعليم، مشيرا إلى أن هذه الأرقام تختصر حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها القطاع، والأطفال هم رمزها الأوضح.
وفي أغسطس حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن أطفال غزة يموتون بمعدل "غير مسبوق" وسط المجاعة وتدهور الأوضاع نتيجة الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ عامين.
وقال نائب المدير التنفيذي لليونيسف تيد شيبان، عقب زيارته إلى الشرق الأوسط، إن ما يحدث في غزة "غير إنساني"، مضيفًا أن الأطفال يحتاجون قبل كل شيء إلى "وقف إطلاق نار مستدام ومسار سياسي للمضي قُدمًا".
وكررت وزارة الصحة الفلسطينية ومؤسسات أممية وحقوقية التحذير من انهيار شامل للمنظومة الصحية بفعل الاعتداءات المستمرة والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، فضلًا عن انقطاع الوقود المشغّل الرئيسي في ظل انقطاع الكهرباء التام.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلّفت 65 ألفا و502 قتيلا و167 ألفا و376 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 442 فلسطينيا بينهم 147 طفلا.